تحالف "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة": ما السر وراء التقارب؟

08 سبتمبر 2020
أعلن "ائتلاف الكرامة" سابقاً أنه لن يشارك في حكومة تضم "قلب تونس" (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

أثار التحالف بين "ائتلاف الكرامة" و"قلب تونس" ردود فعل عديدة في البلاد، لا سيما أنّ الحزبين سبق لهما أن أعلنا في مناسبات وتصريحات سابقة عدة أن لا تحالف يمكن أن يجمعهما مهما كانت الظروف، وأن التقارب بينهما غير ممكن، بل وصل الأمر إلى حدّ إعلان "ائتلاف الكرامة" أنه لن يشارك في حكومة تضم "قلب تونس"، فما الذي حصل لتتغير المواقف بهذه السرعة، ويحصل التقارب بين حزبين كثيراً ما ظهرا متعاديين ومتنافرين؟ هل هي الحسابات البرلمانية؟ أم المصالح الحزبية الضيقة التي قادت إلى هذا الانسجام؟

بحسب رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف، فإن التحالف الجديد مع حزب "قلب تونس" جاء بسبب "الخذلان" الذي لقياه من "التيار الديمقراطي" وحزب "الشعب"، في وقت مدّ "قلب تونس" يديه لهما، مضيفاً في تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك": "مدحنا التيار والشعب شهوراً طويلة من أجل استرجاع بريق الثورة، فقابلونا بالاحتقار والتعالي والازدراء، وتفننوا في وصمنا بأبشع النعوت، بل وشاركوا في كل المؤامرات والكمائن التي نصبها مرضى المنظومة البائدة، ورضوا أن يكونوا وقوداً وحطباً لحروبهم".

وأكد مخلوف أن هذا التحالف هو "للدفاع عن حريّة الشعب، واستئناف زمن التأسيس بانتخاب المحكمة الدستورية، وإصلاح النظام الانتخابي وتحرير الإعلام والاستثمار، وتعزيز مناخ الحريّة"، مشيراً إلى أن "اليد ممدودة لكلّ من يرغب بصدق في بناء تونس الحرة، بعيداً عن الحقد والاستبداد والتخلف".

مدحنا التيار والشعب شهورا طويلة من أجل استرجاع بريق الثورة .. فقابلونا بالحُڤرة والتعالي والازدراء .. وتفننوا في وصمنا...

Posted by ‎الأستاذ سيف الدين مخلوف Seif Eddine Makhlouf‎ on Saturday, September 5, 2020

ويقول القيادي في "ائتلاف الكرامة" عبد اللطيف العلوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ هذا التحالف هو تنسيق ضمن جبهة تضم 120 نائباً، من بينهم "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" ومستقلون، هدفه استكمال الاستحقاقات البرلمانية، وليس الحكومية، موضحاً أنّ العمل البرلماني "يتطلب درجة من التفاهم والتوافق لتمرير الاستحقاقات"، ومشيراً إلى أن "حالة شلل ضربت العمل البرلماني، وشملت عدة مستويات، فالمحكمة الدستورية معطلة لأكثر من 6 أعوام وهذا غير مقبول، والمطلوب إما المضي قدماً لتأسيس المحكمة الدستورية وانتخاب أعضائها، أو البقاء في حالة تعطيل مستمر".

وبيّن أن نواب "قلب تونس" شرعيون مثلهم تماماً، وأنه لن يتم التحالف معهم في الحكم بل برلمانياً، وفي اللجان لتمرير القوانين، فهناك حاجة للأغلبية، مضيفاً أن البعض يسعى لتعكير الأجواء ومهاجمة "ائتلاف الكرامة" بسبب هذا التحالف، ووصل الأمر إلى حد اتهامه بالانقلاب على وعوده ومبادئه، و"هذا غير صحيح".

وأفاد بأن مواقف "ائتلاف الكرامة" "ثابتة، ولكن حصل خطأ في تقييم عناصر المشهد السياسي إلى مكونات ثورية وأخرى تنتمي للمنظومة القديمة، واتضح للأسف أن هذا غير صحيح، ويمكن التعلم من التجربة والممارسة التي بيّنت أن الشريك الحقيقي يكون في بناء دولة القانون، وفي تمرير القوانين، والمحافظة على الانتقال الديمقراطي"، مشيراً إلى أن "التيار الديمقراطي" و"الشعب"، "تمّ مد الأيدي إليهما ضمن التحالف الحكومي، ولكن سلوكهما القائم على الإقصاء والتموضع أدى إلى تعديل المواقف نحو من يمدّ يده للاستحقاقات الدستورية والثورية".

وأكد أنه "من العبث البقاء في عزلة، ولو كانت هناك ملفات فساد ضد رئيس "قلب تونس" فالقضاء هو الفيصل، وإلا فإن كلّ ما يحصل مجرد مزايدات لا غير".

بدوره، يرى الناطق الرسمي لحزب "قلب تونس" مصدق جبنون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ما وقع بين "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" يندرج ضمن مواصلة استكمال التحالف البرلماني الذي يضم "النهضة" و"كتلة المستقبل" ومستقلين أيضاً، مبيناً أنه يؤمل أن يتوسع الائتلاف أو الجبهة البرلمانية المفتوحة لتضم أحزاباً أخرى، وكل من يريد العمل على إخراج تونس من الأزمة الحاصلة، بعيداً عن الأيديولوجيا، وسيكون هذا الائتلاف داعماً لـحكومة هشام المشيشي.

وتابع جبنون أن "ائتلاف الكرامة" كان له موقف في السابق من "قلب تونس"، ولكن الواقع بيّن له أن هذا الرأي غير صحيح، خصوصاً أن "قلب تونس" يتبنى المكاسب التي أتت بها الثورة، وهي مبادئ الجمهورية الثانية والدستور والمسار الديمقراطي، الأمر الذي دفعه إلى تغيير رأيه شأنه شأن العديد من الفئات التي تم تأليبها ضد حزب "قلب تونس" عبر التهم والإشاعات المغرضة مُنذ انطلاقته في العمل.

وأكد أن "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" وبقية الأحزاب "هم في ائتلاف برلماني وفي شراكة مفتوحة للعمل من أجل تونس وللإنقاذ الوطني، بعيداً عن أي أيديولوجيات وفرز دوغمائي".

المساهمون