تحقيق إسرائيلي يكشف خفايا العلاقات بين المنامة وتل أبيب

11 فبراير 2019
التحقيق: تطورت العلاقات السرية على مدى ربع القرن الأخير(Getty)
+ الخط -
سلطت قناة التلفزة الإسرائيلية "13" مساء أمس الأحد، الضوء على خفايا تطور العلاقة بين البحرين وإسرائيل، إذ أشارت إلى أن الهبّة الشعبية التي اندلعت عام 2011 ضد نظام الحكم في المنامة أقنعت الأخيرة بالعمل بكثافة على تطوير العلاقة مع تل أبيب.

وفي تحقيق بثت القناة الإسرائيلية أولى حلقاته، ضمن سلسلة حلقات ستبث تباعا حول خفايا تطور العلاقات بين إسرائيل ودول خليجية، قال بارك رفيد، معد التحقيق إن اجتماعا عقد قبل عامين بين وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، حيث أبلغها أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة بات معنيا بتطبيع العلاقات مع تل أبيب.

ونقل رفيد عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إن الوزير البحريني طلب من ليفني، التي التقاها في فبراير/شباط 2017، على هامش اجتماعات مؤتمر "الأمن" في ميونخ، أن تنقل رسالة بهذا الخصوص إلى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لافتا إلى أن ليفني كانت تشغل في ذلك الوقت موقع رئيسة المعارضة في الكنيست.

وقالت ليفني في التحقيق إن البحرين تحافظ على موقف متسامح إزاء اليهود، مشيرة إلى أن ملك البحرين عين يهودية تمثّل المملكة في الأمم المتحدة، كما أن حكام المنامة ينظرون بكثير من الإيجابية إلى إسرائيل.

وبحسب التحقيق، فقد تطورت العلاقات السرية بين البحرين وإسرائيل على مدى ربع القرن الأخير، إذ أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية أوكلت مهمة تطوير العلاقة مع المملكة إلى مؤسستين، وهما: "شعبة العلاقات الخارجية" في جهاز الاستخبارات للمهام الخارجية (الموساد) ووزارة الخارجية.

ونقل التحقيق عن دوف فايسغلاس، مدير مكتب رئيس الحكومة الأسبق أرئيل شارون قوله إن الموساد يعمل "كوزارة خارجية في تعاطيه مع الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل". وأشار التحقيق إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية من طرفها عهدت إلى دبلوماسي مخضرم إدارة الاتصالات السياسية والدبلوماسية السرية مع البحرين.

وقالت ليفني في التحقيق إن هذا الدبلوماسي "تحرك بسرية، لكن بحرية مطلقة في البحرين، ومثّل ذراعا طويلة وقوية لإسرائيل هناك بسبب نجاحه الكبير في مراكمة علاقات شخصية مع كبار قادة الحكم في المنامة".

وأشارت الوزيرة الإسرائيلية السابقة إلى أن هذا الدبلوماسي تحول إلى مقرب من دوائر الحكم في المنامة، حيث تمكن في العام 2009 من ترتيب لقاء سري بين الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس وملك البحرين.

وعلى الرغم من أن ليفني قالت إنه يحظر نشر اسم وصورة هذا الدبلوماسي، إلا أن الصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت ووثائق "ويكليكس" قد كشفا اسمه قبل سنوات، وهو بروس كشدان، وهو من مهاجر من بريطانيا.

نقطة التحول الفارقة بالعلاقات

وأوضح التحقيق أن اللقاء السري بين الملك وبيريس مثل نقطة تحول فارقة في العلاقات بين تل أبيب والمنامة، مشيرا إلى أن ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة نشر في يوليو/تموز 2009 مقالا في صحيفة "واشنطن بوست"، حث فيه على "التوجه نحو السلام مع إسرائيل من خلال اتباع سياسة تعليمية تساعد على ذلك وعبر التوجه المباشر للشعب الإسرائيلي لإقناعه بعوائد السلام".

ولفت إلى أن ولي العهد البحريني حث على انفتاح الساسة والمثقفين العرب على الإعلام الإسرائيلي لنقل الرسائل للرأي العام الإسرائيلي بشكل مباشر، لتأكيد أن "التيار المركزي في العالم العربي اختار طريق السلام خياراً استراتيجياً".

وأوضح التحقيق أن نتنياهو رد بعد أسبوع على مقال ولي العهد البحريني خلال مشاركته في حفل نظمته السفارة المصرية في تل أبيب، حيث أشاد بالرسائل التي تضمنها المقال.

وقال الصحافي عكيفا إلدار، الذي كان المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" إنه بعد أن اطلع على مقال ولي العهد البحريني طلب من دان شابيرو، الذي كان رئيس دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي، وأصبح في ما بعد سفيرا في إسرائيل، أن يساعده في تنظيم مقابلة للصحيفة مع ولي العهد.

من جهته، قال شابيرو، الذي يعمل حاليا باحثا رئيسا في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إن البيت الأبيض توجه بالفعل لولي العهد البحريني وطلب منه "بادرة حسن نية عملية" لإسرائيل، مشيرا إلى أن البحرين وافقت على أن يجري إلدار مقابلة مع وزير الخارجية البحريني في نيويورك.

