أجبرت الظروف المعيشية الصعبة، الكثير من الموريتانيين على الإقبال على المصارف للاقتراض، بعد أن تسببت العقوبات الحكومية المشددة في التضييق على نشاط التجار الذين احترفوا مهنة الإقراض بالفائدة.
ويحاول المواطنون تجاوز تدني مستوى المعيشة بالاقتراض أو عن طريق الاستفادة من "الصناديق الشعبية"، وهي أموال يجمعها الأقارب وأصدقاء العمل ويتم توزيعها بينهم كل شهر.
وانتشرت في الآونة الأخيرة مهنة المراباة أو "الإقراض بالفائدة"، التي يطلق عليها الموريتانيون "شبيكو"، ليتخصص بعض التجار في عرض الأموال على المقترضين، مقابل صك مصرفي بضعف المبلغ، وفي حال عجز الشخص عن الدفع في الوقت المحدد، يعرض المرابي تأجيل الدفع مقابل مضاعفة المبلغ الإجمالي مرة أخرى.
لكن هذه الممارسات بجانب العقوبات المشددة، دفعت الساعين إلى التمويل إلى الإقبال على المصارف بشكل متزايد، حتى أصبحت قروض المصارف الملاذ الآمن لغالبية الموريتانيين، الذين يعانون من ضائقة مالية، لتستفيد المصارف ومؤسسات الإقراض الرسمية من هذه الأجواء.
غير أن ارتفاع نسبة الإقبال على الاستدانة، لم يقابل بإجراءات تنافسية بين المصارف كتخفيض نسبة الفائدة على الديون أو تبسيط الإجراءات المتبعة أو القبول ببعض الممتلكات كضمان على القرض، حيث ظلت المصارف تفضل إقراض الموظفين والعمال من ذوي الاعتمادات المالية المضمونة من الدولة أو المؤسسات ذات الطابع العمومي، دون غيرهم من الأشخاص رغم الضمانات المقدمة من عقارات وقيم منقولة كرهينة على القرض، فيما تشهد أسعار الفائدة ارتفاعا لتتراوح بين 20% و37% وفق الضمانات المقدمة.
ويقول محمد سالم ولد أعمر، الموظف في وزارة التعليم، إن المصارف تفرض أقساطاً مجحفة وإجراءات معقدة، وتحاول مغالطة الزبون بأرقام وبيانات يجهلها، ولا يتم تنبيهه لعواقبها وقت توقيع عقد الاستفادة من الدين.
ويضيف ولد أعمر في حديثه لـ "العربي الجديد" أن هناك أعدادا كبيرة من صغار الموظفين وقعوا في شباك ديون المصارف تحت ضغط الإغراء والحاجة، واليوم يعانون من أجل تسديد الأقساط المجحفة والتخلص من هذه الديون الثقيلة التي تسببت في مشاكل اجتماعية ودمرت الكثير من الأسر.
ويقول: " في السابق كنت ألجأ إلى الاستدانة من المصارف في فترات الأعياد ومواسم العطل وبدء العام الدراسي، وأخفي أغلب هذه الديون عن زوجتي خوفا من وقوع مشكلة بيننا بسبب ميزانية البيت.. لكن تراكم الديون دفعني إلى التوقف عن هذه العادة، حيث قمت ببيع السيارة من أجل تسديد الديون الاستهلاكية ووقف فوائدها المتراكمة".
ويؤكد أن أغلب الموظفين يلجؤون إلى الاستدانة لأنه ليس لديهم أي مورد رزق آخر سوى وظيفتهم، وعندما تفاجئهم ظروف طارئة لا يجدون حلا إلا بالاقتراض.
ويعتبر ان الارتفاع المتواصل للأسعار وغلاء المعيشة، هما السببان الرئيسيان في الإقبال على الاقتراض، مشيرا إلى ضرورة رفع الحكومة الرواتب ومراقبة أسعار المواد الغذائية وتحسين مستوى معيشة السكان، لمساعدة الموظفين على التوفير والادخار لمواجهة الظروف الطارئة.
وفي مقابل تذمر المقترضين من ارتفاع نسبة الفائدة والإجراءات المعقدة من أجل الحصول على القروض، فإن المصارف ومؤسسات الإقراض تشكو من تعثر سداد الديون في الآجال المحددة، وهو ما دفع الحكومة إلى إقرار قانون جديد يتعلق بتحصيل ديون المصارف ومؤسسات الإقراض، بعد إدخال جملة من التعديلات على القانون القديم الصادر عام 2011.
