تخريب "عين الفوّارة".. مشهد مكرّر

19 ديسمبر 2017
تمثال "عين الفوّارة" بعد الاعتداء عليه (العربي الجديد)
+ الخط -

كان مشهداً مثيراً ذلك الذي عاشته مدينة سطيف، شرقي الجزائر، صباحَ أمس الإثنين: ملتحٍ يحمل مطرقةً ويهوي على تمثال "عين الفوّارة"، أبرز المعالم التاريخية في المدينة، مهشّماً وجهَها وثديَيها، قبل أن تتدخّل قوّات الأمن لاعتقاله.

بدا ما حدث كما لو كان مشهداً مكرّراً لحادثة مشابهة تعرّض لها التمثال في 22 نيسان/ إبريل من العام 1997؛ أي خلال الأزمة الأمنية التي يُطلِق عليها الجزائريون تسمية "العشرية السوداء".

في ذلك اليوم، أفاق سكّان سطيف على وقع تفجير نفّذته الجماعات المسلّحة، واستهدف المعلم الأثري الذي تضرّرت أجزاء منه. جرى ترميم التمثال بسرعة قياسية، وعاد منتصباً في مكانه، مع ندوبٍ تُذكّر المارّة بذلك الزمن.

الفرق بين الحادثتَين هو أن الأولى جرت في جنح الليل، بينما جرت الثانية في وضح النهار. بدا المعتدي في أريحية تامّة وهو يهشّم التمثال بمطرقته، وسط حشودٍ تجمهرت في المكان واكتفت بالمشاهدة والتعليق بين مستهجنٍ ومستحسن أيضاً، بينما أخرج البعض هواتفهم النقّالة لتصوير الحادثة بحيادية تامّة.

وعلى عكس الحادثة الأولى، يبدو من الصعوبة بمكانٍ ترميم التمثال وإعادته إلى سابق عهده؛ إذ تُظهِر معاينة قامت بها "العربي الجديد" في موقع الحادث، حجم التخريب الذي طاوله؛ إذ أُزيل ثَديا التمثال الحجري وطُمست ملامح وجهه بشكل كامل.

ولم تصدُر، إلى حين كتابة هذه المتابعة، أيّة ردود فعلٍ رسمية، ولم تُصدر وزارة الثقافة بياناً حول الحادث الذي انتهى باعتقال مرتكبه وتحويله إلى "وكيل الجمهورية" للتحقيق معه.

لم تتّضح هوية المعتدي بعد، وما إذا كان ينتمي إلى تنظيم ما، أم أنه ارتكب جريمته بشكلٍ منعزل. أيّاً كان، فالمؤكّد أن ما قام به يُعدّ انعكاساً لخطابٍ تحريضي معادٍ للفن، ولتمثال "عين الفوّارة" بشكل خاص؛ إذ لطالما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعواتٌ لإزالته بحجّة أنه "صنم" ويجسّد امرأةً عاريةً، وهي الحجّة نفسها التي استند إليها عددٌ غير قليل من الأئمة ورجال الدين الجزائريين الذين "حرّموا" زيارته، ودعوا إلى إزالته.

ويُجسّد تمثال "عين الفوّارة" امرأةً عاريةً يتدفّق الماء من جوانبها الأربعة. ويُعدّ أحد أبرز المعالم الأثرية والسياحية في مدينة سطيف، وقد نحته فنّان يُدعى فرانسيس دو سانت فيدال، تخليداً لامرأة وقع في حبّها حاكم فرنسي فاختطفها من حبيبها، حسب بعض الروايات.

ونُقل التمثال من "متحف الفنون الجميلة" في باريس إلى مدينة سطيف عام 1898، حيثُ نُصب بمحاذاة "المسجد العتيق"، وفُهم حينها أن القصد من وضعه في ذلك المكان تحديداً هو "خدش" الحياء العام. غير أن التمثال أصبح رمزاً للمدينة وجزءاً لا يتجزّأ منها.

المساهمون