مع قرب انطلاق معركة الموصل، وتحرير الأراضي العراقيّة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، بدأت المليشيات بالإعداد لمرحلة جديدة تعقب مرحلة المعارك مع التنظيم. مرحلة ستتسم، وفق التوقعات، بحرب الشوارع، قد يطول أمدها، مع ما تحمله من مخاطر على العراق. ولهذه الغاية، تم فتح معسكرات تدريبية خاصة لتلك المليشيات في بغداد وخارجها، مختصّة بالتدريب على قتال الشوارع وبإشراف مدربين إيرانيين. وهو الأمر الذي أثار المخاوف من الجدوى منها، ومن أثرها على التعايش السلمي في البلد، في وقت لم تستطع فيه الحكومة إخراج مخازن الأسلحة الكبيرة لدى تلك المليشيات من داخل المناطق السكنيّة في العاصمة بغداد.
وأعرب مراقبون عن خشيتهم من خطورة وجود تلك المعسكرات، مؤكدين أنّها تؤشر إلى مرحلة جديدة من مراحل المليشيات، وهي الإعداد لحرب الشوارع، بعد انتهاء معركة الموصل، ذاكرين أنّ تلك المعسكرات تمثل تهديداً للتعايش السلمي وإيذاناً بحرب طويلة في المدن والأحياء بين المليشيات والجهات التي تقف بوجه مخططاتها ومشاريعها الفئوية.
وقال المشرف على فوج مغاوير فرقة "العباس"، أحمد نعمة الصافي في بيان، إنّ "الفوج تلقى تدريبات مكثّفة على أيدي أمهر المدربين في الفرقة، إذ زادت من مهارة مقاتلي الفوج القتالية، وخصوصاً اللياقة البدنية وحرب الشوارع والتدريب على مختلف أنواع الأسلحة". وأوضح أنّ "مناهج التدريب تضمنت كيفية تعامل المقاتلين مع الظروف المناخية الصعبة، من بينها السير في الوحل وعبور الأنهر والسباحة والتمويه واستخدام ساحل الأنهر في المناورات العسكرية".
من جهتها، أعلنت لجنة الأمن والدفاع البرلمانيّة عن رفضها لـ"وجود تلك المعسكرات وتدريب أي جهات غير رسمية على حرب الشوارع وغيرها". وقال عضو اللجنة، محمد الكربولي، لـ"العربي الجديد" إنّ لجنته "لن تقبل بوجود معسكرات كهذه، وستتدخل لإيجاد حل لمنعها، لما لها من تأثير سلبي على المجتمع"، مبيناً أنّ "معركة الموصل يجب أن تكون معركة نظيفة وألا ترتكب فيها الانتهاكات الخطيرة كما ارتكبت في بعض المناطق العراقية، وأنّ الحديث عن حرب الشوارع حديث غير منطقي، ولا يمكن جر الموصل إلى حرب الشوارع، بسبب وجود المدنيين فيها، الأمر الذي تكون له مخاطر وخيمة على المواطنين". وحذّر الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، وديع عبد الواحد، من "خطورة هذه المعسكرات على أمن المدن". وأشار إلى "أهمية الحفاظ على السلم المجتمعي في البلاد، وعدم جرها إلى الصراعات الداخلية".