مستوى التوتر ظهر، بشكل واضح، بعد تزايد الاعتداءات التي طالت مقرات كل من العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي، ليبلغ ذروته بعد التفجيرات التي ضربت مقري الأخير في كل من مدينتي أضنة ومرسين. كذلك تعرض رئيس فرع العدالة والتنمية في مدينة بورصة، جنيد يلدز، إلى محاولة اغتيال.
اقرأ أيضاً تركيا: صراع الانتخابات يصيب رئاسة "الشؤون الدينية"
استغلّت المعارضة التركية التفجيرات ليُصدر كل من حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وأيضاً حزب الشعوب الديمقراطي بيانات يتهمون فيها حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء التفجيرات، ليردّ الحزب الحاكم على لسان قائد الحزب ورئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، مطالباً أنصاره بضبط النفس. وتوجه إليهم داود أوغلو بالقول "ليس عليكم أن تكونوا جزءاً من توتر في أي مكان"، مضيفاً "من المستحيل أن نكون جزءاً في أي أعمال يمكن أن تعرض العملية الانتخابية للخطر".
وكشف داود أوغلو، في وقت لاحق خلال كلمة ألقاها في تجمع جماهيري في مدينة سينوب الواقعة على البحر الأسود، أنّ المشتبه فيه بتفجير مقري الشعوب الديمقراطي، كان قد تم اعتقاله في وقت سابق بتهمة الانتماء لجبهة تحرير الشعب الثورية المحظورة (ماركسية لينينية)، والمتهمة بارتباطها مع النظام السوري، والتي نفذت أخيراً عدداً من العمليات كان آخرها العملية التي أودت بحياة محمد سليم كيراز أحد قضاة الادعاء العام في إسطنبول.
واتخذ داود أوغلو من هذه المناسبة وسيلة لتوجيه انتقادات حادة لحزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي عبر الربط بينهم وبين النظام السوري وجبهة تحرير الشعب الثورية وحزب العمال الكردستاني.
وفي إطار هجومه، قال رئيس الوزراء التركي "إن المشتبه فيه كانت قد تمت محاكمته في السنوات السابقة بتهمة الانضمام إلى جبهة تحرير الشعب الثورية، إن أفراد هذه المليشيا طالبوا بلقاء نواب عن الشعب الجمهوري أثناء التفاوض معهم خلال هجومهم على المرحوم القاضي محمد سليم كيراز". وأضاف داود أوغلو "إن الشعوب الجمهوري يقيم علاقات جيدة جداً عبر هذه المجموعات مع نظام الأسد الظالم، وفي الوقت نفسه هناك علاقات بين جبهة تحرير الشعب الثورية وحزب العمال الكردستاني". وتساءل "هل توضحت اللعبة الآن"، مضيفاً "يقوم أحد أعضاء هذه المنظمات الإرهابية بالهجوم ومن ثم اتهام العدالة والتنمية بالأمر، لا زالت الأقنعة تسقط الواحد تلو الآخر، سنسقط أقنعتهم جميعاً".
وبينما لا يزال رئيس فرع العدالة والتنمية في مدينة بورصة غرب البلاد، جنيد يلدز، في حالة حرجة إثر تعرضه لإطلاق نار مع حراسه الشخصيين في مكتبه في فرع الحزب، أكد سري ثريا أوندر، وهو أحد قادة الشعوب الديمقراطي، أن الحزب تلقى عدداً من التقارير التي تؤكد وجود خطط لاغتيال الزعيم المشارك للحزب صلاح الدين دميرتاش. وأوضح أوندر "تلقينا تحذيرات عديدة من مصادر جادة بشأن وجود خطط لاغتيال دميرتاش، لكننا نتجاوز ذلك بزيادة عملنا واتخاذ احتياطاتنا".
في غضون ذلك، نشرت وكالة "الأناضول" رسائل قامت قوات حماية الشعب التابعة للعمال الكردستاني بإرسالها للمدنيين في مناطق جنوب شرق الأناضول ذات الأغلبية الكردية تهددهم فيها في حال التصويت للعدالة والتنمية، قائلةً "عليكم أن تعرفوا بأن الثمن الذي ستدفعونه سيكون كبيرا لو أن أياً من أفراد عائلتكم قام بالتصويت للعدالة والتنمية، كيف يمكنكم الوقوف مع العدالة والتنمية على الرغم من أنه أصبح قذراً جداً، إما أنكم لا تفهمون أو أنكم بعتم أنفسكم لهم، عليكم أن تعرفوا أننا قادرون على تخريب المتعة التي حصلتم عليها بهذه الأموال".
وبالتزامن، أعلنت هيئة الأركان التركية أن عناصر تابعة للعمال الكردستاني قامت باختطاف جندي تركي وأحد المهندسين الميكانيكيين العاملين في إحدى الشركات التي تعمل على الحفاظ على البث التلفزيوني الأرضي للقنوات التركية شرق البلاد.
وبينما افتتح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول مركز تركي متكامل لعلوم الفضاء واختبار الأقمار الصناعية بالقرب من إحدى القواعد العسكرية شمال غرب العاصمة أنقرة، والذي سيقوم بتجريب أول قمر صناعي مدني عسكري مشترك للمراقبة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يستمر الشعب الجمهوري في محاولته منافسة العدالة والتنمية عبر طرح مشاريع اقتصادية تثير جدلاً كبيراً لجهة إمكانية تنفيذها ضمن البرامج الانتخابية، إذ أعلن زعيم الحزب، كمال كلجدار أوغلو، في إسطنبول، ما أطلق عليه اسم "مشروع العصر" والذي يقضي ببناء مدينة كاملة جديدة في وسط الأناضول بتكلفة 200 مليار دولار. وشدد كلجدار أوغلو على "أن موقعنا الجغرافي يسمح لنا بالوصول إلى مليار ونصف مليار إنسان في 58 دولة خلال أربع ساعات ونصف الساعة، ونهدف إلى استغلال هذه الميزة ببناء مدينة ضخمة في الأناضول سينتهي بناؤها عام 2035 وستستوعب 3 ملايين ساكن وستوفر 2.2 مليون فرصة عمل".
اقرأ أيضاً: "الهوية التركية" في قلب الصراع الانتخابي