خضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب (1946) لضغوط "وكالة الاستخبارات المركزية" و"المكتب الفيدرالي للتحقيقات"، وتراجع عن وعده بكشف وثائق اغتيال الرئيس جون ف. كينيدي (1917 ـ 1963)، وهي كثيرة (3100 وثيقة)، علماً أنه قام بكشف 2891 منها فقط. شكّل قراره استياءً كبيراً لدى الوكالة والمكتب معاً، بحجّة أن أسراراً كثيرة يُفترض بها أن تبقى سرّية، بينما أشارت تحليلات إلى أن "قلق" الوكالة والمكتب نابعٌ من وجود وثائق "تفضح تورّطهما" في عملية الاغتيال (!).
منذ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963، انتشر مفهوم "المؤامرة"، خاصّة مع تصفية لي هارفي أوزوالد (1939 ـ 1963)، بعد يومين فقط على اغتيال الرئيس، وهو خارج من السجن بمرافقة أمنيين عديدين، على يدي جاكوب ليون روبنشتاين (1911 ـ 1967)، المعروف بـ "جاك روبي"، والذي "يُتوفّى" بالسجن في ظروف غامضة (3 يناير/ كانون الثاني).
سواء تمّ الكشف عن الوثائق السرّية تلك، كاملةً أو مجتزأة، أو لا، فإن "نبش" المسألة اليوم، والتي يعتبرها كثيرون غير واضحة، بالنسبة إلى شريحة واسعة من الناس، يدعو إلى استعادة نتاجات سينمائية أميركية، تناولت عملية الاغتيال وما قبلها وما بعدها، علماً أن أعمالاً أخرى روت فصولاً من سيرة كينيدي، قبل تولّيه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية (20 يناير/ كانون الثاني 1961) وفي فترتها القصيرة نسبياً (عامان و10 أشهر ويومان).
النتاجات السينمائية متنوّعة. ففي مقابل وفرة الأفلام الروائية الطويلة، هناك كمٌّ من الوثائقيات، التي اهتمّ صانعوها بعملية الاغتيال، كما بمراحل أساسية من فترة رئاسته. وتأتي استعادة 3 منها، مع فتح النقاش حول اغتيال الرئيس الـ 35، قبل أن يخيب أمل مؤرّخين واختصاصيين وملايين الناس، في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، مع تراجع ترامب عن وعده، و"انتصار" من هم على خلافٍ معه، منذ دخوله البيت الأبيض (20 يناير/ كانون الثاني 2017)، أي "وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" و"المكتب الفيدرالي للتحقيقات".
سينمائياً وسياسياً وأمنياً وسجالياً، يبقى JFK 1991 لأوليفر ستون (1946) أكثر الأفلام كشفاً وتلميحاً وصداماً، وأجمل الأصناف الدرامية والجمالية والفنية اشتغالاً، في لائحة الأفلام الروائية الطويلة، المعنيّة باغتيال الرئيس كينيدي: مزيجٌ من التوثيق والدراما والوقائع والنقد المتنوّع والحادّ لجماعات عديدة، "يتّهمها" الفيلم (سيناريو ستون وزاكاري سكلار، وهو مقتبس عن كتاب للمدّعي العام جيم غارّيسون، الذي اشتهر بفضل دورٍ كبيرٍ له في أحد التحقيقات المتعلّقة بالاغتيال نفسه) بتصفية "الرئيس المزعج" لأقطابٍ في السياسة والأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية.
JFK ـ الذي بلغت ميزانيته الإنتاجية 40 مليون دولار أميركي، وحقّقت إيراداته الدولية نحو 205 ملايين و405 آلاف دولار أميركي ـ يروي حكاية غارّيسون نفسه (كيفن كوستنر)، أثناء قيامه بالتحقيقات الميدانية واسعة النطاق، التي تؤدّي به إلى فضح "مؤامرة" موضوعة ضدّ الرئيس منذ فترة مديدة، اشترك فيها معارضون كوبيّون ورجال أعمال وتجار أسلحة وعملاء تابعون للوكالة والمكتب.
