تجار أفغانستان عرضة للخطف

23 ديسمبر 2017
حياتهما في خطر (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -

من خلال التظاهرات والاحتجاجات وكذلك المؤتمرات الصحافية، يحاول التجّار الأفغان رفع أصواتهم في وجه ما يتعرّضون له من اختطاف في مقابل فدية على سبيل المثال. وراحت الأمور تتفاقم أخيراً، إذ وصلت إلى حدّ قتل بعض التجّار المختطفين أو ذويهم بعد تأخّر هؤلاء في دفع الفدية أو رفضهم ذلك.

وتجّار أفغانستان الذين يرون أنّ الأمور ميسّرة لهم إذ إنّ الحكومة تقدّم لهم تسهيلات تتعلق بالضرائب وتتيح لهم فرص العمل وتحديداً مع دول الجوار، يوضحون أنّ العقبة الأساسية التي تعترض طريقهم اليوم هي عمليات الخطف المتزايدة، وهو الأمر الذي يجعل كثيرين منهم يتركون البلاد بينما يفكّر آخرون بذلك.

عبد الباسط تاجر يعيش في وسط العاصمة كابول، يقول إنّ "المعضلة الرئيسية التي نواجهها نحن كتجّار في أفغانستان، على الرغم من كل الإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة أخيراً في قطاعَي التجارة والاقتصاد، هي تعرّض التجّار والأشخاص الأثرياء إلى الخطف. وقد عجزت الحكومة وأجهزة الدولة عن تأمين حياة هؤلاء وذويهم". يضيف أنّه "خلال الشهرَين الماضيَين، اختطف 60 شخصاً، نصف هؤلاء من التجّار أو ذويهم. وفي سياق متصل، قُتِل الشاب سميع الله (22 عاماً) وهو ابن أحد التجّار، وذلك بعد الاختطاف وأخذ الفدية". ويؤكد عبد الباسط أنّ "تزايد عمليات خطف التجّار تجبر هؤلاء على الخروج من البلد، وهو الأمر الذي سوف يمثّل ضربة قاسية للوضع الاقتصادي الهشّ". يُذكر أنّ كثيرين توجّهوا إمّا إلى تركيا أو إلى دول عربية في مقدّمتها دولة الإمارات. إلى ذلك، يتحدث عبد الباسط عن "مافيا في داخل الحكومة وفي أجهزة الأمن ضالعة في عمليات الخطف وفي جرائم أخرى من قبيل تهريب المخدرات وترويجها. وهو ما أكدته بيانات للشرطة أوضحت أنّ عناصر منها ضالعون في ذلك".

من جهته، يشكو التاجر محمد رمضان من المشكلة ذاتها ويقول: "لسنا في أمان في العاصمة الأفغانية كابول، على الرغم من كلّ الإجراءات الأمنية وادعاءات الحكومة المتكررة بحمايتنا". ويشير إلى أنّ "عمليات الخطف تطاول جميع التجّار من دون استثناء وكذلك أهاليهم. وثمّة خوف لدى الجميع من دون استثناء". ويسأل: "كيف يمكنني مزاولة عملي والحراس من حولي وإلى جانبي في كل مكان، وأنا أشعر بقلق دائم على أولادي وعائلتي".



وعمليات الخطف ليست محصورة بالعاصمة، بل تطاول كل المدن الرئيسية. في مدينة خوست، جنوبيّ البلاد، نظمت تظاهرات خلال الأسبوع المنصرم شارك فيها عشرات التجّار ورجال الأعمال الذين اتهموا الحكومة بالفشل الذريع في تأمين حياتهم بعدما تعرّض عشرات منهم للاختطاف. يُذكر أنّ بعضاً منهم ما زال في عداد المفقودين.

حاجي مارك زدران من كبار تجّار خوست وقد شارك في تلك التظاهرة، يقول إنّ "القضية في غاية الخطورة، خصوصاً وأنّ عناصر من قوى الأمن متورّطون فيها وأنّ الحكومة لا تحرّك ساكناً". ويشير إلى اختطاف نجل تاجر محلي يدعى جلات خان قبل أيام، قائلاً إنّه "بعد 24 ساعة من عملية الخطف تمكّنت قوات الأمن من اعتقال بعض المشتبه فيهم، لكنّه أُفرِج عنهم من دون تبرير ومن دون أن يخضعوا إلى أيّ تحقيق حول ما إذا كانوا على صلة بالخاطفين أو أنّ الأخيرين دفعوا لهم المال". يضيف أنّ "الشاب ما زال مفقوداً. ولو أنّ أجهزة الأمن لم تفرج عن المشتبه فيهم، لكانت وصلت إلى نتيجة. وأسرة الشاب ما زالت في حالة من الخوف والقلق".

من جهته، يقول سمين خان وهو تاجر آخر شارك في التظاهرة، إنّ "الحكومة هي إمّا عاجزة عن تأمين حياة التجّار أو هي غير جادة. وفي الحالتَين فإنّ الأمر يلحق الضرر بالبلد. فالتجّار يتوجّهون إلى الخارج وقد سافر كثيرون إمّا إلى تركيا أو إلى الإمارات". يضيف أنّه شخصياً يفكّر في "نقل الأسرة إلى الخارج، وفي الغالب إلى تركيا، في حال استمرّت الأمور على ما هي عليه". ويشير سمين خان إلى أنّ "التجّار يطالبون الحكومة بمواصلة ملاحقة الضالعين في قضايا الخطف ومعاقبتهم، واتخاذ كل الخطوات التي من شأنها تأمين حياة المواطن عموماً وحياة التجّار خصوصاً". ويؤكّد هنا المسؤول الأمني عباد الله كريم إلى أنّ الحكومة سوف تتخذ كلّ خطوة من شأنها تأمين حياة المواطن والتجّار بصورة خاصة.

وبهدف التصدّي لعمليات الخطف المتزايدة التي تطاول التجار، تعد الحكومة الأفغانية بالقيام بكلّ ما في وسعها لتأمين حياة هؤلاء وحياة ذويهم. وقد نفّذت مؤخراً أحكام إعدام في حقّ خمسة أشخاص أدانتهم المحاكم الأفغانية باختطاف أفراد من أجل الفدية وبقتل عدد من المختطفين. وأتى الإعدام بعد ضغوط متزايدة على الرئيس الأفغاني أشرف غني والحكومة.