بنك الحظ.. كوميديا ناجحة رغم بعض التكرار

03 مايو 2017
شارك محمد ممدوح في بطولة "بنك الحظ" (فيسبوك)
+ الخط -
إذا وضعَنا قائمة بأفضل الأفلام الكوميديَّة التي طرحت في مصر خلال السنوات الأخيرة، سيكون على رأسها فيلما "لا تراجع ولا استسلام" (2010) و"الحرب العالمية الثالثة" (2014). وإذا وسَّعنا القائمة لتشمل المسلسلات أيضاً، سيكون من بينها مسلسلا "الكبير" و"نيللي وشريهان". والقاسم المشترك بين كل تلك الأعمال، هو وقوف المخرج، أحمد الجندي، وراء الكاميرا، وهو الرجل الذي يُعتبَر دليلاً ساطعاً، على أن الكوميديا ليست فقط ممثّلاً خفيف الظل، أو سيناريو مُمتلئاً بالمواقف والنكات. ولكنّ الكوميديا، قبل كل شيء، هي مخرج مُتمكّن وواع بالإيقاع والضحك. وهو الأمر الذي يثبُتُه الجندي مرة أخرى مع فيلمه الجديد "بنك الحظ" الذي يُعرَض حالياً في دور السينما، ويدخل فيه سباقاً صعباً دون (نجم كوميدي)، ويخلق مع ذلك عملاً جيداً ومضحكاً جداً، حتى مع بعض عيوبه المتعلّقة بتكرار بعض المناطق في السيناريو.




الفيلم يدورُ حول حبكةٍ تقليديّةٍ، ولكنّها مُقدَّمةٌ بذكاء، عن اثنين من الأصدقاء (عمرو وصالح) يعملان في أحد البنوك، يُقرِّران سرقة هذا البنك استغلالاً لوجود ثغرة ستؤدي لتوقف النظام الأمني لمدة ساعتين، حيث لا إنذارات ولا كاميرات مراقبة. ومع استعانتهم بـ"زئرو" الذي يعمل لديهم في مشروع الـ"بلاي-ستيشن" الجانبي الذي يديرانه، يبدأ الثلاثة في التخطيط لعملية السرقة التي ستنقلب عليهم بعد قيام عصابة أخرى بالسطو في نفس الوقت.



هناك أسبابٌ كثيرةٌ لتفوُّق كوميديا أحمد الجندي في كل الأفلام والمسلسلات التي أخرجها، أوَّلها حرصه على جودة السيناريو، فالجندي يتعاملُ باحترامٍ مع منطقيّة الأحداث وتتابعها وبنائها، ولا يتعامل مع الفيلم الكوميدي باعتباره فواصل و"استكتشات" من الضحك، بقدر ما هو قصة قبل كل شيء. لذلك، يتعاملُ بجدية حتى مع هزليّة بعض الأحداث، وهو ما يجعل الأعمال كلها عبارة عن رحلة تريد معرفة نهايتها بالفعل، و"بنك الحظ" دليل جديد على ذلك في سيناريو جيد لمصطفى صقر ومحمد عز الدين. نتابع قصة الموظفين، ومُخطّط السرقة، وبداية العمليّة، وانقلاب وجود العصابة الأخرى وصولاً للنهاية، وتتصل الأحداث كلّها بشكلٍ مُتماسك.

السبب الثاني، هو قدرة الجندي على تطوير الشخصيَّات اعتماداً على تفصيلةٍ محددة، وخلق الكوميديا من خلالها. فمثلما حدث ذلك مع غباء شخصية "حزلقوم" وعصبية "سراج بيه" في "لا تراجع"، وتكرر في اندفاع "خميس" وتذاكي "علاء الدين" وطفولة "توت عنخ أمون" في "الحرب العالمية"، فإنَّه هنا يستغلُّ شر "صالح" وجبن "عمرو" وسوقية "زئرو" مع لمسة غباء تخصّ كلّاً منهم لخلق تفاعلات كوميديَّة لا تنتهي، وهي كوميديا بصريّة (بداية من الأزياء والديكور ووصولاً لطريقة التصوير والمونتاج) إلى جانب كونها أدائيَّة في تطويره لأداء الممثلين.

والسبب الثالث، في جودة الجندي هو قدراته كمخرج، وعنايته بالتفاصيل وجودة التصوير وتصميم المعارك والاستفادة من كل هذا على جانبي تطوير الحكاية وخلق الكوميديا، وهو هنا يصل إلى أعلى درجة استغلال لإمكانياته، والشكل الكاريكاتيري والهزلي الذي يخلقه في صورة وتفاصيل الفيلم بشكلٍ لا يمكن تجاوزه. كلّ تلك الأسباب مُجتمعة، وإلى جانبها أداءات ذكيّة ومُضحكة جداً من أغلب أبطاله (وبخاصة محمد ممدوح وأكرم حسني وخالد كمال)، جعلت الفيلم هو التجربة الكوميدية الفضلى في السينما المصرية منذ فيلم الجندي السابق "الحرب العالمية الثالثة"، حتى وإن لم يخل من بعض العيوب.



وعيوب الفيلم تتعلّق كلّها بالتكرار في بعض أجزائه، والارتكان لمنطقة آمنة تشارك فيها المخرج وكاتبا السيناريو في أعمال سابقة، فمثلاً تتابعات حبوب الهلوسة أو السجائر المخدرة، هي ليست فقط مستمدة من فيلم Hangover الأميركي، ولكن الصنّاع أنفسهم سبق لهم تكرارها بنفس الشكل، ومناطق الكوميديا في مسلسل "الكبير"، مما جعل إعادة إنتاجها واقتباسها هنا مرة أخرى أمراً مزعجاً للغاية.
دلالات
المساهمون