وأضاف شابيرو أن البحرينيين تراجعوا في النهاية وخشوا من ردة الفعل الجماهيرية على الانفتاح على إسرائيل، مشيرا إلى أن تراجع البحرين يدلل على أن هناك حدودا لما يمكن أن يصل إليه نظام حكم عربي "إيجابي" كنظام الحكم في المنامة في علاقته مع إسرائيل.

وعلى الرغم من التراجع عن إجراء المقابلة مع "هآرتس"، فإن قادة البحرين واصلوا إرسال الرسائل الإيجابية إلى إسرائيل.

وبحسب التحقيق، فإن المبعوث الأميركي للمنطقة في ذلك الوقت جورج ميتشل لم يصدق ما سمعته أذناه عندما التقى بولي العهد البحريني، الذي قال له: "نحن العرب مطالبون بتهدئة مخاوف الإسرائيليين وأن نتحدث إليهم بشكل مباشر، وهذا سيسهل على نتنياهو مهمة إقناع الرأي العام لديه بالسلام".

ولفت التحقيق إلى أن الحاخام مارك شناير، الذي لا يتم التعاطي معه بجدية في الولايات المتحدة بسبب علاقاته بمشاهير الفن لدرجة أنه بات قصة رئيسة للصحف الأميركية الصفراء، استغل موقعه الديني في العمل على تعزيز العلاقة بين البحرين وإسرائيل.

وأضاف التحقيق أن شناير، الذي ينشط أحيانا في مجال تقريب وجهات النظر بين أتباع الأديان المختلفة، تمكن من بناء علاقات وثيقة بملك البحرين، الذي قام أخيرًا بتعيينه مستشارا له وكلفه بتعزيز علاقات المملكة باليهود في الولايات المتحدة.

وقال شناير في التحقيق: "أعرف ملك البحرين منذ 2011، حيث كان أول لقاء جمعني به في قصره بالمنامة، لقد كان الحاكم الأول في الخليج الذي تحدث ضد إيران وأنشطتها الإرهابية".

تحول العلاقة إلى قصة غرام بعد الهبّة الجماهيرية

 وخلص التحقيق إلى أن اندلاع الهبّة الجماهيرية في البحرين ضد نظام الحكم حول العلاقة السرية بين المنامة وتل أبيب إلى قصة غرام.

وأشار إلى أن نتنياهو عمد في مقابلة مع قناة التلفزة الأميركية "سي أن أن" إلى الدفاع عن القمع الوحشي الذي استخدمه نظام الحكم في البحرين بقمع الهبة، وهو ما دفع ملك البحرين بالرد بخطوات دراماتيكية تجاه إسرائيل.

ولفت إلى أنه على رأس الخطوات التي أقدم عليها الملك إصراره على تمرير قرار في مجلس التعاون الخليجي باعتبار "حزب الله" تشكيلا إرهابيا.

ونقل شناير عن ملك البحرين قوله إن "الشرط الأوحد لضمان بقاء الصوت العربي قويا ومعتدلا في الخليج يتمثل في أن تبقى إسرائيل قوية".

وأوضح التحقيق أن البحرين لم تنفك عن إرسال بوادر حسن النية تجاه إسرائيل، لا سيما التغريدة التي كتبها وزير الخارجية البحريني في رثاء بيريس.

وبحسب التحقيق، فإنه بعد عدة أشهر من اللقاء بين ليفني ووزير خارجية المنامة، عقد ملك البحرين لقاءً في لوس أنجليس مع قادة يهود أميركيين، حيث أبلغهم أنه يرفض مقاطعة إسرائيل، وأعلن أمامهم أنه قرر رفع الحظر الذي يحول دون قيام المواطنين البحرينيين بزيارة إسرائيل.

وأضاف الحاخام شناير: "لقد كان ملك البحرين مثابرا بتأكيد رغبته في بناء علاقة مع إسرائيل، وإن كانت هناك دولة قام زعميها ببناء قاعدة أساسية لتطوير العلاقات مع إسرائيل فهي البحرين".

ولفت التحقيق إلى أن الرقابة العسكرية سمحت أخيرا بنشر خبر مفاده أن إسرائيل تجري حاليا اتصالات مع البحرين بهدف تطبيع العلاقة بينهما.

ولم يستبعد الجنرال يعكوف منغل، الذي عمل مستشارا للأمن القومي لنتنياهو، أن تطلب السعودية من البحرين تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بهدف قياس ردة فعل الرأي العام العربي والداخلي على الخطوة، قبل أن تقدم الرياض على خطوة مماثلة.

وشدد التحقيق على أن نتنياهو ومستشاريه يعملون حاليا بكثافة ومنذ عدة أشهر من أجل ترتيب زيارة رسمية له إلى البحرين قبل الانتخابات، بهدف تحسين مكانته السياسية والتقليص من تأثير الاتهامات بالفساد ضده.

وأشار التحقيق إلى التدهور الكبير الذي طرأ على الواقع الاقتصادي في البحرين، لافتا إلى أنها تعتمد بشكل خاص على هبات بمليارات الدولارات تقدمها لها السعودية، الكويت، والإمارات.

المساهمون