بوادر انهيار اتفاق إدلب

09 اغسطس 2020
تستمر معاناة النازحين في إدلب (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

تشير التحركات الميدانية لجميع أطراف الصراع الفاعلة في محافظة إدلب إلى أن اتفاق الهدنة الذي وقّعته كل من روسيا وتركيا مطلع مارس/ آذار الماضي قد بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. فعلى طرفي جبهات القتال في محافظة إدلب، لا تزال كل من قوات النظام والمليشيات الإيرانية الموالية لها تستقدم مزيداً من التعزيزات إلى خطوط المواجهة. ويبدو ذلك استعداداً عسكرياً لمواجهة جديدة مع قوات المعارضة وتنظيم هيئة تحرير الشام. 
أما فصائل المعارضة، فتحاول على الطرف الآخر من الجبهة تنظيم صفوفها والاستعداد لأي مواجهة مرتقبة، والتي من المرجّح أن تشترك فيها القوات التركية بشكل أكثر فاعلية، خصوصاً أن أنقرة استقدمت إلى المنطقة نحو عشرين ألف عنصر من الجيش التركي وأنشأت نقاطاً عسكرية لها في المنطقة. كذلك نصبت تركيا منظومات دفاع جوي، ما يشير إلى استعداد لوجستي عالٍ لمعركة مرتقبة مع قوات النظام التي شنّت مطلع العام الحالي عملية واسعة في ريف المحافظة الجنوبي بمساندة الطيران الروسي، الذي خرق اتفاق خفض التصعيد. وهو الاتفاق الذي لا يسمح لقوات النظام بالتقدم إلى ما بعد بلدة مورك في ريف حماة الشمالي. والأخيرة استولت خلال عمليتها الأخيرة على كل ريف حماة الشمالي وأجزاء واسعة من ريف إدلب الجنوبي وصولاً إلى مدينة سراقب الاستراتيجية، الأمر الذي أحرج الجانب التركي، خصوصاً بعد الاعتداء المباشر من قبل قوات النظام على القوات التركية وقتل العشرات من الجنود الأتراك. كذلك سبّبت الكتلة البشرية الهائلة التي نزحت إلى الشمال السوري ضغطاً إضافياً على تركيا في المنطقة، ما استدعى رداً عسكرياً مباشراً من الجيش التركي، بالإضافة إلى توجيه أنقرة إنذاراً شديد اللهجة لقوات النظام بالتراجع عن المناطق التي سيطرت عليها. 
كل هذه المعطيات التي سبقت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وما تبعها من حشود خلال فترة تطبيقه، تشي بأن اتفاق وقف إطلاق النار حول إدلب قد وصل إلى نهاياته، خصوصاً مع محاولات المليشيات الإيرانية المتكررة انتهاكه. كما أنّ انهيار الاتفاق سيؤدي إلى اشتراك الجيش التركي بشكل مباشر في المواجهة المحتملة، ما يرجّح حسم أي مواجهة مقبلة لصالح المعارضة، ما لم تضع موسكو ثقلها العسكري، الأمر الذي من شأنه أن يصعّب من مهمة روسيا التي لا ترغب في الوصول إلى مرحلة الصدام مع تركيا. والأخيرة من المستبعد أن تسحب كل تلك القوات التي استقدمتها إلى المحافظة، لعدة أسباب. ومنها أهمية إدلب بالنسبة للأمن القومي التركي، والرغبة التركية في بقاء قواتها على خطّي الترانزيت أم 4، وأم 5، بالإضافة إلى التزام تركيا بتعهداتها تجاه إعادة النازحين من جنوب إدلب إلى مناطقهم. 


 

المساهمون