03 مارس 2022
بوريس جونسون المُحرِج
مُكرهة، احتفظت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بوزير الخارجية، بوريس جونسون، ضمن التشكيلة الحكومية التي أجرت عليها تعديلاً طفيفاً الأسبوع الماضي. وخلافاً لما اعتقده مراقبون كثيرون، لم تتخلص ماي من جونسون المشاغب، على الرغم مما يُسببه من صداع للسيدة التي تواجه مصاعب جمة، سواء على صعيد ملف "بريكست" والمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، أو مواجهة الأزمات التي تعصف بقطاع الصحة العمومية، أو كبح تقدم شعبية زعيم حزب العمال المعارض، جيرمي كوربين.
في الاجتماع الأول للحكومة البريطانية بتشكيلتها المعدَّلة، اضطرت السيدة ماي لمقاطعة وزير الخارجية خلال مداخلة أمام الحكومة، عندما صار يتحدث عن سياسات العربية السعودية وما تخلفه غارات الطائرات "السعودية على لبنان الذي مزقته الحرب". الوزراء الذين نظروا إلى رئيس الدبلوماسية بدهشة، تسامحوا مع زلة اللسان، على اعتبار أنه يقصد "اليمن". تابع الوزير الحديث بمطالبة الحكومة لفعل "شيء ما حيال الحرب السعودية على لبنان"، وهنا لم تتحمل تيريزا ماي، وقفزت مقاطعة وزير خارجيتها، بالقول "تقصد اليمن".
يبدو أن قرابة عامين في وزارة الخارجية لم تُعلم الوزير جونسون الكثير عن الشؤون الخارجية التي لم يكن يعلم عنها إلا القليل، تعلمه عندما كان عمدة للعاصمة لندن. إلى جانب هفواته المعلوماتية، اشتهر جونسون بعدم كياسته، وقلة دبلوماسيته، سيما عندما انتقد تصريحات للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في مسألة استفتاء "بريكست"، حيث كتب، بتعبيرٍ لا يخلو من العنصرية، إن "التراث الكيني في شخصية أوباما عزز مشاعره المعادية لبريطانيا"، مضيفاً أن "الرئيس نصف الكيني يكن كراهية للإمبراطورية البريطانية". وخلال معركة الاستفتاء بشأن مصير عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، هاجم جونسون قادة الاتحاد الأوروبي، وقال إن مساعيهم إلى بناء "دولة أوروبا الكبرى" لا تختلف عن مساعي هتلر ونابليون في توحيد أوروبا.
ولم تسلم مرشحة الرئاسة الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، من لسان جونسون، عندما قال إنها تشبه ممرضة سادية "تصبغ شعرها أشقر، مع شفتين أشبه بشفاه الأطفال وهم غاضبون، ونظرة تحديق فولاذية بعينين زرقاوين مثل الممرضة السادية في مستشفى للأمراض العقلية". وكتب جونسون شعرا ساخراً في الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال فيه إن "الماعز" شريك رومانسي لأردوغان. وشبه بوريس جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشخصية سلسلة هاري بوتر الشهير "دوبي قزم المنزل"، وقال "على الرغم من أنه يبدو صغيرا مثل دوبي قزم المنزل، إلا أنه طاغية لا يرحم". حتى رئيسته، تيريزا ماي، لم تسلم من سخريته، عندما قال لسفراء أجانب إنها منفتحة على الثقافات العالمية، إلى درجة أنها ترتدي السراويل الألمانية التقليدية المصنوعة من الجلد.
ولا يجد المتابعون لمسيرة بوريس جونسون تفسيرا لسلوكه، لا سيما وأنه خريج جامعة أكسفورد العريقة، وعلى الرغم من انشغاله في دراسة الفلسفات الرومانية واليونانية واللاتينية القديمة. وقد ترأس اتحاد الطلاب في جامعة أكسفورد، حيث بدأت شخصيته السياسية تتشكل، واحدا من جيل السياسيين الذين سيقودون دفة الحكم في بريطانيا في القرن الحادي والعشرين. ويتهمه السياسيون الذين عملوا معه بأن ذاته متضخمة وشديدة الطموح، وبأنه لا يأخذ بالاعتبار الحقيقة أو الآخرين. مع ذلك، صورته العامة أقرب إلى نجم تلفزيوني محبوب، شديد التلقائية والمرح، يُحسن التحدث، ويستخدم لغة لا يقدر عليها سياسيون آخرون.
وبقدر ما يبدو وزير الخارجية البريطانية جاهلاً بالملفات الدولية، إلا أنه غالباً ما يدهش مستمعيه بمعرفة واسعة بالثقافات الأخرى، حتى عندما يتحدّث عنها ساخرا، وربما كان الفضل في ذلك لإتقانه خمس لغات، الروسية والألمانية والفرنسية واللاتينية والإنكليزية.
