15 سبتمبر 2023
بين الدوحة وعمّان
واحدة من أهم المحطات التي تمر بها العلاقات الأردنية القطرية اليوم، حتى قبيل عودة التمثيل الدبلوماسي إلى طبيعته، الذي يعني عودة السفيرين إلى الدوحة وعمّان، بعدما سمّى الأردن سفيره الجديد إلى قطر، السفير المخضرم والأمين العام لوزارة الخارجية زيد اللوزي، الذي تربط عائلته علاقات قوية وتاريخية مع أقطاب قطرية في السياسة، وهو سفير سابق للأردن في إسبانيا والنمسا وإيطاليا. ومعنى ذلك أن الأردن عجم عيدانه، فاختار أفضلها وأحسبها نسباً من أبناء الخارجية، فاللوزي معروفٌ بخبرته المميزة، وهو ابن عائلة سياسية، فوالده الشيخ مفلح اللوزي، أحد أبرز وجهاء الأردن المعاصر، وشقيقه نائب سابق، وعمّه رئيس وزراء سابق، وابن عمه رئيس ديوان ملكي هاشمي أسبق. ورشّحت قطر من جانبها سفيراً من ذؤابة أهلها، وهو الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني، جده مؤسس الدولة القطرية الحديثة، وهو من الجيل الثالث في النخبة القطرية السياسية. ودوماً قطر تخصّ الأردن بسفراء من البيت الحاكم، أو من القريبين عليه.
معنى ذلك أن مستوى التمثيل المنتظر استئنافه على مستوى السفيرين قريب جداً، كما تقول مصادر أردنية مطلعة أن العلاقات بين البلدين، التي لم تنقطع على الرغم من الأزمة الخليجية، تجاوزت عقدة خفض التمثيل، وبقيت في ارتقاء دائم، فازداد عدد المغتربين الأردنيين، لا بل تقدّمت قطر بدعم مباشر للأردن بعد أزمة حكومة هاني الملقي، في يونيو/ حزيران 2018، وهي علاقاتٌ تمرّ اليوم بأفضل حالاتها.
ليس الأمر متروكاً بين البلدين للمصادفات، أو حتى لإنجاز تسوياتٍ في المواقف، في مقابل استئناف العلاقات، فالدوحة تقدّر ظروف الأردن وعلاقاته مع حلفائه، والأردن يرى دولة قطر بلداً عربياً شقيقاً، تربطه بالحكم الهاشمي علاقات وطيدة، مثل بقية دول الخليج، وبدون إملاءات أو اشتراطات. كما أن الدوحة حين خفّض الأردن تمثيله السياسي، لم تلجأ إلى معاقبة الأردنيين في فرص العمل فيها، ولم تقدّم شروطاً تعجيزية للتعاون الاقتصادي، بل زادت هذا التعاون وعزّزته، ومن ثم ما تبقى فتح البوابة السياسية بين البلدين على مستوى السفيرين، من دون تعريضٍ بمصالح الأردن مع حلفائه.
الشارع الأردني مسيّس، والنخب منقسمه في المسألة الخليجية، هذا مع قطر وذاك مع خصومها، والأفضل هو الدعوة والتمنّي بحل سريع بين الأشقاء، لأنه ليس من مصلحةٍ للأردنيين في الانحياز بين أخوين وأبناء عم. ومع ذلك، هناك من يتدخل كتابةً، أو بالحديث العام، من دون تعقل أو تفكير بأن صيغة الخلاف النهائية هي التسوية. ويطرح محللون في الأردن أن قطر تواجه تحدياً كبيراً، ليس فقط بسبب موقعها أو دورها الاقتصادي، وإنما أيضاً لأن وزن الدولة وتأثيرها وتوظيف قدراتها فاقت غيرها، وهو نموذجٌ يشابه وضعية الأردن المحشور تاريخياً بين فكي كماشة العراق وسورية شمالاً ومصر والعربية السعودية شرقاً وجنوباً، وإسرائيل غرباً. ومن ثم، فإن الجيوسياسية الأردنية معقدة. وربما كذلك الحال مع قطر، فتصنع الظروف في الدول ذات المصير المشابه، رغبة في المواجهة، والتغلب على الواقع بإنتاج الأفضل، واختيار طريق مغاير عن مسارات الجوار، وهذا حقّ سيادي.
