تنطلق، اليوم السبت، في العاصمة القطرية الدوحة، النسخة التاسعة عشرة من "منتدى الدوحة"، الذي يعد منصّة عالمية للحوار، تجمع قادة الرأي وصنّاع السياسات حول العالم، لطرح حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق. ويُقام المنتدى هذا العام تحت شعار "الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب"، ويناقش ملفات إقليمية ملحّة، منها مسارات السلام في سورية وتأجيج الصراعات في أفريقيا.
وبحسب اللجنة المنظمة للمؤتمر، يشهد منتدى الدوحة 2019 عودة الشركاء الاستراتيجيين الذين تعاون معهم المنتدى في نسخته الماضية، ومن بينهم مجموعة الأزمات الدولية، والمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ومؤتمر ميونخ للأمن، حيث ستقدم كل جهة خبرتها ورؤيتها حول مجموعة من التحديات الرئيسية الأشد إلحاحاً في العالم، والتي تتمحور حول الأمن والدفاع والأزمات الإنسانية والعلاقات الخارجية.
ويتناول منتدى الدوحة 2019 عدداً من الموضوعات والقضايا الرئيسية، مثل أحدث الاتجاهات والتحولات العالمية، والتكنولوجيا والتجارة والاستثمار ورأس المال البشري، وعدم المساواة والأمن وحوكمة الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى قضايا الدفاع والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والمنظمات الأهلية وقضايا الثقافة والهوية.
وتشهد نسخة هذا العام إطلاق جائزة المنتدى، التي ستُمنح للمرة الأولى لفردٍ أو لمؤسسة استطاعت أن تحقق إنجازاً ملموساً، ينبع من القيم الأساسية التي يتبناها المنتدى، وهي الحوار والدبلوماسية والتعددية.
وسيكون رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، متحدثاً رئيساً في المنتدى هذا العام، وسيُسلَّم "جائزة منتدى الدوحة"، تقديراً لجهوده في القيادة، ولرفع صوت بلاده، والمبادرات التي نفذها في التعريف بها دولياً، بحسب ما كشف القائم بأعمال السفير الماليزي في الدوحة، محمد شهير صبر الدين، وفقاً لموقع وكالة الأنباء الوطنية الماليزية "برناما".
ويشارك وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، ومستشارة الرئيس الأميركي إيفانكا ترامب، في منتدى الدوحة، ويجتمعان بقادة حكوميين وفي مجال الأعمال، بشأن الأهداف الاقتصادية الرئيسية. وذكر بيان للسفارة الأميركية في قطر أن الوزير منوتشين ومستشارة الرئيس سيعقدان أيضاً اجتماعات ثنائية لتعزيز الشراكات الاقتصادية ومناقشة مبادرات تمكين المرأة اقتصادياً، والترويج للسياسات الاقتصادية المعززة للتنمية. بالإضافة إلى ذلك، سيعقد الوزير الأميركي اجتماعات مع نظرائه لمناقشة المبادرات الأمنية الوطنية لمكافحة الإرهاب ووقف التمويل غير المشروع له.
سورية وأفريقيا
وتنطلق أعمال المنتدى، بجلسة افتتاحية، تليها جلسة عامة بعنوان "الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب". وتعقد جلسات عدة موازية بعنوان "من يقع على عاتقه التصدي لتحديات الهجرة؟"، ميزان القوى الجديد بعد الاتفاق العالمي، وطاولة مستديرة حول "سورية: مسارات تحقيق السلام"، و"حروب الوكالة في أفريقيا".
ويخصص المنتدى جلسة حول "تفكيك حروب الوكالة في أفريقيا: ليبيا والقرن الأفريقي"، انطلاقاً من تعامل القوى العالمية مع الصراعات في مختلف أنحاء العالم بإحدى طريقتين: إما بتجاهلها وغضّ الطرف عنها، أو بتأجيجها للنيل من خصومها. وستجمع الجلسة نخبةً من كبار صناع السياسات والخبراء لمناقشة أفضل السبل لتنسيق الجهود العالمية والإقليمية والمحلية، بهدف تخفيف آثار بعض من الصراعات الأكثر دموية التي تشهدها أفريقيا ومحاولة إيجاد حلول نهائية لها.
