لم تتوقّع إليزابيث قط أن تجلس على العرش، ولم يحدث ذلك إلا لأنّ عمّها إدوارد الثامن تخلّى عن العرش بسبب حبّه للمطلقة الأميركية واليس سيمسون، الأمر الذي أدّى إلى جلوس والدها جورج السادس على العرش عندما كان عمرها عشرة أعوام.
وكان عمرها 25 عاما عندما أصبحت الملكة إليزابيث الثانية، يوم السادس من فبراير/شباط 1952 بعد وفاة والدها. وفي ذلك الوقت كانت في جولة لكينيا مع زوجها الأمير فيليب الذي ظلّ إلى جانبها طوال فترة حكمها. وتوّجت ملكة على بريطانيا وبلاد أخرى، منها أستراليا وكندا يوم الثاني من يونيو/حزيران عام 1953 في مراسم بثّها التلفزيون من وستمينستر آبي.
في التاسع من سبتمبر/أيلول المقبل ستكسر الرقم القياسي للحكم، الذي تحتفظ به جدّتها الكبرى الملكة فيكتوريا التي حكمت البلاد لأكثر من 63 عاماً، وسيكون عمرها 89 عاماً: "إنّها وظيفة مدى الحياة"، قالت ذات مرّة. وليس من المتوقّع أن تتخلّى عن العرش، على النقيض من بعض ملوك أوروبا في الآونة الأخيرة، بل وأحد البابوات فعل ذلك.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تحتفي بالحفيد الملكي الخامس.. "إنها فتاة"
ورغم أنّ العالم والمجتمع البريطاني تغيّرا بشكل كبير خلال فترة حكمها، فقد بدا دوماً أنّ الملكة شخصية يعتمد عليها لتبثّ الطمأنينة. ورغم صدمات فترة التسعينيات، مثل وفاة الأميرة ديانا التي بدا كأنّها هدّدت وجود النظام الملكي ذاته، فقد استطاعت الملكة أن تقود المؤسسة التي يبلغ عمرها ألف عام إلى عهد جديد من الشعبية.
وقال سايمون لويس، سكرتير الاتصالات السابق للملكة لرويترز: "مفتاح التغيير يكمن في التنبؤ بما سيأتي بعد ذلك. الدرس المستفاد من الأعوام العشرين أو الثلاثين الأخيرة هو أن تكون المؤسسة دائما متقدّمة، ولو بفارق بسيط، عن الشعب البريطاني".
يذكر أنّه في بداية حكمها كانت إليزابيث شخصية آسرة بدت كأنّها تجسّد نهضة بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لكن بحلول الذكرى الأربعين لحكمها كانت الأسرة الملكية قد أصبحت واحدة من موضوعات المشاهير في الصحف الشعبية.
ورغم أنّ زواجها من الأمير اليوناني فيليب ظلّ صامداً، إلا أنّ عام 1992 وصفته بأنّه "عام مروع"، عندما انهارت علاقات ثلاثة من أبنائها الأربعة بتفاصيل فاضحة ذكرت باستفاضة في الصحف.
وكانت وفاة الأميرة ديانا في حادث سيارة بباريس عام 1997 أحلك لحظة في حكمها الطويل. فقد اضطرّت إلى العودة من اسكتلندا لتلقي خطاباً للأمة في ظلّ حالة عامة من الحزن والغضب. وقال لويس "على مدى أسبوع بدا وكأن المؤسسة اهتزت من جذورها".
لكن من خلال حملة إعلامية محترفة ومعقدة انتشلت الأسرة الملكية سمعتها من فترة التسعينيات المظلمة، بل وصعدت بها إلى آفاق جديدة. ويقول محللون إن هذا يبرز أيضا كيف استطاعت الملكة أن تحقّق الاستقرار في فترة اضطرابات اجتماعية كبيرة وسخط متزايد من القادة المنتخبين، وكيف منحت البريطانيين شعوراً بالهوية.
اقرأ أيضاً: بالفيديو: لا تحاول لمس حارس الملكة إليزابيث وإلا...
الملكة الصامتة
لا تزال وجهات نظرها بشأن مواضيع كثيرة لغزاً، لأنّها لم تعطِ أيّ مقابلة خلال فترة حكمها الطويلة، ولم يكن هناك سبيل للتعرف على آرائها وشخصيتها إلا من خلال الظهور لفترات قصيرة على التلفزيون، أو من خلال تصريحات أفراد آخرين في أسرتها.
ورغم أنّها أقدم ملوك العالم الأحياء، فإن إليزابيث هي ثاني أطول الملوك جلوسا على العرش في العالم حالياً، بعد الملك بوميبول أدولياديج، ملك تايلاند، الذي يسبقها في العمر بستة أعوام تقريباً.
وأطول ملوك العالم حكماً هو الملك سوبوزا الثاني الذي حكم سوازيلاند 83 عاماً تقريباً حتّى وفاته عام 1982. بينما كان أطول الملوك حكما في إحدى الدول الكبرى بأوروبا الملك لويس الرابع عشر الذي حكم فرنسا 72 عاماً.
وخلال فترة حكمها، قامت الملكة بأكثر من 250 زيارة خارجية لأكثر من 100 دولة، والتقت أربعة ملايين شخص بشكل شخصي.
وقال عنها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للبرلمان عام 2012: "بالتأكيد سافرت على نطاق أوسع من أيّ رئيس دولة في التاريخ.. وكما سمعت، هي نفسها تقول: ينبغي أن تروني لتصدقوني".
اقرأ أيضاً: صورة جديدة للملكة إليزابيث على العملات المعدنية