الكعكة السورية و"ميسترال"

03 أكتوبر 2015
+ الخط -
قامت القوات الجوية الروسية بأولى عملياتها الجوية فوق الأراضي السورية بشكل مباشر، على عكس ما كان يجري منذ بداية الثورة السورية، حيث دكت مواقع لقوات تنتمي للجيش الحر الذي يحارب الأسد منذ عسكرة الثورة. وجاءت الضربة الروسية بعد أيام من ضرب طائرات فرنسية مواقع لقوات الأسد والجماعات المسلحة، بالتزامن مع خطابي الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكل منهم يتحدث في واد، والخاسر الأكبر هو الشعب السوري.
يسود العلاقة الفرنسية الروسية التوتر وعدم الاستقرار، وذلك بعد تغيير الحكومة الفرنسية نيتها في بيع روسيا حاملتي الطائرات ميسترال، ما أثار غضب الروس وسخطهم على الفرنسيين، إلا أن العالم، في هذه الأيام، يشهد حروباً بالوكالة، حيث تصفي الدول الكبرى حساباتها بعيداً عن أراضيها وشعوبها، فكانت البيئة السورية الخصبة المكان الملائم.
عزّز فشل المجتمع الدولي في اتخاذ قرار ضد النظام السوري من قوته على الأرض، وذلك بازدياد الدعمين، المالي والعسكري، من الحلف الروسي الإيراني الذي يحمل البغضاء لأميركا وحلفائها بحلف الناتو، انتقاما من التهميش الأميركي للروس منذ سقوط الاتحاد السوفيتي إلى الأزمة الأوكرانية التي أيقظت الدب الروسي، ليعوّض سنين التهميش، أما الحليف الإيراني فيشهد ولادة جديدة بعد الاتفاق النووي مع الغرب، ما منحه حرية أكبر للعب دور أوسع وأقوى في المنطقة.
فرنسا التي تعرضت لهجمات إرهابية متعددة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وخسرت ما يقارب 250 مليون يورو، بسبب فسخها عقد حاملتي الطائرات ميسترال، ترغب بتعويض خساراتها، ما دفعها للمشاركة بالحلف الدولي وقصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، لتكسب ود حليفها الأميركي الذي يعاني من ركاكة في السياسة الخارجية في مقابل شقاوة في السياسة الروسية.
تسعى الدول العظمى إلى فرض سيطرتها، وأخذ حصتها في المنطقة وإعادة هيكلة تقسيم المنطقة، فالفرنسيون يريدون حصتهم من الدولة التي استعمروها سابقا، وروسيا لا تريد أن تخسر سورية، كما خسرت ليبيا والعراق، وأميركا تريد حصة إضافية في المنطقة، بعد غياب طويل.
يطرح سؤالٌ نفسه: هل ستنقلب الضربات الجوية التي تقوم بها روسيا وفرنسا إلى مواجهة مباشرة، تفجر حرباً جديدة بين الدول العظمى؟
avata
avata
محمود عبد العزيز الحسيني (الأردن)
محمود عبد العزيز الحسيني (الأردن)