وذكرت وزارة المالية أن هذا القانون جاء لتنظيم آلية تحصيل الديون، والتي أظهرت عجزها عن الوصول إلى معدل تحصيل مقبول.
وحسب إحصاءات وزارة المالية، فإن القروض الرديئة تمثل نسبة 37% من مجمل قروض النظام المصرفي نهاية 2011، مقابل معدل عالمي يصل إلى 10%
ويقول الخبير الاقتصادي سيدي ولد مولاي الزين، إن القانون الجديد يهدف إلى سد بعض الثغرات القانونية لمسألة تحصيل ديون المصارف.
ويرى أن تسهيل استخلاص الديون المصرفية مسألة أساسية لدعم المصارف ورفع قيمة معاملاتها وتشجيعها على منح قروض أكبر، خاصة للأغراض العقارية والاستثمارية مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.
ويشير إلى أن المصارف الموريتانية تسعى لإرضاء عملائها وتدبير ما يحتاجون اليه، لكنها تعاني في أحيان كثيرة من تعثر الزبائن أو سداد الديون بالديون، إضافة إلى استغلال البعض للثغرات القانونية من أجل المماطلة وعدم تسديد الديون.
ويؤكد الخبير أن العملاء بدورهم يعانون من ارتفاع نسبة الفائدة، إضافة إلى الإجراءات المصرفية المعقدة، وهو ما دفع الحكومة إلى التدخل من أجل تنظيم القروض المقدمة للأفراد من أجل مواجهة الدين المتزايد للأسر وتشجيع الدين العقاري.
ويضيف أن "القانون الصادر مؤخراً يحدد فترة الدين، حيث لا يمكن أن تتجاوز أربع سنوات بالنسبة للقرض الاستهلاكي و15 عاماً بالنسبة للدين العقاري".
وألزم القانون المصرف بتقديم عرض مسبق للمقترض يتضمن المبلغ ومعدل الفائدة الفعلي الإجمالي قبل التوقيع على القرض، وحدد ثلث الدخل المنتظم والثابت للزبون كجزء يمكن التنازل عنه من الراتب.
اقــرأ أيضاً
ويحاول المواطنون تجاوز تدني مستوى المعيشة بالاقتراض أو عن طريق الاستفادة من "الصناديق الشعبية"، وهي أموال يجمعها الأقارب وأصدقاء العمل ويتم توزيعها بينهم كل شهر.
وانتشرت في الآونة الأخيرة مهنة المراباة أو "الإقراض بالفائدة"، التي يطلق عليها الموريتانيون "شبيكو"، ليتخصص بعض التجار في عرض الأموال على المقترضين، مقابل صك مصرفي بضعف المبلغ، وفي حال عجز الشخص عن الدفع في الوقت المحدد، يعرض المرابي تأجيل الدفع مقابل مضاعفة المبلغ الإجمالي مرة أخرى.
لكن هذه الممارسات بجانب العقوبات المشددة، دفعت الساعين إلى التمويل إلى الإقبال على المصارف بشكل متزايد، حتى أصبحت قروض المصارف الملاذ الآمن لغالبية الموريتانيين، الذين يعانون من ضائقة مالية، لتستفيد المصارف ومؤسسات الإقراض الرسمية من هذه الأجواء.
غير أن ارتفاع نسبة الإقبال على الاستدانة، لم يقابل بإجراءات تنافسية بين المصارف كتخفيض نسبة الفائدة على الديون أو تبسيط الإجراءات المتبعة أو القبول ببعض الممتلكات كضمان على القرض، حيث ظلت المصارف تفضل إقراض الموظفين والعمال من ذوي الاعتمادات المالية المضمونة من الدولة أو المؤسسات ذات الطابع العمومي، دون غيرهم من الأشخاص رغم الضمانات المقدمة من عقارات وقيم منقولة كرهينة على القرض، فيما تشهد أسعار الفائدة ارتفاعا لتتراوح بين 20% و37% وفق الضمانات المقدمة.
