مشت على رؤوس أصابعها إلى الغرفة المجاورة حيث أنام. بدأت تمسد يدها على جبيني بهدوء، قبل أن تحاول إمساك القطعة المعدنية على حاجبي الأيسر محاولة فكها. استيقظت وصرخت: "خالتي ماذا تفعلين"؟ تجيب: "عليك إزالتها. كيف ستشاركين في المؤتمر الصحافي غداً؟ صغيرة أنت ولا تعرفين بطلات أفلام الفيديو المبتذلات اللواتي كن يضعن هذه التفاهات".
- "آه خالتي. أعرفهن أكثر منك. ماذا ستفعلين حين أضع وشماً على يدي"؟ ترد: "كيف بدنا نزوجك"؟ أبتسم وأقول لها: "حسناً، سأعلق أخرى في لساني"، فخرجت من الغرفة. كنت قد وضعت "بيرسينغ" على حاجبي قبل عام ونصف العام. هي رغبة قديمة تعود إلى الصف السابع إعدادي، لكنني انتظرت حتى تخرّجت وبدأت العمل الصحافي.
"الرغبة ليست شيئاً نخجل منه". لا أعلم أين قرأت هذه العبارة التي بقيت في ذاكرتي. لكن جميع من حولي يريدون التدخل بأفكاري وتصرفاتي. التجربة ليست مسموحة. فما بالك أن تثقب حاجبك وتضع قطعة معدنية بحجم رأس الدبوس. هذا من الكبائر.
في حادثة أخرى، ذهبت إلى محل لغسل الثياب، وقد خبأت ثيابي الداخلية داخل منشفة وردية كبيرة. أزحت بعض الثياب النظيفة الموضوعة على الكنبة، وجلست بانتظار دوري. جلست امرأة حلبية إلى جانبي. ابتسمت لي قبل أن تنهال علي بسيل من النصائح. "هذا حرام. أنت جميلة كما أنت. عيونك جميلة. ألا تخافين الله"؟ لم أعلم لما يجب أن أخافه هنا. أجبتها: "ما أجسادنا إلا مأدبة للديدان، فلنفعل بها ما نشاء". بدأت تستغفر وتابعت نصائحها.
لم أسلم من عائلتي وإن صاروا أقل انزعاجاً بسبب بعدي عنهم، كوني أعيش في تركيا حيث الرغبات مفتوحة على مصراعيها. وما رغبتي إلا تفصيل طفولي.
ينظر إليّ بعض الأصدقاء برعب، قبل أن يشيحوا بنظرهم عني. أستمتع بالأمر، وأحرك القطعة المعدنية هذه إلى الأعلى والأسفل. يسألونني: "ما توجعتي (ألم تشعري بالألم)"؟ فأقول إن الشاب وضع لي مخدراً للجلد. لست مراهقة ساذجة، ولم أرد التمرد على مجتمع أؤمن أنه لا يستحق الاكتراث له. كانت مجرد رغبة. غير أنني كنت أشعر بالملل أخيراً. مللت مهنتي التي أحب. مللت انتظار المترو. مللت تلك الأغنيات النخبوية التي يتودد لي البعض من خلال غنائها. أغنية سخيفة قد ترضيني أكثر.
مللت وجبات الدجاج والفاصولياء، وأحاديث جارتي العجوز. مللت ثيابي وجسدي وشكلي. أريد أن أفعل شيئاً سخيفاً. هم لا يفهمون. في كل لقاء يتكرر السؤال ذاته: "ما توجعتي"؟ فأرد أن الشاب وضع لي مخدراً للجلد. عموماً، إن الحياة مليئة بأشياء موجعة أكثر من "شكة دبوس". سأزيلها اليوم ليس رضوخاً لأحد. لكنها عادتي. مللتها ومللتهم معها، وقد حققت رغبتي الطفولية.
اقرأ أيضاً: كنتُ أحتاج أن أفرح معك