بعد فرزانة... كادت صبا أن تموت أيضاً

06 يونيو 2014
من الاحتجاجات ضد مقتل فرزانة(أمير قريشي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يبدو أن جريمة قتل الفتاة الباكستانية فرزانة بروين من قبل أهلها، لمجرد أنها اختارت الزواج من الرجل الذي تحب، أبرزت إلى العلن قصصاً أخرى مشابهة. إذ كادت صبا مقصود (18 عاماً) أن تكون ضحية أخرى، لكنها نجت من الموت بأعجوبة.

وقالت وكالة أنباء "رويترز" إن "صبا نجت من محاولة قتل بسبب زواجها من رجل أحبته"، لافتة إلى أنها "خائفة على حياتها، وقد ناشدت السلطات بتوفير الحماية لها". وأوضحت أن "عائلتها أطلقت النار عليها وألقتها في مجارير مياه الصرف الصحي في مدينة حافظ أباد في إقليم البنجاب".

وتابعت صبا التي بدا عليها الإعياء بعد تعرضها لإطلاق رصاصتين في الوجه واليد اليمنى، وهي على سرير المستشفى: "على الرغم من أن الشرطة توفر الأمن لي، فإنني أخشى أن تحاول أسرتي قتلي وزوجي". فيما قال ضابط في شرطة المنطقة علي أكبر: "نقلنا صبا إلى غرفة خاصة في المستشفى، ونعمل على توفير الحماية لها"، مضيفاً "اتصلت بزوجها قيصر، إلا أنه لا يود المجيء إلى المستشفى خشية الاعتداء عليه". وتابع أن الشرطة "داهمت منزل أسرة صبا، لكن يبدو أن جميع المشتبه فيهم غادروه".

جلّ ما أرادته صبا هو اختيار حياتها والعيش مع رجل تحبه. لكن التقاليد الباكستانية غالباً ما تجبر المرأة على الزواج من رجل تختاره عائلتها، أو يكون مصيرها القتل في حال تحدتها، على غرار ما حدث مع فرزانة. فهذه القصة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، إلا أنها نجحت في جذب وسائل الاعلام الدولية والمؤسسات الحقوقية، ربما لأن الجريمة حصلت في وضح النهار وسط مدينة لاهور، كبرى المدن الباكستانية، وعلى مرأى من الشرطة والمواطنين.

القصّة 

ماذا في التفاصيل؟ كانت فرزانة بروين (25 عاماً) تسكن مع عائلتها في قرية "جره والا" في مدينة فيصل اباد التابعة لإقليم البنجاب. أرادت الزواج من محمد إقبال، لكن أسرتها رفضت، وأصرت على تزويجها من أحد أقاربها. رفضت فرزانة، وهربت مع إقبال وتزوجت به رغماً عن أسرتها. ورفع والدها أعظم دعوى في المحكمة العليا في لاهور، متهماً اقبال بخطف ابنته.

في بداية شهر مايو/آيار الماضي، عقدت المحكمة أولى جلساتها للنظر في القضية. حضرت فرزانة وإقبال، فتعرضا لهجوم من قبل عائلة الأولى، لكنهما تمكنا من النجاة. وفي السابع والعشرين من الشهر نفسه، موعد الجلسة الثانية، وصلت فرزانة التي كانت حاملاً في شهرها الثالث برفقة زوجها إلى مبنى المحكمة، لتقول للقاضي عبد القيوم إنها "تزوجت بإرادتها". تقدمت مع زوجها والمحامي محمد خاران نحو البوابة الرئيسية للمحكمة، لكن أقاربها منعوها من الدخول. يروي إقبال ما حدث قائلاً: "كان يقف أكثر من عشرين شخصاً من أفراد عائلتها عند البوابة. رشقوا زوجتي بالحجارة، وضربوها بالعصي. حتى إن أحدهم أطلق النار عليها. كانت تصرخ وتستغيث، ونحن نطلب المساعدة. مزق أحد أقاربي ملابسه لجلب انتباه الشرطة، لكنها لم تتدخل لوقف الاعتداء علينا".

ويضيف اقبال: "نقلت فرزانة إلى المستشفى لكنها لقيت حتفها هناك. ونجحت الشرطة في اعتقال والدها، فيما فر الباقون". 

صمت
في المقابل، التزمت وسائل الإعلام المحلية الصمت حيال القضية. لكن رئيس الوزراء نواز شريف أمر رئيس وزراء حكومة إقليم البنجاب شهباز شريف، باتخاذ خطوات عاجلة وفورية في القضية، ما دفع الأخير إلى إصدار أوامره باعتقال المتورطين في القضية، ومحاكمتهم في محكمة مختصة بمكافحة الإرهاب.

وفعلاً، اعتقلت الشرطة سبعة متورطين، بينهم ثلاثة من إخوتها، هم: محمد عطاء، وجهان خان وأسلم شهير، إضافة إلى عمها واثنين من أبناء عمها. وبدا لافتاً اتهام شقيقة فرزانة، خالدة بي بي، إقبال بقتل شقيقتها، موضحة أنه "قتلها مستعيناً برفاقه فرزانة أمام المحكمة". وأضافت لدى رفع دعوى قضائية ضده في محكمة لاهور": "رأيت بأم عيني إقبال ورفاقه يقتلون أختي فرزانة، التي هرولت إلينا ونحن داخل المحكمة". ورغم أنه لا دليل على صحة كلام خالدة بي بي، إلا أن الشرطة اعتقلت اقبال يوم أمس الخميس في مدينة ننكانا في إقليم البنجاب، ونقلته إلى مركز أمني.

وتجدر الإشارة إلى أن إقبال كان قد اعترف "بقتل زوجته الأولى عام 2009 خلال شجار، من أجل فرزانة".

من جهة أخرى، ورداً على ردود الفعل الدولية المنددة، تقول الناشطة الحقوقية بشرى رحمن لـ "العربي الجديد"، إن "أعمال الإدانة والشجب هي مجرد ردود فعل روتينية. لكن لن تحول دون استمرار انتهاك حقوق المرأة الباكستانية"، لافتة إلى "ضرورة سن قوانين جديدة للحفاظ على حقوقها وحمايتها من الظلم". 

المساهمون