نقلت وسائل إعلام إيرانية حكومية عن أمير حسين زماني نيا، نائب وزير النفط الإيراني، قوله، أول من أمس الأحد، إن إيران حشدت جميع مواردها لبيع النفط في "السوق الرمادية"، متجاوزة عقوبات أميركية تراها طهران غير شرعية.
وتختلف السوق الرمادية عن السوق العادية التي يتم عبرها بيع النفط بطرق شرعية في الأسواق العالمية، كما تختلف عن السوق السوداء أيضا التي تتم عبرها عملية البيع بأساليب غير مشروعة، منها التهريب وغيره، حيث إن السوق الرمادية تجمع في كثير من الخصائص بين العادية والسوداء، لذلك أطلق عليها مصطلح "الرمادي"، أي ما بين الطبيعي أو الشرعي (الأبيض مجازا) وغير الشرعي (السوداء).
السوق الرمادية تقوم بالأساس على سلع مشروعة من منتجها الأصلي وهي هنا النفط الإيراني، فالنفط سلعة مشروعة، كما أن القائم بالبيع في مصدره الأولي هو الدولة الإيرانية.
أما الاختلاف فهو أن المشتري هنا أو السوق ربما يكون في غير الطرق الطبيعية، فالمشتري قد يكون شركات أو مؤسسات عالمية تشتري النفط خارج السوق العادية بأدواتها ووسائلها وسبل الرقابة عليها، ويكون البيع غالبا بسعر أقل من الأسعار المتداولة، ثم يقوم ذلك الطرف بعد ذلك ببيعها بالطريقة التي يراها مناسبة وتحقق له دخلا أو ربحا نتيجة الشراء بسعر أقل وبمخاطرة أكبر.
والسوق الرمادية تختلف عن السوق السوداء التي غالبا تكون مخصصة لسلع غير مشروعة أو سلع مشروعة كالنفط أو مشتقاته مثل البنزين، ولكنها جاءت بطريقة غير مشروعة كالتهريب مثلا.
فالاختلاف بين السوق الطبيعية والرمادية والسوداء هو في مصدر السلعة، ففي السوق الطبيعية، المصدر والسلعة والسوق يخضعون لآليات السوق الطبيعية، أما في السوق الرمادية فإن مصدر السلعة أو البائع الأول شرعي لها وهو منتج السلعة ذاته وهو هنا الدولة الإيرانية، أما السوق فهي غير طبيعية.
أما في السوق السوداء، فإن البائع الأول أو المصدر ربما يكون شرعيا، لكنه يبيع السلعة في غير سوقها الطبيعية دون إذن من الدولة وبما يخالف قوانينها (كتهريب السلع المدعمة) أو تكون سلعا مسروقة أو جاءت بغير الطرق القانونية المعروفة.
وتلجأ بعض الدول أو الشركات للسوق الرمادية عندما يكون هناك حظر أو تشديد على سلعها في الأسواق الطبيعية بسبب قرارات دولية أو من طرف واحد مهيمن، مثل الإدارة الأميركية في ما يخص النفط الإيراني.
وإيران ليست وافدا جديدا على السوق الرمادية، حيث جربتها من قبل عندما قامت ببيع النفط بحسومات كبيرة خلال فترة العقوبات الدولية التي امتدت نحو 10 سنوات قبل أن يتم رفعها عنها بداية العام 2016 في إطار اتفاق دولي.
ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ثم تشديد العقوبات على النفط الإيراني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وإلغاء الإعفاءات الممنوحة للمستوردين الرئيسيين بداية من 2 مايو/أيار الجاري، فإن إيران باتت مضطرة للرجوع إلى هذه السوق مرة أخرى.
لكن السوق الرمادية لن تكون طريق إيران الوحيد لبيع صادراتها النفطية والمقدرة بنحو 2.5 مليون برميل يوميا، فهناك بعض الدول التي لن تستجيب للعقوبات الأميركية ويمكن أن تستمر في استيراد النفط الإيراني لكن عبر آليات أخرى، مثل المقايضة أو استخدام العملات المحلية بدلا من الدولار.
وهو ما أكده زماني نيا، بقوله: "بالتأكيد لن نبيع 2.5 مليون برميل يوميا كما تنص الاتفاقية النووية"، ولكنه لم يذكر أرقاما للمبيعات الحالية.
وقال "علينا أن نتخذ قرارات مهمة حول الإدارة المالية والاقتصادية، والحكومة تعمل على ذلك. هذا ليس تهريبا. هذا في مواجهة عقوبات لا نراها عادلة أو مشروعة".
(العربي الجديد)