الاحتلال يعاقب بلدة إذنا في الخليل ويحاصرها منذ عملية الشهيد العسود

03 نوفمبر 2024
قوات الاحتلال في شوارع البلدة القديمة بالخليل، 26 سبتمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا خانقًا على بلدة إذنا منذ شهرين، مما أدى إلى منع حركة المواطنين وفرض قيود صارمة على التنقل، مما أثر على الحياة اليومية للسكان.
- يعاني السكان من مداهمات واعتقالات متكررة، مع تركيز الاعتداءات على عائلة الشهيد مهند العسود، ويُمنع المزارعون من الوصول إلى أراضيهم، مما يحرمهم من مصدر رزقهم.
- أدى الحصار إلى تعطيل الحياة اليومية والاقتصادية، مع توقف الحياة الدراسية ومنع الحركة التجارية، مما يزيد من الأعباء على السكان ويثير مخاوف من ديمومة الوضع.

منذ نحو شهرين تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصار بلدة إذنا غرب الخليل جنوبيّ الضفة الغربية، تنفيذًا لسياسة "العقاب الجماعي" التي تنتهجها إسرائيل، خصوصاً أن هذه الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة في حصار إذنا الخانق، أعقبت عملية الشهيد مهند العسود، أحد أبناء البلدة، التي نفّذها عند مدخل حاجز ترقوميا المحاذي للبلدة، وأدت إلى مقتل ثلاثة عناصر من الشرطة الإسرائيلية.

وحوّلت قوات الاحتلال مدخل بلدة إذنا الذي تحيط به أراضي الزيتون، والذي يعتبر مسلك آلاف المواطنين الفلسطينيين في القرى الغربية والجنوبية لمحافظة الخليل، إلى مدخل أشبه بثكنة عسكرية، حيث نصبت قوات الاحتلال جدرانًا خرسانية، وأسلاكًا شائكة، ومكعبات إسمنتية، وبوابة حديدية، ورفعت الأعلام الإسرائيلية، ومنعت أهالي البلدة منذ اليوم الأول من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بالمرور عبر المدخل الرئيسي. 

ومنذ وقوع عملية الشهيد مهند العسود، ينفّذ جيش الاحتلال يومياً عمليات مداهمة لمنازل البلدة بحسب رامي نوفل أحد أهالي إذنا في حديث مع "العربي الجديد". ويقول نوفل: "يتعامل الاحتلال مع البلدة على أنها مقسّمة إلى أحياءٍ عديدة، وفي كلّ فترة ينفذ بحق سكان كل حيّ حملة اعتقالات تستمر لساعات وأيام، وتفتيش منازل، وتخريب مقتنياتها، وتهديد أصحابها، بعد إجراء تحقيق ميداني معهم، وإيصال رسائل تهديدٍ حال وجود أي عمل ضد قوات الاحتلال".

ويلفت نوفل إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تركّز بين فترة وأخرى على ذوي الشهيد مهند العسود، حيث تقتحم منازل العائلة، كما جرى قبل أيام، حيث اقتحم الاحتلال منزل والد الشهيد العسود وأجبرهم على إخلائه بقوة السلاح، قبل أن يلاحقهم في طرقات البلدة عبر إطلاق القنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع. 

وبحسب نوفل، "لم يفتح مدخل بلدة إذنا ولو مرّة واحدة، إلا عند اقتحامات قوات الاحتلال، ما يعني منع حركة المركبات فيه، والسماح بالمرور مشيًا على الأقدام لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم، لكن دون تحديد هذه الساعات، وفي مختلف أوقات اليوم يُنكَّل بالمارّة من البوابة، ويُحتجَزون لساعات، ويُمنعون من العبور ويُعادون ويُدفَعون إلى سلوك طريق تستغرق ساعات طويلة، إضافة إلى منع حركة طلاب المدارس".

عقوبات تطاول المزارعين 

ولم يكتفِ الاحتلال بفرض إجراءات على حركة المواطنين، بل منع أصحاب الأراضي المحاذية لمدخل البلدة من الوصول إليها وقطف الزيتون فيها. ويقول نوفل: "لدينا أرض لا نستطيع الوصول إليها، ويقيم الاحتلال نقطة عسكرية فيها، وبعض أصحاب الأراضي ممن استطاعوا الوصول إلى أرضه طرد منها، وبالتالي حرم الاحتلال عشرات العائلات الوصول إلى أكثر من مئة دونم من الأراضي التي تعدّ مصدر رزقهم، خصوصاً خلال موسم قطف الزيتون". 

