وكان جاكوب ريس موغ، زعيم مجموعة الأبحاث الأوروبية المحافظة، والمؤيدة لـ"بريكست" مشدد، دعا ملكة بريطانيا إلى تعليق عمل البرلمان لتفادي التصويت على تشريعٍ تقدمت به النائب عن حزب "العمال" إيفيت كوبر، الذي يحظى بدعم الأغلبية البرلمانية.
ودعا ريس موغ رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، إلى استخدام كافة الوسائل المتبقية أمامها، ومنها الطلب رسمياً من الملكة تعليق عمل البرلمان، لوقت الحراك البرلماني الساعي لتعطيل بريكست من دون اتفاق. وقال زعيم مجموعة الأبحاث الأوروبية المحافظة إنه "إذا تمّ سحب خيار عدم الاتفاق من الطاولة، فإن حكومة جلالتها ستكون قد تورطت في هذا العمل"، متهماً عدداً من نواب البرلمان بالعمل على وقف "بريكست".
من جهتها، تقر رئيسة الوزراء بعجزها عن وقف التعديل التشريعي الذي تقدمت به كوبر، والذي يفرض على الحكومة البريطانية طلب تأجيل موعد "بريكست" من الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام 2019، في حال كان "بريكست" من دون اتفاق الخيار الأكثر احتمالاً. ويعني ذلك أن البرلمان سيسحب قرار "بريكست" من الحكومة البريطانية، في حال عدم وجود اتفاق بحلول 26 فبراير/ شباط المقبل.
وعلق أوليفر ليتوين النائب عن حزب المحافظين، الذي يؤيد تعديل كوبر، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية، صباح اليوم الخميس، أن طلب ريس موغ مجرد "أمنيات"، مؤكداً أن "الدستور واضح جداً. تمرير التشريعات والقوانين من اختصاص البرلمان، وعندما يتم إقرارها، يجب على الحكومة أن تستجيب".
من ناحية أخرى، أعلنت حملة الاستفتاء الثاني تراجعها عن طلب التصويت لصالح الاستفتاء الثاني يوم الثلاثاء المقبل، نظراً لعدم نيل المشروع دعم زعامة حزب "العمال"، وبذلك ترى الحملة أن التصويت لن ينجح في حصد الأغلبية البرلمانية.
ووجهت قيادة الحملة، في بيان تلته أمام ويستمنستر، صباح الخميس، انتقادات لقيادة "العمال" بأنها تفتقر لحسّ الزعامة المطلوب في مثل هذه اللحظات الحرجة. وقالت سارة ولاستون، النائب عن المحافظين: "للأسف الشديد، فإننا لن نتقدم بطلب التصويت، لأنه في المرحلة الحالية، وحتى الحصول على دعم زعيم المعارضة، فإنه لن يمر".
ودعمت ولاستون في ذلك النائب عن حزب "العمال" لوسيانا بيرغر، التي أسفت لـ"عدم دعم قيادة العمال سياسة واقعية. ومع ذلك، نعلم بوجود أغلبية بين ناخبي العمال وداعميه وأعضائه ممن يؤيدون استفتاءً ثانياً على صفقة بريكست. وفيما يجب أن يكون العمال متبنياً للاستفتاء الثاني، تتجنب قيادته التجاوب مع هذا الطلب".
إلا أن طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق عن حزب "العمال"، قال اليوم أيضاً إن فرص الاستفتاء الثاني حالياً تجاوزت 50 في المئة.
وأوضح بلير، في كلمة ألقاها خلال منتدى دافوس الاقتصادي، أنه "لا توجد أغلبية (برلمانية) تدعم الاستفتاء الثاني، ولكن أعتقد أنه أمر قد يتحقق". وأضاف في معرض تعليقه على الأزمة البرلمانية التي تعيشها بريطانيا، أن "سبب المشكلة في البرلمان البريطاني، يعود إلى إدراك أعضائه أخيراً الخيارات الحقيقية، ولذلك لا توجد أغلبية حقاً في هذه اللحظة لصالح أي خيار".
أما من جهة بروكسل، فقد دعا كبير مفاوضي "بريكست" في الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، معارضي "بريكست" من دون اتفاق، إلى وضع خلافاتهم جانباً، كي يتمكنوا من تحقيق هدفهم.
وأعرب بارنييه، في حديثٍ لصحيفة "لوكسمبورغر فورت"، عن اعتقاده بوجود جاهزية بريطانية للبقاء في الاتحاد الجمركي أو السوق الأوروبية المشتركة، رافضاً مطالب متشددي "بريكست" بوضع سقف زمني لخطة المساندة.
وقال بارنييه: "كما تسمع من النقاشات في لندن، ستوجد هناك أغلبيتان في البرلمان حالياً. إحداها ضد الاتفاق والأخرى ضد بريكست من دون اتفاق. يجب على السياسيين البريطانيين الآن العثور على أغلبية إيجابية تدعم حلاً ما"، مشيراً إلى أن "دولاً أوروبية، وأهمها ألمانيا، ترى في هزيمة صفقة ماي التاريخية الأسبوع الماضي في البرلمان البريطاني، فاتحة تحول كبير في الموقف البريطاني لصالح عضوية الاتحاد الجمركي".
إلى ذلك، حذّر البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، من أنّه لن يصادق على اتفاق "بريكست"، إذا تم تجريده من الضمانات بشأن الحدود الإيرلندية.
وترفض غالبية النواب البريطانيين بند "شبكة الأمان" الوارد في الاتفاق، والذي يبقي بريطانيا ضمن الوحدة الجمركية للاتحاد الأوروبي، بانتظار التوصل لاتفاقات تجارية جديدة.
ومن شأن "شبكة الأمان" أن تضمن عدم قيام "حدود فعلية" بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وإيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا، بعد "بريكست".
لكن قادة الاتحاد الأوروبي يؤكدون أنّ اتفاق الانسحاب غير قابل للتفاوض.
وحذّر رئيس هيئة "بريكست" في البرلمان الأوروبي غي فيرهوفشتاد، زعيم الليبراليين في المجلس، من أنّ أوروبا لن تصادق على أي تعديل.
وقال فيرهوفشتاد، في بيان، وفق ما أوردت "فرانس برس"، إنّ الهيئة التي تضم مختلف الأحزاب اجتمعت لبحث المؤشرات الأخيرة الصادرة من لندن، وتوصّلت إلى أن "الاتفاق عادل ولا يمكن إعادة التفاوض بشأنه".
وشدد على أنّ "ذلك ينطبق بشكل خاص على شبكة الأمان، لأنّها الضمانة لعدم قيام حدود فعلية بأي حال من الأحوال في جزيرة إيرلندا، مع الحفاظ على السوق الموحدة". وتابع "من دون شبكة أمان كهذه لن يصادق البرلمان الأوروبي على اتفاق الانسحاب".