عاد، قبل أيام، الممثل اللبناني، بيار داغر، إلى بيروت بعد مشاركة له في مسلسلين سوريين. الأوّل، هو مسلسل "صرخة روح" في جزئه الرابع. والثاني، هو "خاتون"، وهو مسلسل يروى القصة الحقيقية لسيدة سورية ما زالت على قيد الحياة، وتعيش في دمشق، روت السيدة للكاتب قصتها، التي تحولت اليوم إلى مسلسل تلفزيوني سيعرض هذا الموسم. يتناول المسلسل حقبة معيّنة من تاريخ المنطقة، والصراعات السياسيّة التي كانت سائدة في تلك الحقبة، ويتم الدخول إليها عن طريق القصّة الشخصية للسيدة "خاتون".
ضعف الإنتاج أدّى إلى الدراما المشتركة
يقول، بيار داغر، لـ "العربي الجديد": "الدراما ليست بخير. أما الأسباب فهي كثيرة، لكنها بالدرجة الأولى أسباب أمنية وسياسية، تجتاح المنطقة العربية، وتؤثِّر بشكلٍ أو بآخر على الإنتاج، الذي أصفه بالإنتاج الضعيف. حيث إن المنطقة من المشرق إلى المغرب، ومن الشمال إلى الجنوب تشهد صراعات وحروباً وحالة من عدم الاستقرار، وطبعاً، هذا الضعف يعود إلى عوامل كثيرة مؤثّرة، منها عدم تمكن المُنتج من الترويج لهذه الأعمال. ومنها الأعمال التي لم تجد مُتّسعاً من الاهتمام، أو محطات تلفزيونيّة تشتريها، إلى المنافسة الشرسّة التي يعانيها الإنتاج العربي عموماً، وهو ما أفضى في النهاية إلى ما سُمي بالدراما المُشتركة القائمة على مجموعة من الممثلين الأبطال من جنسيات مختلفة سورية لبنانية ومصرية وتونسية، وأحياناً نصل إلى الخليج في جمع عدد من الممثلين في عمل واحد، من باب تشجيع المحطات على شراء الأعمال المُنتجة في قالب متعدد الجنسيات من الأعمال الدرامية".
رفضت المشاركة في مسلسلات سورية بسبب الأوضاع
وعن صوابيّه اختيار عددٍ من الممثّلين من جنسيّات مُختلفة، في عملٍ سوري أو لبناني أو مصريّ. يقولُ داغر: "أنا اعتبر ذلك صحيّاً، ولا علاقة للهجات بالقصة أو السيناريو. الأهمّ هو صناعة أو تقديم دور، يقنِع المتابعين على مشاهدة العمل". في الفترة الأخيرة، قلّل بيار داغر، من أعماله الدراميّة، ففي عام 2014، شارك داغر في أربعة أعمال دراميّة، منها "خيانة البنادق" و"العبور"، لكن النجاح كان ذلك العام، لمسلسل "خيبر"، "الذي تفوّق باعتقادي أثناء عرضه على كثير من الأعمال، التي طبعَت ذاكرة المتابعين في العامين الماضيَيْن". ويكمل داغر قائلاً: "في عام 2015، عُرض علي المشاركة في مسلسل "بانتظار الياسمين"، لكنني رفضت لأسباب أمنية تعانيها سورية. وكان قبلها عرض للمشاركة في مسلسل "حبة حلب" للمخرجة، رشا شربتجي، لكنني اعتذرت أيضاً. وهذا العام، رأيت أن الاتفاق الروسي الأميركي بشأن ما يحصل في سورية، ممكن أن يأخذني أو يشجعني في المشاركة ببعض الأعمال الدرامية هناك".
