بلديات ألمانيا تطلب مزيداً من المهاجرين

12 فبراير 2020
الأولوية للأطفال العالقين في الجزر اليونانية (نيكولا إيكونومو/ Getty)
+ الخط -

على العكس من الاتجاه الرسمي في ألمانيا، المتمثل بالتباطؤ في استقبال المهاجرين العالقين في اليونان ووسط أوروبا، فإنّ عدداً كبيراً من البلديات يحثّ الدولة على استقبالهم

تطالب 150 مدينة ألمانية منضوية تحت تحالف "مدن المرافئ الآمنة" بالسماح لها باستقبال مزيد من المهاجرين من البحر المتوسط ومن مخيمات اللجوء في اليونان وإيطاليا، وهو ما زاد الضغوط على الحكومة الاتحادية، في الوقت الذي تشير فيه المعلومات إلى البدء بسلسلة من الاجتماعات مع وزارة الداخلية الاتحادية في هذا الخصوص.

الحافز الأساس لرؤساء البلديات وراء هذا المطلب، المناشدة التي أطلقها الشهر الماضي زعيم حزب الخضر، روبرت هابيك للسلطات، كي تستقبل على الأقل الأطفال من مخيمات المهاجرين في اليونان، وتفيد البلديات بأنّ لديها مزيداً من المساحات في مراكز الاستقبال الخاصة بها، وهي تدعو فقط إلى تبسيط الإجراءات كي تكون قادرة على قبول مهاجرين جدد.

هذا الأمر تؤكده وزارة الداخلية في ولاية سكسونيا السفلى، إذ تشدد على التمسك باستقبال المهاجرين القصّر من مخيمات اليونان. وقال وزير الداخلية، بوريس بيستوريوس: "لا أستطيع أن أتسامح مع حقيقة أنّ الأطفال في وسط أوروبا يُتركون وحدهم في مخيمات بائسة يعانون من الأمراض والعنف". وأوضح أنّه من خلال حديثه مع أطباء عادوا لتوهم من عمليات الأزمات في أفريقيا، خلال زيارة قام بها للجزر اليوناية نهاية العام الماضي، تأكد من أنّ الظروف في جزيرة ليسبوس اليونانية، أسوأ مما هو الوضع في أفريقيا، متوقعاً أن يقوم الاتحاد الأوروبي بواجباته. كذلك، أشار إلى أنّه يريد أن يستقبل ما بين 100 و200 طفل تحت سن 14 عاماً في ألمانيا، لكنّه ما زال بانتظار موافقة الحكومة الاتحادية.



إلى ذلك، شددت رئيسة مكتب الهجرة في دوسلدورف، ميريام كوخ، على أنّه "يجب علينا في الوقت الحاضر، أن نكون في حالة طوارئ لإنقاذ المهاجرين"، لافتة إلى أنّه لا يمكن الآن فعل شيء في ليبيا، لكن على الجميع مساعدة الأشخاص الموجودين في الجزر اليونانية. وقالت إنّ مراكز الإيواء تستخدم الآن 80 في المائة فقط من قدرتها الاستيعابية، ويمكنها أن تستقبل هؤلاء الوافدين في الحال وبشكل مباشر، وبخاصة أولئك الذين يعانون من محنة في البحر الأبيض المتوسط، مع العلم أنّ العام الماضي شهد غرق 1100 مهاجر في البحر المتوسط، في أثناء محاولة وصولهم إلى أوروبا، فهناك تجري عملية الإنقاذ عبر أربع سفن، وبمبادرات فردية خاصة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الاتحادية مسؤولة حتى الآن عن الأسئلة المتعلقة بالإقامة، فيما تقرر وزارة الداخلية عدد المهاجرين الذين يمكنهم الوصول إلى ألمانيا كجزء من برنامج القبول، وكما هو معلوم فإنّ المدن مسؤولة حتى الآن عن نصف تكاليف الإقامة والإيواء، ويجري تمويل الباقي من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات. ووفقاً للقانون الاتحادي، لا يمكن نقل مزيد من المهاجرين إلى المدن من جانب الحكومة الاتحادية، ولا علاقات مباشرة بينها وبين البلديات.

في خضم ذلك، اشارت صحيفة "دي فيلت" إلى أنّه صدرت بالفعل تعليمات من الداخلية الاتحادية موجهة إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بالفعل لتسمية قائمة بالمدن والبلديات التي ترغب في استقبال مهاجرين حتى تتمكن السلطات، وفقاً للقانون من تخصيصهم بالعدد، وهو ما طالب به سكرتير الدولة المنتمي إلى الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا، شتيفان ماير، عندما قال: "احترموا التزام هذه البلديات التي لا تستطيع فهم حالة الانتظار".

وفي حديث مع شبكة التحرير الألمانية، قال عمدة بوتسدام، مايك شوبرت، أخيراً إنّه يريد المساعدة لإنقاذ الوضع الطارئ في اليونان وإيطاليا، قبل أن يلفت إلى أنّه، بموافقة الداخلية الاتحادية يمكن - بالفعل - الولايات قبول المهاجرين، مؤكداً أنّه لا بديل من قبول الناس، فإنقاذ المهاجرين من البحر ليس إجراءً سياسياً، لكنّه إجراء إنساني، فالمسألة تتعلق بهذه النقطة بالذات، ولا تدخل في احتمال بقاء هؤلاء الناس في ألمانيا إلى الأبد من عدمه.



من جهتها، قالت ليزا بفلاوم، المتحدثة باسم تحالف "سي بروكه"، وهي حركة دولية مدنية تطالب بتأمين طرقات هروب آمنة، وبإلغاء تجريم عمليات الإنقاذ البحري، خلال فعالية لحزب الخضر، إنّ عام 2020 يجب أن يكون عام المسؤولية العملية، مشيرة إلى أهمية مشاركة البلديات، وأنّه لا ينبغي للناس ركوب قوارب غير مناسبة على الإطلاق، لكن يجب أن يكونوا قادرين على الانتقال مباشرة من مراكز الاحتجاز الليبية إلى المدن والبلديات الجاهزة للاستقبال في ألمانيا، والأمر نفسه ينطبق على المخيمات المكتظة في الجزر اليونانية، وطرقات البلقان المزدحمة بالمهاجرين.

تجدر الإشارة إلى أنّ ألمانيا استقبلت الشهر الماضي 254 مهاجراً وصلوا من تركيا إلى مطار مدينة هانوفر شمالي البلاد، وذلك في إطار برنامج إعادة التوطين لأسباب إنسانية، عملاً بما نص عليه الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي عام 2016، الذي يعمل ضمن معايير محددة، من بينها قدرتهم على الاندماج أو وجود أقارب لهم في أوروبا ومدى حاجتهم للحماية وعدم تورطهم بأعمال إجرامية. وهنا تشير التقارير الصحافية في أوروبا إلى أنّ من المتوقع أن تجري إعادة توطين أكثر من 30 ألف لاجئ في دول الاتحاد الأوروبي من دول الأزمات خلال عام 2020، وذلك بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وستستقبل ألمانيا من بين هؤلاء 5500 مهاجر بحسب تلك التقارير.
المساهمون