تحريك أسواق الكويت... إقبال كبير للوافدين على الملابس والإلكترونيات

29 اغسطس 2020
توقعات بهبوط الاستهلاك بعد الانتعاش (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه الأسواق الكويتية حالة من التدهور الاقتصادي نتيجة التداعيات الخطيرة لجائحة كورونا، إلا أن محال بيع الملابس والمتاجر الإلكترونية شهدت إقبالا واسعا خلال شهر أغسطس/ آب، حيث بلغ إجمالي المبيعات في هذين القطاعين خلال 20 يوما فقط نحو 680 مليون دولار، وفقا لبيانات الشبكة المصرفية للخدمات الآلية التي اطلعت عليها "العربي الجديد".

وأكد عدد من الخبراء والمطلعين على الحركة التجارية أن هذا الارتفاع بجزء كبير منه مرده إلى الوافدين الذين يشترون عدداً من السلع لعائلاتهم بعد صدور قرارات ترحيل عشرات الآلاف منهم إلى بلدانهم. ورصدت الشبكة المصرفية ارتفاعاً كبيراً في مبيعات الملابس الجاهزة والإلكترونيات وصل إلى نسبة 120 في المائة بالمقارنة مع شهر يوليو/ تموز، الذي شهد عزوفا كبيرا عن الشراء بعد فترة توقف طويلة عن استهلاك الكثير من السلع، بسبب الإجراءات التي اتخذتها السلطات الكويتية، خاصة الإغلاق، لمواجهة تفشي فيروس كورونا في البلاد.

وبحسب البيانات الصادرة، شهدت المرحلة الأولى من خطة العودة التدريجية للحياة الطبيعية إقبالا متفاوتا، وذلك في أعقاب فترة الحظر الشامل، حيث بلغ إجمالي المبيعات في شهر يونيو/ حزيران نحو 310 ملايين دولار، ثم تراجعت المبيعات خلال يوليو/ تموز إلى ما يقارب 275 مليون دولار.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

وكانت الحكومة الكويتية قد وضعت خطة للعودة إلى الحياة الطبيعية تتضمن خمس مراحل، بعد أشهر من الإجراءات الاحترازية شهدت فرض الحظر الجزئي ثم الحظر الشامل في شهر مايو/ أيار الماضي الذي توقفت فيه المبيعات بشكل كامل، في حين بدأت المرحلة الأولى من خطة العودة بإعادة فتح المتاجر والمجمعات بإجراءات احترازية مشددة.

وخلال فترة الحظر الجزئي التي شهدت إغلاق الأنشطة التجارية، لجأت متاجر بيع الملابس الجاهزة والأجهزة الإلكترونية إلى الترويج الإلكتروني من خلال مواقع الشركات أو شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة في محاولة لتعويض خسائرها الناجمة عن التوقف الإجباري والبيع من خلال خدمة التوصيل إلى المنازل.

وشرح الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة لـ "العربي الجديد" أن نسبة كبيرة من الوافدين عادوا إلى أعمالهم من جديد بعد فترة توقف شهدت تسريح مئات الآلاف منهم، وبالتالي أصبحت لديهم المقدرة نوعا ما على شراء الملابس الجاهزة والإقبال على الشراء بشكل عام.

ولفت سلامة إلى أن نسبة كبيرة من الموجة الشرائية الأخيرة كانت للوافدين الراغبين في العودة النهائية إلى بلدانهم، إذ يحرص هؤلاء على شراء الملابس والهدايا قبل مغادرة الكويت، وهذا الرواج في الأسواق يحدث كل عام قبل سفر الوافدين لقضاء العطلة السنوية في بلدانهم، غير أنه في هذا العام لا يمتلك الوافد رفاهية قضاء العطلة بين أهله أو السفر بسبب القيود المفروضة، وبالتالي فإن المسافرين هذا العام هم المغادرون بصورة نهائية.

وعلى الرغم من النشاط الإيجابي الذي شهدته الأسواق في الكويت، حذر سلامة من تراجع المبيعات بشكل عام خلال الأشهر المقبلة بسبب خطط ترحيل الوافدين والهجرة الواسعة للمقيمين بحثا عن الاستقرار الوظيفي في دول ترحب بالعمالة الوافدة.