"خاتون" مسلسل يروي حقبة الانتداب الفرنسي
يشارك، بيار داغر، بدور الحاكم العسكري الفرنسي في القصة الحقيقية لمسلسل "خاتون"، الذي استقطب هذا العام مجموعة من الوجوه اللبنانية البارزة، ومنهم ورد الخال، وشقيقها يوسف الخال، وطوني عيسى. يروي بيار داغر، أن قصة المسلسل تاريخية، وتعود الى أيام حكم الانتداب الفرنسي في لبنان، و"خاتون هي امرأة سورية ما زالت على قيد الحياة، وأحبت أن تروي قصة حياتها التي انطبعت في ذاكرتي الكاتب والمخرج، وخرجت في إطار درامي جيد في اعتقادي، ومهم في الإضاءة على كثير من التفاصيل التاريخيّة في تلك الحقبة".
وحول كيفية التعاون السوري اللبناني المُشترك، يقول بيار داغر: "أعتقد ان الإخراج، أو الحبكة الذكية، لا تحاكي بالضرورة جنسيات الممثلين". يضيف: "مجموعة الممثلين اللبنانيين في "خاتون"، أي أنا ويوسف الخال وطوني عيسى، نلعب أدوار عسكريين فرنسيين عاشوا تلك الحقبة، التي جمعت سياسة دول الانتداب أثناء حكم الفرنسيين للمنطقة، لسنوات سبقت الاستقلال، وهذه الشخصيات، صعبة للغاية إذ نعود بالذاكرة والقصة إلى تلك الأيام التي قرأنا عنها فقط في كتب التاريخ، ولم نعشها عملياً شخصياً".
الإخراج لا علاقة له بالجنسية
وحول التعاون مع مخرج سوري، وعن إمكانيّة وجود اختلاف بين إدارة المخرج السوري عن زميله اللبناني في إخراج الأعمال الدرامية، يقول داغر: "الاختلاف لا علاقة له بالجنسية، المخرج الذي نتعاون معه، إما أن يكون محركاً ومديراً ومحفّزاً للممثلين، أو أن يقوم بتنفيذ ما هو مطلوب منه في المشاهد المرسومة فقط. وفي تعاوننا مع عدد من المخرجين السوريين، نجد أن معظم هؤلاء، يتدخلون في سبيل تحريك الممثل وتحفيزه على "البلاتو" وأثناء التصوير".
بيار داغر في "صرخة روح"
وحول العمل الجديد "صرخة روح" في جزئه الرابع، الذي يُصور في بعض المدن السورية وبيروت، يقول بيار داغر: "حقيقة لم أشاهد الأجزاء السابقة من "صرخة روح". لكن، عندما وصلني النص، قرأته ووافقت على الفور في المشاركة في العمل، لأنه، حقيقة، يطرح موضوعاً جريئاً جداً، في كيفية التعامل مع الأطفال بداية، والمجتمع خصوصاً".
وحول النقدّ الي تعرض له "صرخة روح" في أجزائه الثلاثة السابقة، وقرار بعض المحطات بعدم عرضه، ومنها قنوات سورية، يقول داغر: "لا أعتقد أن سيرة المسلسل أو القصص الواقعية التي يُقدمها مخيفة أو معيبة بحسب بعض القنوات التي تتحدث عنها. على العكس، علينا الدخول إلى أعماق هذه القصص الاجتماعية، والإضاءة عليها بالطريقة التي تتماشى والهدف من وراء المسلسل عموماً، لأن مجتمعنا يحتوي على العديد من الأمراض والمشاكل التي يجب أن يتم إلقاء الضوء عليها".
يجسد داغر في "صرخة روح" دور "فوزي"، الذي تُسند إليه تربية أحد الأطفال عن طريق صديقه. وعندما يكبر الطفل يصبح غريماً للصديق بسبب بعض الخلافات العائلية بين عائلة "فوزي" و"منصور" الذي يلعب دوره الممثل اللبناني مجدي مشموشي. ويتابع داغر: "أرى أن المخرج، سمير حسين، يدرك جيداً كيفية متابعة الشخصيات في "صرخة روح" الجزء الجديد، وستشاهدون عملاً يستحق المتابعة، ويطرح قضايا تهمنّا جميعاً".