ويقول محمد سالم ولد أعمر، الموظف في وزارة التعليم، إن المصارف تفرض أقساطاً مجحفة وإجراءات معقدة، وتحاول مغالطة الزبون بأرقام وبيانات يجهلها، ولا يتم تنبيهه لعواقبها وقت توقيع عقد الاستفادة من الدين.
ويضيف ولد أعمر في حديثه لـ "العربي الجديد" أن هناك أعدادا كبيرة من صغار الموظفين وقعوا في شباك ديون المصارف تحت ضغط الإغراء والحاجة، واليوم يعانون من أجل تسديد الأقساط المجحفة والتخلص من هذه الديون الثقيلة التي تسببت في مشاكل اجتماعية ودمرت الكثير من الأسر.
ويقول: " في السابق كنت ألجأ إلى الاستدانة من المصارف في فترات الأعياد ومواسم العطل وبدء العام الدراسي، وأخفي أغلب هذه الديون عن زوجتي خوفا من وقوع مشكلة بيننا بسبب ميزانية البيت.. لكن تراكم الديون دفعني إلى التوقف عن هذه العادة، حيث قمت ببيع السيارة من أجل تسديد الديون الاستهلاكية ووقف فوائدها المتراكمة".
ويؤكد أن أغلب الموظفين يلجؤون إلى الاستدانة لأنه ليس لديهم أي مورد رزق آخر سوى وظيفتهم، وعندما تفاجئهم ظروف طارئة لا يجدون حلا إلا بالاقتراض.
ويعتبر ان الارتفاع المتواصل للأسعار وغلاء المعيشة، هما السببان الرئيسيان في الإقبال على الاقتراض، مشيرا إلى ضرورة رفع الحكومة الرواتب ومراقبة أسعار المواد الغذائية وتحسين مستوى معيشة السكان، لمساعدة الموظفين على التوفير والادخار لمواجهة الظروف الطارئة.
وفي مقابل تذمر المقترضين من ارتفاع نسبة الفائدة والإجراءات المعقدة من أجل الحصول على القروض، فإن المصارف ومؤسسات الإقراض تشكو من تعثر سداد الديون في الآجال المحددة، وهو ما دفع الحكومة إلى إقرار قانون جديد يتعلق بتحصيل ديون المصارف ومؤسسات الإقراض، بعد إدخال جملة من التعديلات على القانون القديم الصادر عام 2011.
وذكرت وزارة المالية أن هذا القانون جاء لتنظيم آلية تحصيل الديون، والتي أظهرت عجزها عن الوصول إلى معدل تحصيل مقبول.
وحسب إحصاءات وزارة المالية، فإن القروض الرديئة تمثل نسبة 37% من مجمل قروض النظام المصرفي نهاية 2011، مقابل معدل عالمي يصل إلى 10%
ويقول الخبير الاقتصادي سيدي ولد مولاي الزين، إن القانون الجديد يهدف إلى سد بعض الثغرات القانونية لمسألة تحصيل ديون المصارف.
ويرى أن تسهيل استخلاص الديون المصرفية مسألة أساسية لدعم المصارف ورفع قيمة معاملاتها وتشجيعها على منح قروض أكبر، خاصة للأغراض العقارية والاستثمارية مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.
ويشير إلى أن المصارف الموريتانية تسعى لإرضاء عملائها وتدبير ما يحتاجون اليه، لكنها تعاني في أحيان كثيرة من تعثر الزبائن أو سداد الديون بالديون، إضافة إلى استغلال البعض للثغرات القانونية من أجل المماطلة وعدم تسديد الديون.
ويؤكد الخبير أن العملاء بدورهم يعانون من ارتفاع نسبة الفائدة، إضافة إلى الإجراءات المصرفية المعقدة، وهو ما دفع الحكومة إلى التدخل من أجل تنظيم القروض المقدمة للأفراد من أجل مواجهة الدين المتزايد للأسر وتشجيع الدين العقاري.
ويضيف أن "القانون الصادر مؤخراً يحدد فترة الدين، حيث لا يمكن أن تتجاوز أربع سنوات بالنسبة للقرض الاستهلاكي و15 عاماً بالنسبة للدين العقاري".
وألزم القانون المصرف بتقديم عرض مسبق للمقترض يتضمن المبلغ ومعدل الفائدة الفعلي الإجمالي قبل التوقيع على القرض، وحدد ثلث الدخل المنتظم والثابت للزبون كجزء يمكن التنازل عنه من الراتب.