في المقابل، ليس لدى الأردن طموح بالهيمنة على أحد، ولا أخْذ دور أحدٍ في المنطقة، فلديه مشكلاتٌ لا حدود لها، وجيرانه وأشقاؤه من العرب لم يقصّروا معه، وقطر منهم، وقد شهد الأردن أزمات مركبة، ولها آثارها الباقية، وأكبرها تأثيراً اللجوء السوري، بالإضافة إلى تحدّي الاقتصاد.
أخيراً، علائم التحرّك الأردني نحو فتح الباب مشرعاً سياسياً نحو قطر حسمها الملك عبدالله الثاني، قبل نحو شهر، في حديث مع مجموعة من أهل الخبرة والرأي والإعلام، وهي ليست المرة الأولى التي يشيد بها العاهل الأردني بالعلاقات الطيبة مع الدوحة. والمصادر تقول إنّ التواصل دائم بين قيادتي البلدين، ومن ثم فإن عودة السفيرين يمكن أن تكون ضمن المسار الطبيعي، ولكنها تنهي مسألة خفض التمثيل، وهذه وإن وقعت، إلا أنها لم تمنع أعلى مراتب التعاون والدعم والتنسيق بين البلدين.
ليس الأمر متروكاً بين البلدين للمصادفات، أو حتى لإنجاز تسوياتٍ في المواقف، في مقابل استئناف العلاقات، فالدوحة تقدّر ظروف الأردن وعلاقاته مع حلفائه، والأردن يرى دولة قطر بلداً عربياً شقيقاً، تربطه بالحكم الهاشمي علاقات وطيدة، مثل بقية دول الخليج، وبدون إملاءات أو اشتراطات. كما أن الدوحة حين خفّض الأردن تمثيله السياسي، لم تلجأ إلى معاقبة الأردنيين في فرص العمل فيها، ولم تقدّم شروطاً تعجيزية للتعاون الاقتصادي، بل زادت هذا التعاون وعزّزته، ومن ثم ما تبقى فتح البوابة السياسية بين البلدين على مستوى السفيرين، من دون تعريضٍ بمصالح الأردن مع حلفائه.
الشارع الأردني مسيّس، والنخب منقسمه في المسألة الخليجية، هذا مع قطر وذاك مع خصومها، والأفضل هو الدعوة والتمنّي بحل سريع بين الأشقاء، لأنه ليس من مصلحةٍ للأردنيين في الانحياز بين أخوين وأبناء عم. ومع ذلك، هناك من يتدخل كتابةً، أو بالحديث العام، من دون تعقل أو تفكير بأن صيغة الخلاف النهائية هي التسوية. ويطرح محللون في الأردن أن قطر تواجه تحدياً كبيراً، ليس فقط بسبب موقعها أو دورها الاقتصادي، وإنما أيضاً لأن وزن الدولة وتأثيرها وتوظيف قدراتها فاقت غيرها، وهو نموذجٌ يشابه وضعية الأردن المحشور تاريخياً بين فكي كماشة العراق وسورية شمالاً ومصر والعربية السعودية شرقاً وجنوباً، وإسرائيل غرباً. ومن ثم، فإن الجيوسياسية الأردنية معقدة. وربما كذلك الحال مع قطر، فتصنع الظروف في الدول ذات المصير المشابه، رغبة في المواجهة، والتغلب على الواقع بإنتاج الأفضل، واختيار طريق مغاير عن مسارات الجوار، وهذا حقّ سيادي.
في المقابل، ليس لدى الأردن طموح بالهيمنة على أحد، ولا أخْذ دور أحدٍ في المنطقة، فلديه مشكلاتٌ لا حدود لها، وجيرانه وأشقاؤه من العرب لم يقصّروا معه، وقطر منهم، وقد شهد الأردن أزمات مركبة، ولها آثارها الباقية، وأكبرها تأثيراً اللجوء السوري، بالإضافة إلى تحدّي الاقتصاد.
أخيراً، علائم التحرّك الأردني نحو فتح الباب مشرعاً سياسياً نحو قطر حسمها الملك عبدالله الثاني، قبل نحو شهر، في حديث مع مجموعة من أهل الخبرة والرأي والإعلام، وهي ليست المرة الأولى التي يشيد بها العاهل الأردني بالعلاقات الطيبة مع الدوحة. والمصادر تقول إنّ التواصل دائم بين قيادتي البلدين، ومن ثم فإن عودة السفيرين يمكن أن تكون ضمن المسار الطبيعي، ولكنها تنهي مسألة خفض التمثيل، وهذه وإن وقعت، إلا أنها لم تمنع أعلى مراتب التعاون والدعم والتنسيق بين البلدين.