بكين تختلق سيناريوهات لأحداث وهمية لعرقلة عمل الصحافيين في شينجيانغ

27 يونيو 2019
تحتجز السلطات الاويغور في معسكرات (غريغ بايكر/فرانس برس)
+ الخط -
تختلق السلطات في منطقة شينجيانغ المضطربة في شمال غرب الصين أحداثاً وهمية، كحوادث سير ملفقة ونشر سياح وهميين، لتمنع الصحافيين من الاستقصاء حول مسألة معسكرات احتجاز المسلمين.

وتفرض الحكومة الصينية إجراءات أمنية مشددة في هذه المقاطعة الواسعة التي تقع على حدود آسيا الوسطى وباكستان، منذ وقوع سلسلة اعتداءات دامية نسبت إلى أعضاء من أقلية الاويغور المتحدثة بالتركية.

وتُتهم الصين باحتجاز نحو مليون شخص في شينجيانغ في معسكرات إعادة تأهيل. وتنفي بكين هذا الرقم، وتقول إن هذه المعسكرات هي "مراكز تدريب مهني" لمكافحة "التطرف الإسلامي".

وفي الطريق إلى واحد من تلك المعسكرات، شاهد صحافيون في "فرانس برس" مشهداً يكاد يكون خيالياً. شاحنة صغيرة تتحرك ببطء شديد نحو سيارة مركونة على جانب الطريق. تتوقف الشاحنة على بعد مليمترات من السيارة، ثم تصطدم بها عمداً. وخلال دقائق، جذب هذا "الحادث" حشود المتفرجين وتوقف السير بسببه. وهكذا تحقق هدف الشرطة بعرقلة الوصول إلى المعسكر.

تظهر هذه الحادثة الجهود المكثفة التي تقوم بها السلطات لمنع الصحافة من البحث في هذه المسألة الحساسة التي تضع الصين منذ عام 2018 تحت ضغط دولي. لكن خلال الإعداد لتقرير جديد ولمدة ستة أيام في شينجيانغ، تمكن صحافيون من وكالة فرانس برس من رؤية ثلاثة معسكرات هي عبارة عن مبان ضخمة محاطة بأسلاك شائكة.

لكن، معظم الوقت، خضع الصحافيون لمتابعة من السلطات التي يعقد حضورها أي مقابلة مع نزلاء المعسكرات، فالحديث بشكل مكشوف مع الصحافة الأجنبية يشكل خطراً عليهم. وفي كل محاولة للوصول إلى أحد المعسكرات، تظهر حواجز أو ورشات بناء على الطريق بشكل مباغت.

وقرب معسكر واقع في هوتان، قطعت الطريق بعد ثوانٍ من تخطي سيارة مسرعة غير مسجلة، السيارة التي كان على متنها فريق فرانس برس. وفي النهاية، لم يتمكن الصحافيون سوى من تصوير المعسكر من بعيد. وعلى سطح المبنى الأصفر، كتبت عبارة "على المرء أن يكافح في شبابه". ويمنع الدخول إلى بعض المدن بشكل مطلق.

وعلى طريق مدينة أرتوش حيث حطمت السلطات مسجداً، أجبر حاجز أمني على الطريق صحافيي فرانس برس على العودة أدراجهم. أما السبب الذي أعطي هو أن الطريق مغلقة من أجل اختبارات قيادة تدوم خمسة أيام، ثم قال الشرطي على الحاجز "نشكر تفهمكم". 


وعلى نقطة التفتيش نفسها، ظهرت امرأتان، تدعيان بأنهما سائحتان، بشكل مباغت. وتبعتا صحافيي فرانس برس على متن شاحنة كالظل لمدة ساعة، مدعيتين أنهما بحاجة إلى من يرشدهما إلى الطريق لأنهما تائهتان. وحتى حينما توقفت سيارة صحافيي فرانس برس أمام قرية صغيرة لالتقاط صور للمعسكر بعدسة مكبرة، ركنت "السائحتان" شاحنتهما إلى جانبهم. بعد ذلك، طلب رجل قال إنه مسؤول أمني من فريق فرانس برس المغادرة، لكن لم يتوجه إلى المرأتين.

وواجهت وسائل إعلام أخرى مواقف مماثلة. وفي تقرير جديد لنادي المراسلين الأجانب في الصين (اف سي سي سي)، أكد صحافيون أنهم تعرضوا للملاحقة ومنعوا من حجز غرف في فندق. وقال الصحافي ناتان فاندر كليبيه من صحيفة "غلوب اند مايل" الكندية إنه منع من التقدم من قبل عناصر أمن "اقتربوا من سيارتي وهم يحملون دروعاً". وأضاف "أخذ شرطي كاميراتي وقام بحذف الصور عنها بدون موافقتي".

وأكدت مراسلة صحيفة "ذا دايلي تلغراف" البريطانية صوفيا يان أنها اضطرت للسير نحو 80 كيلومتراً لأربعة أيام خلال إعدادها لتقريرها لأن "أشخاصا مجهولين طلبوا عبر لاسلكي من سائقي التاكسي" أن يوقفا الرحلة.

وفي كشقار الواقعة على طريق الحرير القديمة وحيث غالبية السكان من الاويغور، دخل شخص ما إلى غرفة فندق صحافي في فرانس برس خلال غيابه لبضع دقائق. ولدى عودة الصحافي، كان باب الغرفة مفتوحاً وإحدى حقائبه قد تبدل مكانها. لم يؤخذ شيء من الغرفة، لكن الرسالة كانت واضحة: أنتم مراقبون.


(فرانس برس)