واصلت المصارف التجارية في أوروبا التي أعلنت نتائجها للربع الثاني من العام الجاري زيادة مخصصاتها لتغطية خسائر القروض المشكوك في تحصيلها، ورغم ذلك جاءت نتائج البنوك المنشورة للربع الثاني حتى الآن أفضل من التوقعات. وأعلنت كل من مصارف "دويتشه بنك" و"يو بي أس" و"باركليز" ومصارف سويسرية أخرى خاصة عن زيادة مخصصاتها لخسائر القروض للعام الجاري.
وكانت شركة أوليفر وايمان الاستشارية العالمية قد قدرت احتمال ارتفاع خسائر البنوك التجارية من القروض المتعثرة خلال العام الجاري بنحو 800 مليار يورو في حال اشتداد موجة كورونا، واضطرت أوروبا لعملية إغلاق شاملة. ولكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً، كما أن النتائج المصرفية المعلنة حتى الآن جاءت أفضل كثيراً من توقعات محللي المصارف.
وفي هذا الشأن، أعلن دويتشه بنك، أكبر البنوك الألمانية، أمس الأربعاء، تكبد خسائر في الربع الثاني من العام الجاري، فيما يجري البنك عملية إعادة هيكلة باهظة التكلفة وسط تداعيات أزمة فيروس كورونا على عملياته وانشطته المصرفية. وحسب رويترز، أظهرت النتائج الفصلية تحسن الأداء في وحدة الاستثمار في المصرف الألماني، لكنها أظهرت أيضاً زيادة الأموال التي خصصت للحماية من خسائر قروض محتملة في ظل تداعيات الجائحة. كما قدم البنك توقعات أكثر تفاؤلاً لإيرادات العام، إذ يتوقع أن "تستقر الإيرادات إلى حد كبير" بدلاً من إشارة سابقة "لانخفاض طفيف في الإيرادات".
ويخضع دويتشه لعملية إعادة هيكلة كبيرة بعدما مُني بسلسلة من الخسائر على مدى الخمس سنوات الماضية. وتوقع محللون أن يسجل البنك خسائر عن العام كاملاً في العام الجاري 2020. وحذر مسؤولون تنفيذيون من أنه سيكون صعباً تكرر أداء البنك في النصف الأول من العام في نصفه الثاني. وفي الأسبوع الماضي، قال البنك إن النتائج ستكون أفضل من توقعات المحللين، وإن صافي خسارة العائد للمساهمين خلال الربع الثاني ستكون 77 مليون يورو (نحو 60.30 مليون دولار).
وهذه الخسارة أقل كثيراً من خسائر العام الماضي في نفس الفترة البالغة 3.3 مليارات دولار. وأعلن البنك زيادة مخصصات خسائر الائتمان إلى 761 مليون يورو ارتفاعاً من 161 مليون قبل عام. إلى ذلك قال بنك باركليز البريطاني إنه اقتطع مخصصات أكبر من المتوقع بلغت 1.6 مليار جنيه إسترليني لتغطية زيادة محتملة في خسائر القروض في الربع الثاني من العام، فيما بدأت التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا تلحق الضرر بأنشطة الأفراد.
وكان متوسط توقعات المحللين لمخصصات رسوم انخفاض قيمة الائتمان وخسائر القروض التي جمعها البنك يدور حول 1.42 مليار إسترليني في الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران. وبهذه الزيادة، يصل إجمالي المخصصات إلى 3.7 مليارات إسترليني في النصف الأول من العام، في حين يتوقع محللون أن يزيد الرقم إلى 5.79 مليارات إسترليني عن العام بأكمله.
وحقق البنك البريطاني أرباحاً قبل خصم الضرائب بقيمة 1.3 مليار إسترليني في النصف الأول من العام انخفاضاً من ثلاثة مليارات جنيه إسترليني قبل عام، إذ رجحت كفة مخصصات ديون رديئة محتملة أمام تحسن في إيرادات بنك الاستثمار الخاص به. وسجلت أقسام الدخل الثابت والعملة والسلع الأولية أفضل أداء في وحدة الخدمات المصرفية المؤسسية والاستثمارية بزيادة 60 بالمئة في الدخل إلى 1.4 مليار إسترليني في الربع الثاني. وسجل قسم الأسواق زيادة 49 بالمئة إلى 2.1 مليار إسترليني.
ويرى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت في بيانه حول اختبار قدرة تحمّل المصارف التجارية في منطقة اليورو لتداعيات جائحة كورونا الصادر يوم الثلاثاء، أن البنوك الأوروبية لديها القدرة على امتصاص صدمات جائحة كورونا. وبنى المركزي الأوروبي تقريره على احتمالين للنمو الاقتصادي، أحدهما بُني على احتمال تراجع الناتج المحلي الحقيقي لمنطقة اليورو بنسبة 8.7% خلال العام الجاري 2020، وأن يتمكن الاقتصاد الأوروبي من النمو بنسبة 5.2% في العام المقبل 2021، وبنسبة 3.3% في عام 2022. أما السيناريو الأسوأ، فهو احتمال أن يتراجع اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 12.6% في العام الجاري 2020، وأن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.3% في عام 2021، و3.8% في عام 2022.