وشهدت الآونة الأخيرة عروضا واسعة من محال ومتاجر الملابس الجاهزة بهدف جذب المواطنين والمقيمين للإقبال على الشراء، فضلا عن خصومات بلغت في بعض الأحيان الـ 70 في المائة.

وفي السياق، قال مصدر مصرفي كويتي لـ "العربي الجديد" إن النسبة الكبرى من المبيعات خلال شهر أغسطس/ آب كانت للوافدين الذي أقبلوا على الشراء بصورة غير مسبوقة، فيما تراجع إقبال المواطنين في الشهر ذاته.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن المواطنين أقبلوا على شراء الملابس الجاهزة في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز، بصورة كبيرة، في الوقت الذي شهد تراجعا كبيرا من الوافدين لأسباب عديدة، غير أن الوافدين عادوا للشراء بكثافة خلال الشهر الحالي. وتحاول السلطات الكويتية تشديد الإجراءات ضد الوافدين بعد حملات غير مسبوقة في مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بمعالجة قضية التركيبة السكانية وترحيل الوافدين، الأمر الذي أدى إلى استجابة حكومية حيث أعلن مجلس الوزراء الكويتي أخيراً عن خطط لترحيل مئات الآلاف من الوافدين من خلال تقييد إجراءات تجديد الإقامات لمن بلغ الـ 60 عاما وعدم استقدام عمالة جديدة، فضلا عن إجراءات أخرى تستهدف تقليص أعداد الوافدين وإحلال المواطنين بدلا منهم.

وأكد الخبير الاقتصادي الكويتي علي الموسى أن هناك عدة أسباب للإقبال غير المسبوق على شراء الملابس في شهر أغسطس، أهمها عدم سفر المواطنين هذا العام الذي ساهم بصورة كبيرة في الإنفاق داخل الكويت، فضلا عن وجود مدخرات مالية لدى المواطنين بسبب تأجيل الأقساط الاستهلاكية لمدة 6 أشهر بسبب تداعيات جائحة كورونا.

وقال الموسى خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن العروض التي طرحتها المتاجر خلال الفترة الماضية ساهمت أيضا في الرواج، مشيرا إلى أن المحال التجارية لديها بضائع منذ العام الماضي وتريد التخلص منها من خلال تخفيض أسعارها، غير أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن عودة الوافدين لأعمالهم قد تكون السبب الأهم لهذا الإقبال.

وكان بنك الكويت الوطني قد أشار إلى استعادة الإنفاق الاستهلاكي وتيرة النمو في بداية الربع الثالث، ليعكس بذلك اتجاهه الهبوطي الذي لازمه على مدى الأشهر الماضية، لافتاً إلى أن إعادة فتح بعض الأنشطة الاقتصادية قابلها تزايد للطلب الاستهلاكي المكبوت.

وتشير التوقعات إلى أن نمو الإنفاق الاستهلاكي قد يرتفع في أغسطس/ آب، في ظل تخفيف المزيد من القيود، قبل أن يعاود التراجع مجدداً بالتزامن مع هدوء ستشهده وتيرة الانتعاش، مع إعادة فتح الاقتصاد. وأوضح البنك في تقريره الاقتصادي أن المخاوف المحيطة بالأمان الوظيفي، وحالة عدم اليقين الاقتصادي، تمثل أعباءً شديدة على ثقة المستهلك بصفة عامة.

وتواجه شركات القطاع الخاص الكويتي أزمة حادة تهدد استمرارية العمل والإنتاج بسبب هجرة العمالة الوافدة وعدم تمكن عشرات الآلاف من الوافدين من العودة إلى الكويت بسبب استمرار غلق المطار حتى الآن. وتقدر أعداد الوافدين خارج الكويت خلال الـ 6 أشهر الماضية بنحو 110 آلاف وافد، بحسب بيانات حكومية اطلعت عليها "العربي الجديد"، فيما تواجه 78 في المائة من الشركات شبح الانهيار، وفق مصدر مسؤول.

المساهمون