وفي السياق، كشف عضو المكتب لسياسي لـ"جبهة التحرير الوطني"، فؤاد سبوتة، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الحزب حسم القرار لصالح معاذ بوشارب في سياق "سعيه لضخ الدماء الشابة في المناصب القيادية".
ووافقت الرئاسة الجزائرية على ترشيح بوشارب لهذا المنصب، بعد استشارة الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس للرئاسة، إذ يعدّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الشرفي للحزب، وتعود القيادة له في القرارات السياسية الحساسة.
وأصدرت الكتلة النيابية لحزب "جبهة التحرير الوطني" بياناً أمس أعلنت فيه التزامها بخيار القيادة السياسية ودعم بوشارب لمنصب رئيس البرلمان، والذي يحظى أيضاً بدعم أربع كتل أخرى هي كتلة "التجمّع الوطني الديمقراطي" و"الحركة الشعبية الجزائرية" وحزب "تجمّع أمل الجزائر" وكتلة المستقلين.
وعدّل مكتب البرلمان الجزائري من أجندة الجلسة النيابية اليوم الأربعاء، وقرّر عقد جلستين، الأولى مخصّصة لإقرار شغور منصب رئيس البرلمان، فيما الثانية لانتخاب أو تزكية رئيس جديد للبرلمان.
ومنذ إقرار شغور منصب رئيس البرلمان رسمياً الأحد الماضي، كانت تجري مشاورات سياسية بين قادة الأحزاب والكتل النيابية الموالية للحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة لاختيار رئيس جديد. وفي هذا الإطار، عقد رؤساء الكتل النيابية الخمس التي أطاحت ببوحجة، "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" و"الحركة الشعبية الجزائرية" و"تجمّع أمل الجزائر" و"كتلة المستقلين" اجتماعاً صباح أمس الثلاثاء، لكنه لم يفض إلى توافق نهائي.
وتأتي هذه المشاورات استكمالاً للقاء تمّ مساء الاثنين الماضي بين رئيس الحكومة أحمد أويحيى الذي يدير حزب "التجمّع الوطني الديمقراطي"، والأمين العام لـ"جبهة التحرير الوطني"، جمال ولد عباس، وأمين عام "الحركة الشعبية الجزائرية"، عمارة بن يونس، ورئيس حزب "تجمّع أمل الجزائر"، عمار غول، في مقر قصر الحكومة، والذي تمّ الاتفاق خلاله على تزكية الأحزاب الأربعة وكتلة المستقلين لاختيار رئيس للبرلمان.
وقبل إعلان ترشيح بوشارب، برزت بعض الأسماء الأخرى لتولي منصب رئيس البرلمان، ومنها الرئيس الحالي لمكتب البرلمان، الحاج العايب، والذي ينتمي إلى "جبهة التحرير الوطني" (مناضل في ثورة التحرير)، ويتمتّع برصيد نيابي كبير، إذ قضى أكثر من 21 سنة في البرلمان بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. لكنّه برز بشكل أكبر خلال الأزمة النيابية الراهنة، وكان الرأس المنفّذ لعملية الإطاحة برئيس البرلمان بصفته العضو الأكبر سناً في مكتب البرلمان، والوحيد الذي يمكنه إعطاء الطابع الإجرائي لعملية الإطاحة بالسعيد بوحجة، بقبوله ترؤس اجتماعات مكتب البرلمان وإعلان حالة الشغور ورفع التجميد عن نشاط البرلمان وتحديد موعد للجلسة العامة.
وحتى التوازنات الجهوية كانت تخدم الحاج العايب لترأس البرلمان، إذ تحرص السلطة في الجزائر على توزيع متوازن لتمثيل المناطق في أعلى هرم السلطة، إذ يحسب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على منطقة الغرب، ويحسب رئيس الحكومة أحمد أويحيى على منطقة الوسط، فيما ينحدر الحاج العايب من منطقة الشرق (ولاية باتنة شرقي الجزائر)، وهي المنطقة نفسها التي ينحدر منها رئيس البرلمان المطاح به السعيد بوحدة (ولاية سكيكدة شرقي الجزائر). كما يحوز الحاج العايب على الشرعية الثورية (المشاركة في ثورة التحرير)، والتي ما زالت تلعب دوراً في شغل هكذا مناصب.
ومنذ بدء الأزمة النيابية، طُرح أيضاً اسم وزير المالية السابق والنائب محمد جلاب المنتمي إلى كتلة "جبهة التحرير الوطني" التي تحوز على الأغلبية النيابية، كمرشّح لرئاسة البرلمان. وكان ينظر إلى جلاب على أنه يحظى بدعم عدد كبير من نواب البرلمان بسبب رصيده العلمي والسياسي كوزير في الحكومة. لكن هذه الاعتبارات لم تكن كافية للدفع به إلى رئاسة البرلمان. وطرح في السياق نفسه، اسم وزير النقل السابق بوجمعة طلعي، المنتمي إلى الحزب نفسه، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان عبد الحميد سي عفيف.
وفي حديث مع "العربي الجديد" في وقت سابق أمس، قال سي عفيف إنّ "الأمر يتعلّق برئاسة البرلمان، وبالرجل الثالث في الدولة والشخصية التي يجب أن تحسن إدارة المؤسسة النيابية والتعامل مع 35 حزباً ممثلاً في البرلمان"، مضيفاً أنّ "هناك قيادة للحزب وقيادة عليا أيضاً (في إشارة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بصفته الرئيس الشرفي للحزب) هي التي تفصل في اسم الشخصية التي ستتم تزكيتها في جلسة الأربعاء".
واستبعدت في السياق فكرة نقل رئاسة البرلمان من حزب "جبهة التحرير الوطني" إلى غريمه السياسي "التجمّع الوطني الديمقراطي"، في مقابل نقل رئاسة مجلس الأمة الذي يديره القيادي في "التجمّع"، عبد القادر بن صالح، إلى أمين عام "جبهة التحرير"، جمال ولد عباس العضو في المجلس، بعد توافقات سابقة سرت في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد قرار كتلة "جبهة التحرير" حصر استخلاف رئيس البرلمان السعيد بوحجة المنتمي إلى الجبهة، من ضمن مرشحي كتلة الحزب نفسها.
من جهتها، قرّرت مجمل كتل المعارضة؛ "جبهة القوى الاشتراكية" و"حزب العمال" و"حركة مجتمع السلم" و"التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"الاتحاد من أجل النهضة والتنمية"، مقاطعة الجلسة العامة اليوم، على خلفية رفضها لمجمل ما تصفه كتل المعارضة بالانقلاب وخرق الدستور في عملية الاطاحة برئيس البرلمان.