دعا رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، يوم الأحد، أمام اللوبي اليهودي الأميركي (ايباك)، إلى تبنّي حل إقليمي أشمل بين إسرائيل والدول العربية، من شأنه أن يسهم في إقامة الظروف لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، وهو الموقف الذي يخشى البعض أن يكون متناغماً مع ما يقال عن "أفكار جديدة" قد يطرحها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في القمة العربية، بشأن القضية الفلسطينية.
وركز بلير، قبيل انعقاد القمة العربية في البحر الميت بالأردن، على ضرورة قيام إسرائيل بالتسوية والتفاهم والتطبيع مع الدول العربية أولا، لأن الحل مع الفلسطينيين سيكون بعد ذلك سهلا، وهو ما يتطابق بشكل تام مع الموقف الذي يسعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وتتعارض تصريحاته مع مبادرة السلام العربية (قمة بيروت 2002) التي تشترط انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة والتوصل إلى حل عادل للاجئين، وكف أنشطة الاستيطان، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة، قبل قيام الدول العربية بالدخول في اتفاقية سلام مع إسرائيل.
"لن يكون في وسعنا التوصل إلى السلام بالاعتماد على الخطوات السابقة، نحتاج إلى منهجية جديدة لتحقيق تقدم"، كما جاء في كلمة بلير، قبل أن يستطرد قائلا إن مسلسل ربط الجسور بين إسرائيل والعالم العربي "يسير في الواقع على أحسن وجه".
بلير، الذي سبق له أن شغل منصب مبعوث السلام للرباعية الدولية للشرق الأوسط، تابع موضحا كلامه: بأنه توجد حاجة ملحة "لتبنّي مقاربة مغايرة لأجل التوصل إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، قبل أن يردف: "المفتاح لهذه المقاربة يتمثل اليوم في رأيي، في نوعية علاقة إسرائيل مع دول المنطقة".
كما لفت زعيم حزب العمال السابق، المعروف بانحيازه الكبير لمصلحة دولة الاحتلال، إلى أنه "اليوم توجد مصالح استراتيجية مشتركة، وأهداف موحدة تجمع إسرائيل والدول العربية"، في تلميح منه إلى المخاوف المشتركة بشأن أنشطة إيران في المنطقة وتدخلاتها. ومضى بلير في توضيح موقفه الجديد قائلا: "ما أشتغل عليه يتأسس على هذا الاعتقاد الأساسي: المفتاح لتحقيق التغيير في الشرق الأوسط، وبالتالي تحقيق سلام أكبر يتمثل في إقامة علاقات بين الإسرائيليين والعرب، تكون منفتحة، وفوق الطاولة، ومعترفا بها، وتفضي إلى القبول بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود مقابل تعاون إسرائيل بشكل وثيق مع الدول العربية".
كما شدد على ضرورة البحث عن التوصل إلى حل الدولتين "بطريقة تضمن أمن إسرائيل".
وتتزامن تصريحات بلير مع حديث عن "أفكار جديدة" لأحمد أبو الغيط لحل الصراع العربي الإسرائيلي. يشير البعض إلى احتمال أن تكون تصريحات بلير المعارضة لقرار المبادرة العربية 2002، تصبّ في خانة ما يروّج من "أفكار جديدة" ربما يطرحها على قمة البحر الميت، بعد غد الأربعاء.
إلى ذلك، لفت بلير إلى وجود بوادر تطوّر في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مشددا على أنه لا يمكن تجاهل الملف الفلسطيني، إذا ما كانت إسرائيل ترغب في تطوير تلك العلاقات. وقال في هذا الصدد: "لا يمكن أن تتوصل إلى هذه العلاقة الجديدة إلا إذا تم تدبير الملف الفلسطيني، والتعاطي معه ووضعه على سكة التوصل إلى تسوية".
لكنه استدرك قائلا إن مقاربة "من الخارج نحو الداخل" يمكن أن توفر الأجواء لتوقيع اتفاق صعب المنال.