تعد الهند قطعة الشطرنج الثمينة في صراع الهيمنة بين واشنطن وبكين على "النظام العالمي" في القرن الحالي، وتشكيل "عالم ما بعد جائحة كورونا"، وهو الصراع الجاري بين العملاقين على التجارة وأسواقها والاستثمار وحركة المال والعملات والتقنية.
وتأتي أهمية الهند في هذا الصراع بسبب موقعها الاستراتيجي في آسيا، وكونها ثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية وخامس أكبر اقتصاد في العالم، إذ يقدر حجم اقتصادها بحوالى 3.202 ترليونات دولار. كما أنها ثاني أضخم الاقتصادات في العالم. ويقدر عدد السكان بالهند بنحو 1.327 مليار نسمة وحجم السوق الاستهلاكي يزداد نمواً مع تنامي حجم الطبقة الوسطى بالبلاد.
ويقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن ينمو السوق الاستهلاكي بالهند إلى 6 ترليونات دولار في عام 2030. وهذا المعدل الهائل من النمو يسيل له لعاب الشركات الأميركية والصينية معاً. وبالتالي فإن كلا العملاقين، بكين وواشنطن، يطمحان إلى كسب ود الهند.
لكن ورغم عضوية الهند في منظومة بريكس الاقتصادية التي أنشأتها الصين لتكون نداً لمجموعة السبع الغنية المكونة من الدول الرأسمالية الكبرى، إلا أن العلاقة بين الهند والصين تحولت من التعاون الاقتصادي إلى المنافسة ثم إلى العداء والاحتكاك العسكري المباشر الذي حدث بمنطقة جبال الهملايا الحدودية وأودى بحياة 20 جندياً هندياً في الأسبوع الماضي .
ويرى تحليل بمعهد الدراسات البلجيكي في بروكسل "بروغيل" أن النزاع العسكري الجاري حالياً بين نيودلهي وبكين قد لا يتطور إلى حرب، ولكن العداء قد يطول بين نيودلهي وبكين. كما أن الحكومة الهندية تحت ضغط شعبي كبير للرد على بكين رغم الهدنة التي أعلنت أمس الثلاثاء. ومما قد يساهم في تطور العداء حرص إدارة الرئيس دونالد ترامب على عزل الصين وتحجيم توسعها التجاري والاقتصادي في أسواق العالم والتحالف مع نيودلهي.
اقــرأ أيضاً
ويرى رئيس منتدى الشراكة الأميركية ـ الهندية، موكيش آغي، وحسب موقع "هارفارد بيزنس رفيو"، أن الشركات الأميركية تبحث عن بديل لتقليص اعتمادها على السوق الصينية في التصنيع، وأن الهند تعتبر البديل الأفضل. وكان معهد بيو الأميركي لاستفتاءات الرأي قد ذكر في منتصف يونيو/ حزيران الحالي أن ثلثي الشركات الأميركية لا تفضل التعامل مع الصين.
وفي ذات الشأن، دعا ترامب في بداية يونيو/ حزيران الماضي إلى توسيع قمة السبع التي ستعقد في منتجع كامب ديفيد في سبتمبر/ أيلول المقبل 4 دول لحضورها والانضمام للمجموعة الاقتصادية. وكانت الهند على رأس المدعوين إلى جانب كل من أستراليا وكوريا الجنوبية وروسيا.
ولم تخف الولايات المتحدة نواياها من توسيع القمة قبل أسابيع، إذ قالت مديرة العلاقات الاستراتيجية بالبيت الأبيض أليسا ألكسندر فرح، في تعليقات حول احتواء الصين، "في هذه القمة سيحضر حلفاؤنا التقليديون لمناقشة سبل التعامل في المستقبل مع الصين".
من جانبه يرى مدير الشؤون الآسيوية الأسبق بالبيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما، إيفان ميدروس، في تعليقات نقلتها "فاينانشيال تايمز"، أن "بكين بهذا النزاع تهدي الهند للولايات المتحدة ولعقود طويلة". وهنالك شركات مثل آبل تنتج هاتف آيفون في الهند، ومن المتوقع أن تتوسع في الإنتاج في حال تطور هذا النزاع.
