يروي اللواء بهجت سليمان قصة تعينيه سفيراً لسورية لدى الأردن، بأنه أخذ وعداً على الرئيس بشار الأسد، عندما كان يتولى إعداده للرئاسة قبل العام 2000، بتعينيه سفيراً لسورية في القاهرة في نهاية خدمته. وبالفعل، عينه الأسد سفيراً، ولكن في الأردن، بمجرد وصوله لسن التقاعد عام 2009، بعدما أُعفي من منصبه كمدير لفرع الأمن الداخلي، أحد أهم فروع جهاز أمن الدولة في سورية عام 2005، ونقل للمقر العام "كناية عن التجميد".
ويرى عارفون أن اللواء بهجت سليمان لم يكن راضياً تماماً عن جائزة نهاية الخدمة، وكان يتوقع دوراً أكبر، وهذا ما سعى إليه مع بداية الثورة، فصار يكتب "خواطر أبو المجد"، وهذه كنيته، وبدأ سلسلة استفزازات ضد الدولة المضيفة، انتهت باعتباره شخصاً غير مرغوب بوجوده على أراضيها، اليوم الإثنين.
أما عن سبب عدم رضى أبو المجد بدور السفير، فذلك يعود إلى أنه يرى نفسه قد ظُلم عندما أُعفي من موقعه في ظل صراع الأجهزة وأفراد العائلة، فذهب ضحية خلافه مع الصهر آصف شوكت، والشقيق ماهر الأسد، وأنهما اتحدا ضده، رغم خلافاتهما مع عائلة ناصيف، منهم محمد ناصيف سلف سليمان في الفرع الداخلي، وفؤاد ناصيف خلفه في إدارة الفرع، فحُمِّل سليمان مسؤولية تجنيد الكثير من الشباب السوري والعربي للقتال في العراق، بالشراكة مع عدد من رجال الدين، وأبرزهم المفتي أحمد حسون ومحمود قول اغاسي، "أبو القعقاع"، الذي اغتيل في ظروف غامضة عام 2007.
كما تتحدث بعض الدوائر عن دور لسليمان باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وفبركة شريط "أبو عدس" الشهير، فضلاً عن إشارة البعض إلى قرابة والدته بسليمان المرشد، والذي قاد انشقاقاً عن الطائفة العلوية في أربعينات القرن الماضي.
ويعدد "رجال بهجت" الكثير من خدماته للنظام، ويشيدون بوفائه للرئيس الراحل حافظ الأسد وعائلته، وينسبون له تأهيل بشار الأسد للرئاسة، وإحاطته بعدد من المثقفين والباحثين وإطلاق شعار "باسل المثل وبشار الأمل"، إيذاناً بانتقال التأهيل من باسل الشقيق الأكبر، الى بشار، بمجرد الإعلان عن وفاة باسل.
أوكل حافظ الأسد لبهجت سليمان (الذي يحمل شهادة دكتوراه في الاقتصاد السياسي عام 1982) رعاية ابنه بشار، فتولى الرجل مرافقته إلى اجتماعات الجمعية الاقتصادية والجمعية المعلوماتية، وقدم إليه العديد من أصدقائه المثقفين، وأصبح بعضهم وزراء ومدراء عامين. لكن نهايات معظم هؤلاء كانت مأساوية، كحال المثقف عصام الزعيم كما انتهت مشاريعه بالإغلاق.
كان لسليمان دور كبير في ترتيبات نقل السلطة، وتعديل الدستور لتوريث بشار الأسد إثر وفاة والده. وسليمان هو من كتب سيرة حافظ الأسد الرسمية، وكان له ثقل كبير مع تولي بشار السلطة، وهو ما أزعج القريبين من الرئيس الابن.
المعروف عن سليمان أنه مغرم بالسلطة، وعاشق لامتلاكها، فبدأ مع قائد "سرايا الدفاع" رفعت الأسد، الرجل القوي في ثمانينيات القرن الماضي، ثم نقل ولاءه من "القائد" كما كان يطلق على رفعت، إلى حافظ الأسد، ومعه انتقلت أسرار رفعت و"سرايا الدفاع"، فكافأه الأسد الأب بتسليمه فرع التجسس في أمن الدولة حتى العام 1999.
لسليمان ولدان، هما مجد، صاحب مؤسسة "U-G المتحدة الإعلامية" والذي يديرها من دبي، وحيدرة، المعروف بتصريحاته "التشبيحية"، وأهمها يقول فيها إن "الأرض أرضنا والبراميل براملينا"، فضلاً عن ابنتين إحداهما متزوجة من أكثم دوبا، صاحب شركات نقل للبترول، وابن شقيق رجل الامن المعروف علي دوبا.
على الأرجح، لم ينتهِ دور بهجت سليمان، وعلى الأغلب سيقوم الأسد بتعيينه في منصب أمني أو مدني، ويرجح البعض من العالمين بأسرار العائلة والنظام في دمشق، أن ينتهي الرجل كما انتهى قادة أمنيون قبله، من أمثال غازي كنعان وجامع جامع.