هذه تلميحات يُقدّمها أوليفر ستون في قالب سينمائيّ، تطلّب منه تصوير مئات الساعات، محوّلاً إياها إلى فيلم تدور أحداثه كلّها في 189 دقيقة، وهي النسخة المتداولة تجارياً، بينما النسخة المعروفة بالـ Director’s Cut بلغت مدّتها 206 دقائق. والتلميحات هذه لن تكتفي بما ورد في كتاب غارّيسون فقط، لأن جزءاً من الفيلم يعتمد على تحقيقات قام بها الصحافي الأميركي المستقلّ جيم مارّس.
و"المؤامرة"، إن صحّ وجودها، نواة درامية لـ "عمل تنفيذي" (Executive Action)، الذي حقّقه ديفيد ميلر (1909 ـ 1992) عام 1973 (العنوان الفرنسي أقرب إلى المفهوم المتداول في عملية الاغتيال: "مؤامرة في دالاس"). المفارقة الأولى كامنةٌ في الوصف الممنوح لنوعه: "دراما تاريخية"، و"ثريلر عن المؤامرة". مقدّمة الفيلم تُفيد أن مقطعاً منه تمّ حذفه بسبب "الرقابة"، يتضمّن قولاً للرئيس ليندون جونسن (1908 ـ 1973) ـ الذي تولّى رئاسة البلد مباشرة بعد اغتيال كينيدي ـ ذكره في حوارٍ تلفزيوني (2 مايو/ أيار 1970)، وعبّر فيه عن "شكوكٍ" لديه بـ "إمكانية" وجود "مؤامرة"، أفضت إلى تنفيذ تلك العملية. بينما المضمون العام يعود إلى 5 يونيو/ حزيران 1963، عندما التقى عاملون في الصناعة والسياسة والاستخبارات، في منزل فخم لأحد الأثرياء، يشتركون في استيائهم الشديد من سياسات كينيدي، ويحاولون إقناع أحد أقطاب تجارة النفط لدعمهم في تنفيذ عملية اغتيال الرئيس.
أحد اختصاصيي العمليات السرّية (بيرت لانكستر) يُقدِّم خطة، تقضي بإطلاق الرصاص على "الهدف" من 3 جهات، وتقديم "كبش فداء" يتحمّل مسؤولية الاغتيال. يذهب الفيلم إلى أماكن مختلفة، وتدريبات عديدة، واختبارات جمّة لاختيار منفّذي العملية، قبل عثورهم على أوزوالد، ووضعه في واجهة المشهد.
التفاصيل السينمائية دقيقة، وهي تتشابه ووقائع العملية وأحداثها اللاحقة، في حين أن ما سبقها يبقى نتاج مخيّلة ومعطيات وتحقيقات صحافية، في آنٍ واحدٍ، يضعها دونالد فْرِيد ومارك لاين في كتاب لهما بالعنوان نفسه (سيناريو دالتون ترومبو)، صدر عام 1974. والفيلم يُعتبر أول عمل سينمائي يتناول الاغتيال، وينتقد بشدّة "لجنة وارّن"، التي شكّلها جونسن في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963 للتحقيق في الاغتيال.
ثالث الأفلام المهمّة، التي تنقل جانباً آخر من الحادثة المأسوية، والتي هزّت أميركا والعالم، يحمل اسم "باركلاند" (Parkland)، الذي حقّقه بيتر لاندسمان (1963)، عام 2013، مقتبساً إياه (هو كاتب السيناريو أيضاً) عن كتاب "استعادة التاريخ: اغتيال الرئيس جون أف. كينيدي" (أو "4 أيام في نوفمبر: اغتيال الرئيس جون أف. كينيدي")، الذي أصدره المدّعي العام فنسنت بوغليوزي (1934 ـ 2015)، عام 2007، وهو أحد الذين عملوا على القضية أيضاً.
