بورصات تحت الضباب

26 أكتوبر 2015
تذبذبات في أسواق المال العربية(فرنس برس)
+ الخط -
سجلت الأسهم العالمية في الربع الأخير من هذا العام مستويات منخفضة في التداول، بعد صيف عصيب اهتزت فيه معنويات المستثمرين تأثراً بتطورات أكبر اقتصادين في العالم. فقد كان الانهيار المتواصل في أسعار السلع الأساسية، والتراجع المخيف للأسهم الصينية بعد قيام الصين بتخفيض نادر لقيمة عملتها، والمخاوف من عدم قدرة اليونان على سداد ديونها الضخمة، والتوقعات بقيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع وشيك للفائدة في الولايات المتحدة، من بين العوامل العديدة التي جعلت الأشهر الثلاثة الماضية، صيفاً لا ينساه المستثمرون.

مخاوف المستثمرين

ساهمت هذه العوامل في تنامي مخاوف المستثمرين في الأسواق العالمية، التي تعاني من توتر شديد بالفعل، في أن الاقتصاد العالمي يتجه، لا محالة، نحو تحقيق نمو ضعيف مدفوعاً بتباطؤ في الأسواق الناشئة، وخاصة الصين. خلال الربع الثالث الماضي، سجل مؤشر "شانغهاي" الصيني أضعف أداء له منذ عام 2008، وقد اُعتبر، أيضاً، الأكثر ضعفاً بين أسواق الأسهم العالمية مع فقدانه نحو ربع قيمته.
لم تكن باقي المؤشرات أحسن حالاً، حيث تراجع مؤشرا "داو جونز الصناعي" و"ناسداك" الأميركيان بأكثر من 10%، في حين تراجعت المؤشرات الأوروبية بشكل أكبر، مع تهاوي مؤشر "داكس" الألماني 16%، ومؤشر "كاك" الفرنسي 11%، والبورصة الإيطالية بواقع 9%، حيث ألقى الكثير من المستثمرين باللوم على ضعف الأسواق الناشئة.
في الواقع، أظهرت البيانات الأخيرة الصادرة عن "المعهد الدولي للتمويل" قيام المستثمرين الأجانب ببيع نحو 39 مليار دولار من أصول الأسواق الناشئة. وفي حين قدمت نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، المنعقد منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي، دفعة معنوية قصيرة الأجل للمستثمرين أسهمت في تدفق استثماراتهم نحو الأسواق الناشئة، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً حيث تجدد هروب المستثمرين من هذه الأسواق في أواخر الشهر ذاته.

اقرأ أيضاً:الصين والدولار والنفط

لم تسلم مؤشرات آسيا والمحيط الهادئ، بدورها، من الانهيار، فقد سجلت هي الأخرى أداء ضعيفاً، حيث تفاقمت جراء تراجع حاد لمؤشرات الأسهم العالمية خلال الشهرين الأخيرين من الربع الثالث، إضافة إلى ذلك، كان مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ يسجل ثاني أضعف أداء في المنطقة، بعد سوق "شنغهاي"، حيث أنهى الربع متراجعاً 20% على الأقل، فيما تراجع مؤشر "نيكي 225" الياباني بأكثر من 15%.
في الواقع، يتوقع العديد من المحللين أن تُخيّم سحابة من التشاؤم على أسواق الأسهم العالمية لفترة من الوقت، محذرين من أن أي ارتفاعات قصيرة الأجل قد تكون مؤقتة على الأرجح. تترافق هذه النظرة مع ارتفاع مخاطر تراجع السلع العالمية، والمخاوف بشأن الأسواق الناشئة المثقلة بالديون التي قد تتفاقم بشكل أكبر، عندما يبدأ الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة.
في الوقت الحالي، يُنظر إلى الأسهم الأوروبية على أنها أكثر جاذبية مقارنة مع الأسهم اليابانية والأميركية، حيث يعادل معيار "مضاعف الربح إلى العائد" لمؤشر "يورو ستوكس 600" نحو 16 مرة مقابل 15 مرة للأسهم اليابانية و18 مرة للأسهم الأميركية، أي أنه يتم تقييم الأخيرة بأسعار أعلى نسبياً.

اقرأ أيضاً:ما هي المخاطر المالية؟

أما الأسواق العربية، فقد كان واضحاً تأثرها بتنامي مخاوف المستثمرين في الأسواق العالمية بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث تراجعت أسواق الأسهم العربية بنسبة 11٪، في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، في حين تكبدت أسواق الأسهم الخليجية خسائر تجاوزت نسبتها 13% مقارنة مع زيادة بلغت 22٪ و23٪، على التوالي، في الفترة نفسها من عام 2014. وازداد المشهد ضبابية، مؤخراً، منذ أن قامت الصين بتخفيض قيمة عملتها، وسط تكهنات من أن هذا الإجراء قد يحد من عائدات النفط في المنطقة.
بعبارة أخرى، هناك قلق متزايد من قرار الصين السماح بإضعاف عملتها، مما سيجعل وارداتها من المواد الخام، اللازمة لدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أكثر تكلفة، وما يقلص وارداتها من النفط والغاز الطبيعي التي تعتبر الصين من بين أكبر وجهات الشحن لهما.
(خبير اقتصادي أردني)
المساهمون