الأمن الإقليمي ضرورة ملحة
ويناقش منتدى الدوحة قضية الأمن الإقليمي انطلاقاً من الحاجة الضرورية والملحّة لتأسيس هيكلية شاملة وفعالة للأمن الإقليمي. وبرؤيته، فإن مجلس التعاون الخليجي يمثل المنتدى الأوحد المتعدد الأطراف الذي يُعنى بقضايا الأمن في الإقليم، لكنه يعاني جملة من القيود. فقد تأسس المجلس في الأصل لتشكيل منظومة دفاع مشترك، ولكن هيكليته لا تتضمن أيّ آلية لإدارة الأزمات أو حلّ النزاعات. وعلاوة على ذلك، يستبعد المجلس عدداً من القوى المهمة الأخرى التي تقع خارج المنظومة، ولكنها معنية أيضاً بالأمن الإقليمي. وبرؤية المنتدى، فإن تأسيس منظمة جديدة متعددة الأطراف قد يوفر إطاراً إقليمياً تبرز الحاجة إليه من أجل خفض التوترات، وإدارة الأزمات، والحيلولة دون نشوب نزاعات، وحفظ التوازنات في مواجهة المخاطر الإقليمية، وبناء الثقة. ويتباحث المشاركون في ورشة عمل للوقوف على النموذج الأمثل لتحقيق الأمن الإقليمي الشامل في منطقة الخليج، ومناقشة المبادئ والإجراءات والآليات اللازمة لتيسير النقاشات بشأن تأطير هذا النموذج.
كذلك يعقد المنتدى جلسةً لمركز الأعمال حول اتجاهات الاستثمار في الأسواق الناشئة، وينظم جلسة نقاش في طاولة مستديرة حول الوقاية من التطرف وبناء مجتمعات قادرة على الصمود في الدول الهشة، ويخصص جلسة لقاء خاص مع نائب رئيس الوزراء القطري السابق، وزير الطاقة والصناعة السابق عبد الله بن حمد العطية. فيما تناقش جلسة لمركز الأعمال، تطوير قطاع التكنولوجيا الفائقة في روسيا: آفاق استثمارات رؤوس أموال المخاطرة. وتناقش جلسة عامة أخرى مستقبل الغاز الطبيعي المسال في الوفاء بالطلب العالمي على الطاقة. وتعقد جلسة حول التكنولوجيا وتحديات الحوكمة العالمية، وطاولة مستديرة تناقش العلاقات الأميركية الصينية ومستقبل النظام الدولي القائم على القواعد، وجلسة لمركز الأعمال بعنوان نظرة استشرافية على الاستثمار في عام 2020.
ويبحث المنتدى في قضايا التطرف والإرهاب، حيث يعقد جلسة حول الدفع صوب إعادة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوطانهم، وأخرى حول "كيف يستميل تنظيم الدولة النساء؛ وكيف تكسب النساء الحرب على تنظيم الدولة؟ وهل يمكن إعادة دمج النساء العائدات والمبعدات من تنظيم الدولة في مجتمعاتهن وأن يساهمن في تنميتها؟ وما الأدوات والتجهيزات الأساسية اللازمة لتمكين الأفراد والمجتمعات من بدء حياة جديدة؟".
ويشهد المنتدى عقد جلسات عامة عدة، يناقش فيها "التعاون الأمني متعدد الأطراف: تحقيق الاستقرار عبر التعاون"، ويخصص جلسة عامة بعنوان: "اللا نظام العالمي: والتصدي لتحديات الأمن العالمي المستجدة بالحلول المبتكرة"، وأخرى بعنوان "خصوم غير تقليديين: مناهضة الجماعات المتطرفة والجهات الفاعلة غير الرسمية". وتُعقد جلسة حول قواعد الاشتباك في النزاعات غير العسكرية وصون حقوق الإنسان في أوقات الأزمات، وطاولة مستديرة تستعرض نماذج حديثة لحوكمة المحتوى على شبكة الإنترنت وجلسة حول "التمويل الإسلامي: الاتجاهات والفرص". وتخصص جلسة حول القيادة العالمية الأميركية في عام 2020 وما بعده، وقضية التسابق الجيوسياسي على قيادة التكنولوجيا في القرن الآسيوي، وجلسة عامة حول "الأمم المتحدة بعد 75 عاماً: أوان التجديد والابتكار"، إضافة إلى مواضيع أخرى.