ويلفت مسؤول الإعلام في بلدية إذنا، عبد الرحمن طميزي في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن بلدية إذنا حاولت عبر التواصل مع الارتباط المدني الفلسطيني، التنسيق مع الارتباط الإسرائيلي للسماح للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم المحاذية لتمركز جيش الاحتلال، والواقعة خلف جدار الفصل العنصري، من أجل قطف أشجار الزيتون، غير أن ذلك قوبل بالرفض، وتعرّض السكّان الذين حاولوا الوصول إلى أراضيهم لمضايقات واعتداءات مختلفة. 

تعطيل الحياة

وطاول حصار البلدة تعطيل الحياة اليومية للسكان، حيث بات الوصول إلى المدارس والخدمات الأساسية أمراً مرهقاً. ويقول عبد الرحمن طميزي: "كان يستغرق الخروج لقضاء الحاجيات مدة 10 دقائق، ولكن الآن يحتاج إلى ساعات طويلة والمسافات امتدت من 10 كيلومترات إلى أكثر من 30 كيلومتراً، فضلاً عن تعطيل الحياة الدراسية جرّاء الاقتحامات المتكررة في ساعات الصباح التي دفعت المدارس إلى تعليق الدوام المتزامن مع اقتحامات الاحتلال، إضافة إلى تقييد الأوضاع الاقتصادية للسكّان عبر منع الحركة التجارية من إذنا وإليها". 

وأدى الحصار الحالي المفروض على بلدة إذنا إلى إغلاق مدخلها الرئيسي من الشمال، ما جعل البلدة محاصرة بالكامل، وتحيط بها من الشرق مستوطنتا "أدورا وتيلم"، ومن الغرب جدار الفصل العنصري، ومن الجنوب طرق فرعية تربطها بمدينة دورا جنوب الخليل، حيث يقيم الاحتلال حواجز متكررة تعيق حركة السكان باستمرار. يوضح طميزي أنه منذ نحو شهرين اعتقل الاحتلال قرابة 150 مواطنًا من البلدة، جلّهم أُفرِج عنهم بعد إجراء التحقيق معهم في معسكرات المستوطنات، والبعض الآخر منهم حُوِّل للاعتقال الإداري. 

ويتعمد الاحتلال استهداف مقوّمات الحياة اليومية في البلدة، عبر خلق أعباءٍ على كاهل البلدية عبر تعطيل عمل طواقمها، وذلك عبر مصادرة مركبة النفايات الوحيدة وجرارٍ خاص للبلدية منذ نحو شهر ونصف، ورفضهم إعادتهما للبلدية، وذلك انعكس على طبيعة عمل البلدية في جمع النفايات التي تنتشر في البلدة، إضافة إلى اضطرار البلدية إلى تقديم الخدمات الأساسية من المياه والكهرباء، دون القدرة على تحصيل عائدها المادي، نظرًا لانقطاع دخل الآلاف من المواطنين عبر منعهم الخروج من البلدة.

ويلفت طميزي إلى عدم وجود استجابة إسرائيلية رغم المطالبات المتكررة من البلدية عبر الارتباط المدني الفلسطيني ووزارة الحكم المحلي للمطالبة بإرجاع ما صادره الاحتلال من معدّات خاصة بالبلدية، إضافة إلى عدد من مركبات المواطنين التي سرقتها قوات الاحتلال دون أي مبرر. 

حصار متواصل

وتعيش بلدة إذنا، التي تمتد على مساحة 19 كيلومترًا ويسكنها نحو 30 ألف مواطن، تحت حصار مشدد منذ 64 يومًا، حيث يتعرض سكانها لمختلف أشكال الاعتداءات الإسرائيلية، من هدم البيوت والاعتقالات المتكررة إلى التحقيق الميداني والتهديد بالاعتقال، حال وقوع أعمال مشابهة لعملية الشهيد مهند العسود. ويعبّر عبد الرحمن طميزي عن مخاوف الأهالي من أن يصبح هذا الحصار المفروض وضعًا دائمًا، محولًا حياتهم إلى صراع يومي من أجل الوصول إلى أبسط حقوقهم، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية واستمرار المعاناة دون استجابة تذكر.

المساهمون