المختلف في الفيلم أن أحداثه مرتكزة على 3 اتجاهات: قسم الطوارئ في "مستشفى باركلاند التذكاري"، حيث نُقل الرئيس كينيدي فور تعرّضه لإطلاق الرصاص؛ واللقطات الخاصّة بالعملية وما تلاها، وقد صوّرها أبراهام زابرودر (بول جياماتي) بكاميرا هواة؛ واكتشاف روبرت لي أوزوالد (جيمس بادج دايل) أن المشتبه الأول بجريمة الاغتيال هو شقيقه هارفي.
اقــرأ أيضاً
منذ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963، انتشر مفهوم "المؤامرة"، خاصّة مع تصفية لي هارفي أوزوالد (1939 ـ 1963)، بعد يومين فقط على اغتيال الرئيس، وهو خارج من السجن بمرافقة أمنيين عديدين، على يدي جاكوب ليون روبنشتاين (1911 ـ 1967)، المعروف بـ "جاك روبي"، والذي "يُتوفّى" بالسجن في ظروف غامضة (3 يناير/ كانون الثاني).
سواء تمّ الكشف عن الوثائق السرّية تلك، كاملةً أو مجتزأة، أو لا، فإن "نبش" المسألة اليوم، والتي يعتبرها كثيرون غير واضحة، بالنسبة إلى شريحة واسعة من الناس، يدعو إلى استعادة نتاجات سينمائية أميركية، تناولت عملية الاغتيال وما قبلها وما بعدها، علماً أن أعمالاً أخرى روت فصولاً من سيرة كينيدي، قبل تولّيه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية (20 يناير/ كانون الثاني 1961) وفي فترتها القصيرة نسبياً (عامان و10 أشهر ويومان).
النتاجات السينمائية متنوّعة. ففي مقابل وفرة الأفلام الروائية الطويلة، هناك كمٌّ من الوثائقيات، التي اهتمّ صانعوها بعملية الاغتيال، كما بمراحل أساسية من فترة رئاسته. وتأتي استعادة 3 منها، مع فتح النقاش حول اغتيال الرئيس الـ 35، قبل أن يخيب أمل مؤرّخين واختصاصيين وملايين الناس، في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، مع تراجع ترامب عن وعده، و"انتصار" من هم على خلافٍ معه، منذ دخوله البيت الأبيض (20 يناير/ كانون الثاني 2017)، أي "وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" و"المكتب الفيدرالي للتحقيقات".
سينمائياً وسياسياً وأمنياً وسجالياً، يبقى JFK 1991 لأوليفر ستون (1946) أكثر الأفلام كشفاً وتلميحاً وصداماً، وأجمل الأصناف الدرامية والجمالية والفنية اشتغالاً، في لائحة الأفلام الروائية الطويلة، المعنيّة باغتيال الرئيس كينيدي: مزيجٌ من التوثيق والدراما والوقائع والنقد المتنوّع والحادّ لجماعات عديدة، "يتّهمها" الفيلم (سيناريو ستون وزاكاري سكلار، وهو مقتبس عن كتاب للمدّعي العام جيم غارّيسون، الذي اشتهر بفضل دورٍ كبيرٍ له في أحد التحقيقات المتعلّقة بالاغتيال نفسه) بتصفية "الرئيس المزعج" لأقطابٍ في السياسة والأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية.
JFK ـ الذي بلغت ميزانيته الإنتاجية 40 مليون دولار أميركي، وحقّقت إيراداته الدولية نحو 205 ملايين و405 آلاف دولار أميركي ـ يروي حكاية غارّيسون نفسه (كيفن كوستنر)، أثناء قيامه بالتحقيقات الميدانية واسعة النطاق، التي تؤدّي به إلى فضح "مؤامرة" موضوعة ضدّ الرئيس منذ فترة مديدة، اشترك فيها معارضون كوبيّون ورجال أعمال وتجار أسلحة وعملاء تابعون للوكالة والمكتب.
هذه تلميحات يُقدّمها أوليفر ستون في قالب سينمائيّ، تطلّب منه تصوير مئات الساعات، محوّلاً إياها إلى فيلم تدور أحداثه كلّها في 189 دقيقة، وهي النسخة المتداولة تجارياً، بينما النسخة المعروفة بالـ Director’s Cut بلغت مدّتها 206 دقائق. والتلميحات هذه لن تكتفي بما ورد في كتاب غارّيسون فقط، لأن جزءاً من الفيلم يعتمد على تحقيقات قام بها الصحافي الأميركي المستقلّ جيم مارّس.