ويشبه جونسون الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شيء آخر، عدا الشعر الأصفر المنكوش، فهو يعتمد، في حياته السياسية، على الثقافة الشعبوية، والاستعراض التلقائي، من دون الاهتمام بالحقائق والمنطق. ولذا كان دائماً في حياته، صحافيا ومؤرخا، وأيضاً سياسيا، حاضرا في الحياة العامة، وإنْ كان من باب المشاكسة، وطول اللسان.
في الاجتماع الأول للحكومة البريطانية بتشكيلتها المعدَّلة، اضطرت السيدة ماي لمقاطعة وزير الخارجية خلال مداخلة أمام الحكومة، عندما صار يتحدث عن سياسات العربية السعودية وما تخلفه غارات الطائرات "السعودية على لبنان الذي مزقته الحرب". الوزراء الذين نظروا إلى رئيس الدبلوماسية بدهشة، تسامحوا مع زلة اللسان، على اعتبار أنه يقصد "اليمن". تابع الوزير الحديث بمطالبة الحكومة لفعل "شيء ما حيال الحرب السعودية على لبنان"، وهنا لم تتحمل تيريزا ماي، وقفزت مقاطعة وزير خارجيتها، بالقول "تقصد اليمن".
يبدو أن قرابة عامين في وزارة الخارجية لم تُعلم الوزير جونسون الكثير عن الشؤون الخارجية التي لم يكن يعلم عنها إلا القليل، تعلمه عندما كان عمدة للعاصمة لندن. إلى جانب هفواته المعلوماتية، اشتهر جونسون بعدم كياسته، وقلة دبلوماسيته، سيما عندما انتقد تصريحات للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في مسألة استفتاء "بريكست"، حيث كتب، بتعبيرٍ لا يخلو من العنصرية، إن "التراث الكيني في شخصية أوباما عزز مشاعره المعادية لبريطانيا"، مضيفاً أن "الرئيس نصف الكيني يكن كراهية للإمبراطورية البريطانية". وخلال معركة الاستفتاء بشأن مصير عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، هاجم جونسون قادة الاتحاد الأوروبي، وقال إن مساعيهم إلى بناء "دولة أوروبا الكبرى" لا تختلف عن مساعي هتلر ونابليون في توحيد أوروبا.
ولم تسلم مرشحة الرئاسة الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، من لسان جونسون، عندما قال إنها تشبه ممرضة سادية "تصبغ شعرها أشقر، مع شفتين أشبه بشفاه الأطفال وهم غاضبون، ونظرة تحديق فولاذية بعينين زرقاوين مثل الممرضة السادية في مستشفى للأمراض العقلية". وكتب جونسون شعرا ساخراً في الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال فيه إن "الماعز" شريك رومانسي لأردوغان. وشبه بوريس جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشخصية سلسلة هاري بوتر الشهير "دوبي قزم المنزل"، وقال "على الرغم من أنه يبدو صغيرا مثل دوبي قزم المنزل، إلا أنه طاغية لا يرحم". حتى رئيسته، تيريزا ماي، لم تسلم من سخريته، عندما قال لسفراء أجانب إنها منفتحة على الثقافات العالمية، إلى درجة أنها ترتدي السراويل الألمانية التقليدية المصنوعة من الجلد.
ولا يجد المتابعون لمسيرة بوريس جونسون تفسيرا لسلوكه، لا سيما وأنه خريج جامعة أكسفورد العريقة، وعلى الرغم من انشغاله في دراسة الفلسفات الرومانية واليونانية واللاتينية القديمة. وقد ترأس اتحاد الطلاب في جامعة أكسفورد، حيث بدأت شخصيته السياسية تتشكل، واحدا من جيل السياسيين الذين سيقودون دفة الحكم في بريطانيا في القرن الحادي والعشرين. ويتهمه السياسيون الذين عملوا معه بأن ذاته متضخمة وشديدة الطموح، وبأنه لا يأخذ بالاعتبار الحقيقة أو الآخرين. مع ذلك، صورته العامة أقرب إلى نجم تلفزيوني محبوب، شديد التلقائية والمرح، يُحسن التحدث، ويستخدم لغة لا يقدر عليها سياسيون آخرون.
وبقدر ما يبدو وزير الخارجية البريطانية جاهلاً بالملفات الدولية، إلا أنه غالباً ما يدهش مستمعيه بمعرفة واسعة بالثقافات الأخرى، حتى عندما يتحدّث عنها ساخرا، وربما كان الفضل في ذلك لإتقانه خمس لغات، الروسية والألمانية والفرنسية واللاتينية والإنكليزية.
ويشبه جونسون الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شيء آخر، عدا الشعر الأصفر المنكوش، فهو يعتمد، في حياته السياسية، على الثقافة الشعبوية، والاستعراض التلقائي، من دون الاهتمام بالحقائق والمنطق. ولذا كان دائماً في حياته، صحافيا ومؤرخا، وأيضاً سياسيا، حاضرا في الحياة العامة، وإنْ كان من باب المشاكسة، وطول اللسان.