ويحظى العداء مع الصين بدعم واسع من الطبقة النافذة في الهند. ويرى محللون في هذا الشأن أن الأثرياء ورؤساء الشركات الهندية الكبرى والطبقة الأرستقراطية الهندية ذات الثقافة الغربية المتخوفة من تمدد التنين الصيني في بلادهم، يدعمون رئيس الوزراء نارينادا مودي في تصعيد المواجهة مع بكين.
اقــرأ أيضاً
كما يرى هؤلاء أن الشركات الهندية تطمع في تقوية علاقاتها مع شركات التقنية والمصارف الأميركية القادرة على ضخ الاستثمارات وتطوير الصناعة الهندية، وتأمل الحكومة الهندية في سحب الشركات الأميركية التي تنتج بعض مكوناتها في الصين إلى السوق الهندية، إضافة إلى زيادة صادراتها للسوق الأميركية الضخمة المقدر حجمها بحوالى 14 ترليون دولار. وما يزيد من العداء التجاري تخوف الشركات على أسواقها من منافسة المنتجات الصينية الرخيصة.
وفي هذا الشأن، يقول خبراء إن الشركات الهندية حثت حكومة رئيس الوزراء مودي على تشديد قوانين الحظر على البضائع والاستثمارات الصينية. وفي إبريل/ نيسان الماضي شددت الحكومة الهندية من إجراءات الاستثمار الأجنبي في شركاتها. وهي خطوة نظر إليها خبراء على أنها موجهة تحديداً ضد الشركات الصينية، إذ إن قانون تشديد إجراءات الاستثمار الجديد نص على أن شركات الدول المجاورة للهند التي ترغب بالاستثمار في الشركات الهندية يجب عليها أولاً أن تحصل على موافقة الحكومة الهندية.
وسمى القانون دولاً من بينها باكستان والصين وبنغلاديش وماينمار ونيبال وأفغانستان. ومن المعلوم أن هذه الدول المذكورة، عدا الصين، جميعها مرهقة مالياً وبحاجة إلى مساعدات مالية من المنظمات العالمية، وبالتالي ليس لدى شركاتها فوائض مالية أو قدرة على الاستثمار خارج حدودها.
على الصعيد التجاري، يقدر معهد بروكغنز للدراسات في واشنطن حجم استثمار الشركات الصينية في الهند بحوالى 26 مليار دولار، وهو مبلغ ضئيل، ولكن الشركات الصينية تأمل في التمدد بالسوق الهندي في المستقبل عبر تسويق منتجاتها وبأسعار رخيصة للمستهلك الهندي الفقير وصاحب الدخل المحدود وهي طبقة واسعة في الهند. ويقدر الكاتب الاقتصادي وليام بيزيك حجم التجارة بين الهند والصين بنحو 90 مليار دولار في العام، ولكن الميزان التجاري يميل لصالح الصين بنحو 47 مليار دولار.
وتأتي أهمية الهند في هذا الصراع بسبب موقعها الاستراتيجي في آسيا، وكونها ثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية وخامس أكبر اقتصاد في العالم، إذ يقدر حجم اقتصادها بحوالى 3.202 ترليونات دولار. كما أنها ثاني أضخم الاقتصادات في العالم. ويقدر عدد السكان بالهند بنحو 1.327 مليار نسمة وحجم السوق الاستهلاكي يزداد نمواً مع تنامي حجم الطبقة الوسطى بالبلاد.
ويقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن ينمو السوق الاستهلاكي بالهند إلى 6 ترليونات دولار في عام 2030. وهذا المعدل الهائل من النمو يسيل له لعاب الشركات الأميركية والصينية معاً. وبالتالي فإن كلا العملاقين، بكين وواشنطن، يطمحان إلى كسب ود الهند.
لكن ورغم عضوية الهند في منظومة بريكس الاقتصادية التي أنشأتها الصين لتكون نداً لمجموعة السبع الغنية المكونة من الدول الرأسمالية الكبرى، إلا أن العلاقة بين الهند والصين تحولت من التعاون الاقتصادي إلى المنافسة ثم إلى العداء والاحتكاك العسكري المباشر الذي حدث بمنطقة جبال الهملايا الحدودية وأودى بحياة 20 جندياً هندياً في الأسبوع الماضي .
