بعد أن أطاحت الاحتجاجات الشعبية، التي أعقبت تقديم الحكومة لمشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، وقرار رفع أسعار المحروقات، بحكومة هاني الملقي، الذي قدّم استقالته، اليوم الإثنين، إلى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون محمّلة بالمزيد لرئيس الحكومة المكلّف، عمر الرزاز، الذي سيأخذ على عاتقه عبء التعامل مع الرفض الشعبي العارم لمشروع قانون الضريبة الجديد.
وتأتي التضحية بالملقي وطاقمه كخطوة لامتصاص غضب الشارع المتصاعد، بعد أن زادت وتيرة الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً مع ما رشح من معلومات تؤكد أن الحكومة لن تقوم بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب.
وشهدت غالبية المحافظات الأردنية، أمس الأحد، تظاهرات على خلفية تلك القرارات التي وصفت بأنها لا تلامس هموم الشارع، إذ تحدث محتجون عن أن الحكومة لم تتمكن من التقاط هموم الشارع، ولم تلتمس مشاكله، الأمر الذي دفع بهم إلى النزول للشارع والمطالبة بإسقاط الحكومة وسحب مشروع القانون.
غير أن المتابع للمشهد يلحظ جلياً أن إقالة الملقي لن تؤثر بشكل كبير على الحراك الشعبي، إذ امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالحديث عن أن المطلوب هو تغيير النهج لا الأشخاص.
كما أن اختيار العاهل الأردني للرزاز، الحاصل على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة هارفارد، يؤشر إلى أن المرحلة تتطلب رجل اقتصاد قادرا على انتشال الأردن من الأزمات الاقتصادية المتتالية إلى الاعتماد على الذات، لا سيما أنه قبل قدومه إلى وزارة التربية والتعليم في حكومة الملقي، شغل منصب المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن (2006-2010)، ومدير مكتب البنك الدولي في لبنان 2002-2006.
لكن يبدو أن الاحتجاجات لن تتوقف إلا بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب، إذ استقبل الأردنيون خبر تغيير الحكومة، وتولي الرزاز دفة القيادة، بحالة من التباين؛ فمنهم من رفض هذا الأمر، وقال إن تغيير الأشخاص لا يفيد، وآخرون رأوا في شخص الرزاز رجل المرحلة المقبلة.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي حالات سجال كبيرة عقب صدور القرار، فيما يبدو أن الأمور مرشحة للتصعيد في حال لم يسحب مشروع قانون الضريبة، إذ يقول الشاب أحمد سواعي: "من كان يتظاهر لأجل الملقي فإن الملقي استقال، ومن كان يتظاهر لأجل تغيير النهج فإن النهج باق.. يا حكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب يا بلاها، اليوم بلش الجد".
من جهته، استبشر المعارض زيد حاكم الفايز بقدوم الرزاز إلى رئاسة الحكومة، فهو على حد وصفه "رجل مبدع وإداري ناجح ويحمل فكرًا قادرًا على حل الأزمات ومعالجتها، وليس عبدًا للسلطة، وسيضع لنفسه برنامجا واضحا ليعمل على تنفيذه".
واستطرد قائلًا، في حديثه لـ"العربي الجديد" "الأردن مستهدف من حلفائه التقليديين، وهم أميركا، والسعودية، وإسرائيل، وذلك لأنه انتهى دوره الوظيفي، المحدد بأمرين؛ أولهما استقبال الهجرات القسرية، وثانيهما حماية الجبهة الشرقية لإسرائيل".
بناء على ذلك، رأى الفايز أن "الأردن على أعتاب حقبة سياسية جديدة، وعلى الملك أن يعود إلى شعبه، وأن يتحالف معه، لأن الزعماء الذين نجحوا على مدار التاريخ هم من تمكنوا من التحالف مع شعوبهم".
وأضاف "لا تنصت للمنتفعين، فإنهم كحلفائك السابقين وسيقفزون من سفينتك عند أول خرق لها. أنصت لنا واسمع منا لأننا باقون في السفينة".