تخوين الآخر

08 مارس 2015
أخطر عمليات التخوين تحصل بين الفصائل المسلحة(صالح محمود ليلى/الأناضول)
+ الخط -
ثمة أسلوب اتبعه النظام السوري على مدار العقود الأربعة الماضية، كوسيلة للحفاظ على نفسه كمتحكم أوحد بكل شؤون محكوميه، وعدم السماح لعلو أي رأي آخر، حتى لو كان في شأن خدمي أو حتى طبي، فالقيادة "الحكيمة" هي من ترسم السياسات بما يتوافق مع مصلحة الوطن ويحقق أهدافه الكبرى في توحيد العرب، وتحرير القدس، وكل من يتجرأ على مخالفة هذه السياسات، حتى لو بشأن خدمي فهو خائن وعميل ومتآمر على البلد، ويعاقب بتهم كبرى كـ "إضعاف الشعور القومي" و"وهن عزيمة الأمة" و"العمالة للأمبريالية والرجعية" وغيرها من التهم التي تستوجب الاعتقال لسنوات وأحياناً القتل.

ويبدو أن معظم مكونات المعارضة السورية بكل قطاعاتها قد ورثت أسلوب شيطنة الخصم وتخوينه، عن النظام الذي حكمها طوال الفترة الماضية، لدرجة أصبح هذا الأسلوب سمة لديها، وقد قامت بتطويره ليصبح أسلوب عمل تستخدمه فئات منها للنيل من فئات أخرى لمجرد الاختلاف بالرأي معها، وقد تصل الأمور إلى حدود القضاء عليها.
ونظراً لحالة الفوضى التي تسود الوسط المعارض فلم تقتصر سياسة التخوين على قيام مجموعات بتخوين مجموعات أخرى، بسبب خلاف سياسي أو عقائدي، أو حتى خلاف مصلحي، بل تتعداها إلى أن أي فرد قد لا يتوافق مع فرد آخر في الرأي أو المصلحة، يُكيل له تهماً جاهزة قد تصل عقوبتها إلى الموت.

وبالرغم من أن موضوع شيطنة الآخر وتخوينه هو أمر عام لدى المعارضة، إلا أن التنظيمات السلفية الجهادية هي أكثر من استفاد من هذا الأسلوب بسبب طبيعة فكرها الأحادي القائم على إلغاء الآخر، فكل فصيل لا يتوافق مع توجهها هو كافر أو مفسد في الأرض ويجب اجتثاثه، وكل صحافي ينتقدها هو عميل إما للنظام أو للأميركيين، وكل مواطن لا يلتزم بتعليماتها هو مرتد.
ولعل أخطر عمليات التخوين هي تلك التي تحصل بين الفصائل المسلحة، التي كان أبرزها الحملات التي قامت بها جبهة النصرة ضد فصائل الجيش الحر التي بدأت بالقضاء على جبهة ثوار سورية ثم على حركة حزم وبالأمس اشتباكها مع فصائل الجيش الحر في بيت سحم، وهي عمليات تصب بالدرجة الأولى في مصلحة النظام وتضر بمن يفترض أن يكون شريكاً بالقضاء عليه.
المساهمون