ويرى تحليل بمعهد الدراسات البلجيكي في بروكسل "بروغيل" أن النزاع العسكري الجاري حالياً بين نيودلهي وبكين قد لا يتطور إلى حرب، ولكن العداء قد يطول بين نيودلهي وبكين. كما أن الحكومة الهندية تحت ضغط شعبي كبير للرد على بكين رغم الهدنة التي أعلنت أمس الثلاثاء. ومما قد يساهم في تطور العداء حرص إدارة الرئيس دونالد ترامب على عزل الصين وتحجيم توسعها التجاري والاقتصادي في أسواق العالم والتحالف مع نيودلهي.
وفي ذات الشأن، دعا ترامب في بداية يونيو/ حزيران الماضي إلى توسيع قمة السبع التي ستعقد في منتجع كامب ديفيد في سبتمبر/ أيلول المقبل 4 دول لحضورها والانضمام للمجموعة الاقتصادية. وكانت الهند على رأس المدعوين إلى جانب كل من أستراليا وكوريا الجنوبية وروسيا.
ولم تخف الولايات المتحدة نواياها من توسيع القمة قبل أسابيع، إذ قالت مديرة العلاقات الاستراتيجية بالبيت الأبيض أليسا ألكسندر فرح، في تعليقات حول احتواء الصين، "في هذه القمة سيحضر حلفاؤنا التقليديون لمناقشة سبل التعامل في المستقبل مع الصين".
من جانبه يرى مدير الشؤون الآسيوية الأسبق بالبيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما، إيفان ميدروس، في تعليقات نقلتها "فاينانشيال تايمز"، أن "بكين بهذا النزاع تهدي الهند للولايات المتحدة ولعقود طويلة". وهنالك شركات مثل آبل تنتج هاتف آيفون في الهند، ومن المتوقع أن تتوسع في الإنتاج في حال تطور هذا النزاع.
ويحظى العداء مع الصين بدعم واسع من الطبقة النافذة في الهند. ويرى محللون في هذا الشأن أن الأثرياء ورؤساء الشركات الهندية الكبرى والطبقة الأرستقراطية الهندية ذات الثقافة الغربية المتخوفة من تمدد التنين الصيني في بلادهم، يدعمون رئيس الوزراء نارينادا مودي في تصعيد المواجهة مع بكين.
وفي هذا الشأن، يقول خبراء إن الشركات الهندية حثت حكومة رئيس الوزراء مودي على تشديد قوانين الحظر على البضائع والاستثمارات الصينية. وفي إبريل/ نيسان الماضي شددت الحكومة الهندية من إجراءات الاستثمار الأجنبي في شركاتها. وهي خطوة نظر إليها خبراء على أنها موجهة تحديداً ضد الشركات الصينية، إذ إن قانون تشديد إجراءات الاستثمار الجديد نص على أن شركات الدول المجاورة للهند التي ترغب بالاستثمار في الشركات الهندية يجب عليها أولاً أن تحصل على موافقة الحكومة الهندية.
وسمى القانون دولاً من بينها باكستان والصين وبنغلاديش وماينمار ونيبال وأفغانستان. ومن المعلوم أن هذه الدول المذكورة، عدا الصين، جميعها مرهقة مالياً وبحاجة إلى مساعدات مالية من المنظمات العالمية، وبالتالي ليس لدى شركاتها فوائض مالية أو قدرة على الاستثمار خارج حدودها.
على الصعيد التجاري، يقدر معهد بروكغنز للدراسات في واشنطن حجم استثمار الشركات الصينية في الهند بحوالى 26 مليار دولار، وهو مبلغ ضئيل، ولكن الشركات الصينية تأمل في التمدد بالسوق الهندي في المستقبل عبر تسويق منتجاتها وبأسعار رخيصة للمستهلك الهندي الفقير وصاحب الدخل المحدود وهي طبقة واسعة في الهند. ويقدر الكاتب الاقتصادي وليام بيزيك حجم التجارة بين الهند والصين بنحو 90 مليار دولار في العام، ولكن الميزان التجاري يميل لصالح الصين بنحو 47 مليار دولار.