و"المؤامرة"، إن صحّ وجودها، نواة درامية لـ "عمل تنفيذي" (Executive Action)، الذي حقّقه ديفيد ميلر (1909 ـ 1992) عام 1973 (العنوان الفرنسي أقرب إلى المفهوم المتداول في عملية الاغتيال: "مؤامرة في دالاس"). المفارقة الأولى كامنةٌ في الوصف الممنوح لنوعه: "دراما تاريخية"، و"ثريلر عن المؤامرة". مقدّمة الفيلم تُفيد أن مقطعاً منه تمّ حذفه بسبب "الرقابة"، يتضمّن قولاً للرئيس ليندون جونسن (1908 ـ 1973) ـ الذي تولّى رئاسة البلد مباشرة بعد اغتيال كينيدي ـ ذكره في حوارٍ تلفزيوني (2 مايو/ أيار 1970)، وعبّر فيه عن "شكوكٍ" لديه بـ "إمكانية" وجود "مؤامرة"، أفضت إلى تنفيذ تلك العملية. بينما المضمون العام يعود إلى 5 يونيو/ حزيران 1963، عندما التقى عاملون في الصناعة والسياسة والاستخبارات، في منزل فخم لأحد الأثرياء، يشتركون في استيائهم الشديد من سياسات كينيدي، ويحاولون إقناع أحد أقطاب تجارة النفط لدعمهم في تنفيذ عملية اغتيال الرئيس.
أحد اختصاصيي العمليات السرّية (بيرت لانكستر) يُقدِّم خطة، تقضي بإطلاق الرصاص على "الهدف" من 3 جهات، وتقديم "كبش فداء" يتحمّل مسؤولية الاغتيال. يذهب الفيلم إلى أماكن مختلفة، وتدريبات عديدة، واختبارات جمّة لاختيار منفّذي العملية، قبل عثورهم على أوزوالد، ووضعه في واجهة المشهد.
التفاصيل السينمائية دقيقة، وهي تتشابه ووقائع العملية وأحداثها اللاحقة، في حين أن ما سبقها يبقى نتاج مخيّلة ومعطيات وتحقيقات صحافية، في آنٍ واحدٍ، يضعها دونالد فْرِيد ومارك لاين في كتاب لهما بالعنوان نفسه (سيناريو دالتون ترومبو)، صدر عام 1974. والفيلم يُعتبر أول عمل سينمائي يتناول الاغتيال، وينتقد بشدّة "لجنة وارّن"، التي شكّلها جونسن في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963 للتحقيق في الاغتيال.
ثالث الأفلام المهمّة، التي تنقل جانباً آخر من الحادثة المأسوية، والتي هزّت أميركا والعالم، يحمل اسم "باركلاند" (Parkland)، الذي حقّقه بيتر لاندسمان (1963)، عام 2013، مقتبساً إياه (هو كاتب السيناريو أيضاً) عن كتاب "استعادة التاريخ: اغتيال الرئيس جون أف. كينيدي" (أو "4 أيام في نوفمبر: اغتيال الرئيس جون أف. كينيدي")، الذي أصدره المدّعي العام فنسنت بوغليوزي (1934 ـ 2015)، عام 2007، وهو أحد الذين عملوا على القضية أيضاً.
المختلف في الفيلم أن أحداثه مرتكزة على 3 اتجاهات: قسم الطوارئ في "مستشفى باركلاند التذكاري"، حيث نُقل الرئيس كينيدي فور تعرّضه لإطلاق الرصاص؛ واللقطات الخاصّة بالعملية وما تلاها، وقد صوّرها أبراهام زابرودر (بول جياماتي) بكاميرا هواة؛ واكتشاف روبرت لي أوزوالد (جيمس بادج دايل) أن المشتبه الأول بجريمة الاغتيال هو شقيقه هارفي.