تخلّف وتنمية

29 مايو 2016
تصريحات نجيم أثارت الجدل (Getty)
+ الخط -
عندما تتقاطع الذكورية مع السياسة تكون النتيجة، علي نور الدين. وحين تتقاطع مع الرجعية تكون النتيجة، نادين نجيم. ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي في لبنان استنكاراً للتصريحَين اللذَين صدرا عن كلّ منهما بسبب موقفهما من النساء. قيل الكثير وربما قيل ما يجب أن يقال في كلّ منهما. وبينما استنكر الإعلامي نور الدين علاقة النساء بالانتخابات والترشّح لها، استنكرت الممثلة نجيم أن تكون للنساء علاقات حميمة قبل الزواج، وحصرت الأمر بالرجل فقط. ربما لا يعرف نور الدين ونجيم بعضهما، وبالتأكيد كل منهما له نهج حياتي مختلف. لكنّ الممتع في الأمر هو أنّ الاثنين يحملان الرسالة نفسها. "أيتها النساء، عدن إلى المنزل ولا تخرجن منه".

نحن معتادات على خطابات تنضح ذكورية ورجعية من الرجال. قد نشعر بغضب أكبر حين نسمع تصريحاً ذكورياً من امرأة. ألم تواجه نجيم ولو حادثة واحدة في حياتها كفيلة بأن تجعلها امرأة غاضبة؟ ماذا لو أرادت الزواج من غير لبناني مثلاً؟ أو ربما أرادت الانتخاب في بلدتها، لكنها اضطرت أو سوف تضطر بحكم زواجها أن تنقل مكان قيدها إلى خانة زوجها؟ ماذا لو أرادت الانفصال عن زوجها ولم تحصل على حقّ الحضانة؟ مع ذلك، قد تتحول بعض النساء الغاضبات من واقع التمييز والذكورية الإقصائية في مجتمعنا إلى استخدام مصطلح "النساء كارهات للنساء". لكنّ ذلك توصيف تعميمي - تبسيطي، وربما يستخدم ليصف قمة اليأس من واقع مجتمعي - سياسي - اقتصادي - قانوني، يعجّ بالذكورية.

المهم أنّ النساء لسن كارهات للنساء. الذكورية لدى الرجال، أو معظمهم، نهج حياة. أما لدى النساء، فهي آلية دفاعية للاستمرار والبقاء، ولضمان استيعابهنّ ضمن الخانات الاجتماعية المقبولة. ختان النساء في مصر مثلاً، ممارسة تجري تحت إشراف نسائي محض. نساء خضعن لهذه التجربة المهينة والأليمة وبتن عرّابات لها. ذلك في الشكل، أما في المضمون، فإنّ مشكلة ختان النساء هي ممارسة ذكورية - أبوية بامتياز.

في مقابل هذا الكمّ من الذكورية و"الدوز" المرتفع للتخلف الذي صدر في الأسابيع الماضية، كانت هناك مشهدية أخرى يجدر الوقوف أمامها خلال الانتخابات البلدية. ربما أصدق ردّ جاء على كلّ ذلك هو من النساء اللواتي ترشّحن في الانتخابات البلدية مستقلات أو من ضمن لوائح، وأولئك اللواتي ربحن مقاعد في المجالس البلدية، وأبرزهنّ ريما كرنبي التي فازت بأعلى نسبة أصوات في بلدة عرسال، أو اللواتي خضن تجربة العمل البلدي ترشحاً أو رصداً انتخابياً أو عملاً ميدانياً. كلّ ذلك كان كافياً ليشكّل رداً واقعياً على التخلّف.

(ناشطة نسوية)

المساهمون