تحالف سني ولكن..

30 مارس 2015
+ الخط -
بعد التمادي الإيراني بالوقاحة تجاه التدخل في شؤون العرب، خصوصاً في العراق وسورية والخليج، كان للعرب موقف آخر وأشد حزماً بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان ملفتاً للنظر منذ توليه السلطة في قوة شخصيته وحزمه في اتخاذ القرارات، وكيف أدار البيت السعودي في أول دقائق حكمه.

مع سقوط بغداد سنة 2003، انتقمت المخابرات الإيرانية من العراق بكل السبل والطرق، وعملت على تقوية الجبهة الطائفية في العراق، ورجحت من كفة الطائفة الشيعية، وهمشت سنّة العراق، وعملت على تصفية العلماء، واستهدفت قيادات السنّة، وجعلت من سنّة العراق أقلية مضطهدة، في ظل سكوت وجمود عربيين. إلا أن عام 2006 شهد ظهور قوة جديدة في العراق، لتبني دور الدفاع عن السنّة ضد النفوذ الإيراني في العراق.

وليس بعيداً عن العراق، كانت إيران حاضرة بقوة في لبنان وسورية، وعملت على ترجيح الكفة لصالح حلفائها في لبنان وسورية، خصوصاً بعد الثورة السورية، فما كان من نظام الأسد الذي حظي بدعم إيراني كبير، إلا أن يثبت ولاءه لها، ويقدم لها كل التسهيلات للدخول إلى الأراضي السورية، لتتمدد الطائفة الشيعية بين لبنان وسورية، وليتم تهميش السنّة، وفعل ما يحلو لهم بالسنّة. لكن، كما ظهرت القاعدة، وعلى شكل أفراد في العراق، ظهرت القاعدة في سورية كرد فعل على السلوك الإيراني، وبعدها ظهرت داعش في العراق وسورية عبئاً كبيراً على السنّة.

استمر النفوذ الإيراني بالتمدد في المنطقة العربية، من دون رقيب أو حسيب، وكان آخر أشكال هذا التمدد الانقلاب الحوثي، بمساعدة علي عبد الله صالح وألويته، وسيطرة المليشيات الحوثية على صنعاء ومدن كثيرة، ما أثار حفيظة العرب السنّة الذين طفح كيلهم، فأنشأوا تحالفاً سنّياً غير مسبوق، وبصفة رسمية، ليشن حرباً على ذراع إيران في اليمن، وتوجيه ضربات قاسية لها، وبتأييد من كبريات دول السنّة في العالم، تركيا وباكستان، والتي تعتبر من القوى العسكرية في العالم، ويحسب حسابها.

التحالف السنّي المتماسك، وإن كان مليئاً بالتناقضات في تركيبته الداخلية، نجح في احتواء دول عربية جديدة تحت عباءته، كانت في زمن غير بعيد موالية لطهران، فمشاركة السودان في التحالف تعتبر صفعة قوية لطهران، وهذا يحسب للملك سلمان الذي مد يده لجميع المكونات السنّية، ومنها الإخوان المسلمين، وهذا التحالف الذي يقف، اليوم، في وجه إيران بقوة، وبقيادة السعودية، الحليف الأكبر للولايات المتحدة، لكن هذا الحليف الذي عوّد حلفاءه على خذلانهم يقف على المسافة نفسها مع إيران التي تستعد لتوقيع اتفاقية معه، حول برنامجها النووي، فيما يرى المراقبون أن التحالف السنّي قام بخطأ فادح بضرب الحوثيين، وإغلاق جميع قنوات الحوار، قد يزيد من حساسية الموقف وصعوبته، إذ إن الضربات الجوية لا تحسم المعركة على الأرض، علماً أن اليمن المملوء بالأسلحة شهد تجربة مماثلة تجاه القاعدة، ولم تفلح الضربات الجوية الأميركية والقوات الحكومية في هزيمة القاعدة، وأن إيران لم تعلن، حتى الآن، عن رد فعلها.

avata
avata
محمود عبد العزيز الحسيني (الأردن)
محمود عبد العزيز الحسيني (الأردن)