بـ"الغرافيتي" جدران بيروت الخرساء مرايا تتكلم

الأناضول

avata
الأناضول
13 يونيو 2015
+ الخط -



هي ألوان زاهية أعادت المطربة اللبنانية الشهيرة "صباح" لذاكرة محبيها، في هيئة غرافيتي ضخم، نفذه عضوا فرقة "أشكمان" للراب والغرافيتي، على جدار بمنطقة الأشرفية القريبة من وسط العاصمة اللبنانية بيروت. ومنذ عام 2001 قرر التوأم عمر ومحمد تشكيل هذه الفرقة، "لتحكي لغة الشارع وهمومه وأشجانه"، فاحتلوا الجدران بالرسم والألوان والقضايا التي تعبر عن مشاكل الشباب في لبنان، أو تلك التي تعكس صورة لبنان "الحقيقية"، بحسب قولهما.

ومؤخراً لاحظ المارّة في شارع "مار متر" الذي يربط قلب العاصمة بيروت بحي الأشرفية الشهير، وجود معلم جديد على أحد الجدران.. رسم يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار ويزيد عرضه على 12 متراً، يجسّد الفنانة الراحلة صباح الشهيرة بـ"الشحرورة"، ضاحكة في الصورة المفعمة بالألوان والحياة، بأبعاد جميلة ونقية، وتنظر إلى الأفق وكأنها تغني وتعيش حالاً بين الحزن والفرح والأمل.

يقول عمر إن "الهدف من إعداد هذا الغرافيتي للسيدة صباح هو تكريمها، باعتبارها أيقونة للفن اللبناني الأصيل، ونجمة عربية لمع اسمها من لبنان إلى مصر وصولاً إلى كل العالم، ولهذا فكرنا كفرقة في أن نبرز الفرح في الصبوحة وأن نكرمها على طريقتنا الخاصة". وبحروف عربية قديمة كتب تحت الرسم "بدي عيش للمية ليسموني الصبوحة" (أريد أن أحيا 100 عام حتى يسموني الصبوحة)، وهي الرسالة التي يرى عمر ومحمد أنّها تعكس حبّ صباح للفرح "فصباح تميزت بالإيجابية والابتسامة الراقية والجمال والعفوية، بأعمالها وأفلامها وأغانيها وإطلالاتها"، يقول عمر.

يقول عضوا فرقة "أشكمان"، إن إعداد غرافيتي "الشحرورة صباح" استغرق أكثر من عام، بين اختيار الألوان والفكرة ومكان الجدار والرسالة، إلا أن العمل على الأرض استغرق أكثر من 30 ساعة، على مدى ثلاثة أيام متتالية.

ورصدت الأناضول آراء بعض المارّة حول هذا الفن، وتوّجه فوليام بو فخر الدين، بكلامه لفرقة أشكمان "أنتم السبب الأساسي لحبي لفن الغرافيتي"، أما "إلياس المغربي" فتمنى أن "نشهد لوحات ضخمة وتكريمية للسيدة صباح في مدن عربية أخرى"، فيما قالت "مارو شيباني" التي سنحت لها الفرصة أن تلتقط بعض الصور أثناء رسم الغرافيتي: "أثناء رسم الغرافيتي كان الجو رائعاً، وكنا ننتظر بفارغ الصبر الانتهاء من هذا العمل لكي نحكم عليه".


وتكريم "أشكمان" للفنانين الكبار لم يتوقف عند الراحلة صباح، فليس بعيداً عن شارع مار متر حيث "الصبوحة"، قرّر عمر ومحمد تكريم المطرب الراحل وديع الصافي، في رسم يعكس مسيرته الطويلة، كُتبت أسفله عبارة "ذهب صافي"، في إشارة إلى صوته الجبلي وأغانيه الوطنية التي "وطدت الانتماء للبنان". وفي منطقة الدورة شمال بيروت، رسم آخر كرّم المطربة فيروز التي "غنّت للحب والحرية والأمل، والتي ما يزال صوتها يصدح في كل مكان". يؤكّد عمر أنّ "رسوم الغرافيتي انتشرت بسرعة كبيرة في أرجاء لبنان، كما ازداد عدد الفرق التي ترسم على الجدران".

ويحلم فنان الغرافيتي الشاب بـ"تحويل بيروت إلى متحف مفتوح لكل الناس، عبر صور ضخمة مرسومة على الجدران، لعكس صورة حقيقية وراقية للبلد الذي يحمل الكثير من الذكريات والقضايا، وأن تتحول الجدران المتسخة والمشوّهة برصاص الحرب والشعارات السياسية والحزبية إلى جدران تعكس جمال المدينة وأهلها". ويتابع "كان من الممكن أن أختار حمل السلاح في السابق، ولكني فضلت حمل الرذاذ والريشة التي نرسم بها الغرافيتي على الجدران، باعتبارها سلاح التعبير الشامل، بدل أن تكون سلاح التدمير الشامل، فالرصاصة تقتل بينما الألوان شعار للسلام وانعكاس للحضارة والرقي".

ويختم عمر كلامه: "كل الجدران العادية هي جدران خرساء، أما تلك التي تدخل عليها الألوان عبر الغرافيتي فهي جدران تتكلم، ونحن من خلال هذا الفن نحول الجدران الخرساء إلى جدران تغني وتحكي وتضج بالحياة".




اقرأ أيضاً:
رسامون يعيدون طلاء أدراج بيروت الأثرية بالألوان

دلالات

ذات صلة

الصورة
الرسم على الأواني المعدنية- الجزائر- العربي الجديد

منوعات

يجسد الجزائري عبد الكريم دويدي شغفه الفني بنقش رسوماته على مختلف الأواني المعدنية، التي جذبت انتباه العديد من السياح من مختلف البلدان.
الصورة
جدارية من مخلفات الحرب

منوعات

قامت عشر طالبات في مدينة تعز وسط اليمن برسم جدارية ملونة من بقايا زجاج المباني التي دمرتها الحرب، في مسعى لإيصال رسالة سلام والدعوة لوقف الحرب وإحياء قيم الجمال والتسامح والتأكيد على حضور الفن في وجه الحرب، كما تقول القائمات على العمل.
الصورة
سينما/فيسبوك

منوعات

أبعدتهم ظروف الحرب السورية الدائرة عن بلادهم، وجمعهم المسرح. هم شبان وشابات، يتقاسمون الشغف بالمسرح والتمثيل، منهم من درس هذا الفن في الأكاديميات المختصة، ومنهم من قادته الهواية إلى الاحتراف
الصورة
فن بسعف النخيل

منوعات

يتحوّل سعف النخيل وعيدان الأخشاب والكراتين على يد الطفل اليمني محمد فواز العامر، البالغ من العمر 11 عاماً، إلى مجسّمات فنية تحاكي العمارة اليمنية التقليدية القديمة والحديثة.
المساهمون