تبحثُ عن شريك

07 مارس 2015
تصرّ على اللعب مع طفلتها (Getty)
+ الخط -

لا يعنيها أن تعدّ لها العاملة الأجنبية كوب النسكافيه في الصباح. فحينَ قررت الاستعانة بإحداهن، لم تكن تبحث عن رفاهيتها، بل عن حياتها. فُتح نقاش الاستعانة بعاملة قبل سنوات، ولطالما رفضت الأمر. هي مسألة مبدأ. صورة العاملات وهن يلاعبن أطفال السيدات في أماكن ترفيه الأطفال كانت كافية بالنسبة لها لتتمسك بموقفها. خافت ببساطة أن تصير مثلهن، وتجلس بعيداً عن طفلها، حتى لا تضطر إلى خلع حذائها قبل الدخول إلى الفسحة المخصصة للأطفال (حفاظاً على نظافة المكان)، فتخسر بعضاً من أناقتها.

تقفُ الآن أمام مكتب لاستقدام العاملات الأجنبيات. تُدرك أنها صارت جزءاً من عالم السيدات الذي يخيفها. مشهد العاملات في أماكن الترفيه لا يفارق مخيلتها. "ماذا لو"؟ لن تطرح السؤال. تحتاج إليها لأنها متعبة فقط. وعدها صاحب المكتب أن الأمر قد يستغرق نحو شهر. بدورها، وعدت نفسها أنه بعد شهر، ستفتح خزانتها لتجد جميع ثيابها مكوية.

---
بعدَ أسبوعين، تُغادر عاملتها الأجنبية. كانت المرة الأولى التي تختبر فيها هذه السيدة اللبنانية الأمر. بعد ثلاث سنوات، تتوق إلى خصوصيتها. فهذه، وإن كانت تعيش مع العائلة، فإنها لن تصير واحدة منها. السيدة المذكورة أعلاه أم وعاملة. عليها تنظيف المنزل وإعداد الطعام وجلي الصحون وكي الملابس... تعداد المهام بهذا الشكل يبدو سهلاً. المشكلة، كالعادة، تكمن في التفاصيل.
أخبرَها زوجها أن الأمر هيّن. وعدها بأن يتولى مهام الجلي وكي القمصان والاهتمام بالنباتات. هو صادق ربما. حتى أنها تتفاخر أمام أصدقائها بتعاونه الدائم معها. لكنه في معظم الأحيان، يعتبر أنه يساعدها. بالتالي، لا يتصرف كشريك. قبل أن تنجب طفلها الأول، لم يحدث أن كانت أماً يوماً، ولم يحدث أيضاً أن كانت قد تعلمت الطهي. كانت مثله. لكن المجتمع رسم لكل منهما صورته. يكفي أن يتمسك أحدهما بصورته، لتسقط الثانية فوق رأس الآخر. تبقى الخيارات متاحة، قبل أن تقنع نفسها بأن الصورة ليست سيئة إلى هذه الدرجة.

---
خلالَ نقاشٍ مع صديق، أخبرها أنه يجب علينا الاندماج مع مجتمعاتنا. لا طائل من أية ثورة في الوقت الحالي. لكنها لا تثور. لم تنشط في حركات نسائية وتطالب بالمساواة بين الجنسين. تدرك الفرق بين المرأة والرجل، وبين الأمومة والأبوة. تعرفُ أكثر أنها لم تخرج من بطن أمها حاملة مكنسة، بل أن والدتها هي من أعطتها إياها لتساعدها، بينما كان شقيقها يشاهد التلفاز. تتحمّل والدتها مسؤولية تغذية هذا الحقد. لا تثور لكنها تعرف أن التنظيف ليس فعلاً غريزياً، ولن يكون. وهي ترفض اعتياد الأشخاص كما الأشياء. هذا حقها كامرأة وإنسانة. ​
دلالات
المساهمون