وحضر كل من جونسون ومنافسه على زعامة "المحافظين" جيريمي هنت، حفل عشاء لجمع التبرعات للحزب مساء أمس، وبحضور نحو 100 من المانحين، بهدف تعزيز آلة الحزب الانتخابية.
وكان دعم المانحين لـ"المحافظين" قد تراجع جداً خلال عهد تيريزا ماي، لاختلافهم مع توجهها حول اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي "بريكست". وشكّل ضعف التمويل أحد أسباب امتناع "المحافظين" عن تمويل حملة مركزية لانتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/ أيار الماضي.
ورفض جونسون مسبقاً الدعوة لانتخابات عامة قبل تطبيق "بريكست"، لأن حزبه سيتحمل وزر عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى الآن، بينما يتصدر حزب "بريكست" الدعوة إلى تطبيق نتائج استفتاء عام 2016.
إلا أن الانتخابات قد تكون أمراً لا مفر منه؛ فالحكومة المحافظة تتمتع بأغلبية ثلاثة أصوات فقط في البرلمان بما فيها أصوات 10 نواب لـ"الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي".
وبوجود انقسامات حادة في صفوف "المحافظين"، ورفض من قبل بعض نوابه لسيناريو "بريكست" من دون اتفاق، فإن انتخابات عامة قد توفر لجونسون أغلبية برلمانية تسهل عمل حكومته، وتمرير التشريعات التي تتقدم بها.
كما أن المحافظين يرغبون بالاستفادة من تراجع موقف حزب "العمال"، ونقلت صحيفة "ذا تايمز" عن أحد مسؤولي المحافظين قوله "هناك رغبة لإنجاز ذلك (الانتخابات) أثناء وجود كوربن (في زعامة العمال). العمال منقسم جداً وبريكست يقضي عليهم. وليسوا في وضع يسمح لهم بخوض انتخابات عامة".
كما يسود اعتقاد في دوائر المحافظين باحتمال استقالة كوربن بسبب موقفه من "بريكست" وأزمة معاداة السامية. فالحزب العمالي لا يزال يسعى لإرضاء الجميع من خلال سياسة مبهمة حول "بريكست"، كشفت عن فشلها في استمالة الناخبين الذين يريدون موقفاً واضحاً بدعم البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وعادت أزمة معاداة السامية لتعصف بالحزب وخاصة بعد أن كشف برنامج "بانوراما" الذي تبثه "بي بي سي" عن تدخل قيادة "العمال" دفاعاً عن متهمين بمعاداة السامية في التحقيقات التي يجريها الحزب في حقهم.
ولذلك يرى المحافظون أن الوضع سيكون ملائماً للدعوة لانتخابات عامة بعد تطبيق "بريكست"، بحيث تعقد الصيف المقبل، على أمل تحقيق نصر كاسح يمنحهم أغلبية مطلقة.
إلا أن سعي جونسون لـ"بريكست" من دون اتفاق قد يؤدي إلى سيناريو يصوت فيه البرلمان بسحب الثقة من حكومته قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول وبالتالي التوجه لانتخابات عامة. وعلى الرغم من أن هذا الخيار ليس مفضلاً لدى المحافظين إلا أن حملة جونسون الانتخابية بدأت التحضير لهذا السيناريو.
كما كان جونسون قد رفض يوم أمس أيضاً التعهد بعدم تعليق عمل البرلمان للتخلص من معارضة مجلس العموم لـ"بريكست" من دون اتفاق. ويرى محللون أن حكومة جونسون قد تلجأ إلى تحديد موعد خطاب الملكة إليزابيث الثانية بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، بهدف إغلاق البرلمان.
ويجري العرف السياسي البريطاني بأن يغلق البرلمان لمدة أسبوع أو اثنين قبل خطاب الملكة حيث تقوم الحكومة بوضع خططها التشريعية للبرلمان. وفي حال إغلاق البرلمان، لن يستطيع النواب التصويت ضد عدم الاتفاق.
وقالت الزعيمة السابقة للكتلة المحافظة في مجلس العموم أندريا ليدسوم، لشبكة "بي بي سي" صباح اليوم إن هذه الخطوة مشروعة دستورياً، وإن تعليق عمل البرلمان أمر ليس بالجديد. إلا أنها أكدت أنها ليست الخطوة الأنسب مشددة على ضرورة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. كما أشارت ليدسوم إلى أن التصويت بسحب الثقة من الحكومة سيعني حل البرلمان، وبالتالي عدم انعقاده قبل موعد "بريكست".
أما في بروكسل، فقالت رئيسة المفوضية الأوروبية الجديدة، أرزولا فون ديرلاين، إنه لا مجال للتخلي عن خطة المساندة الأيرلندية في دفاعها عن اتفاق "بريكست".
وقالت فون ديرلاين إن "اتفاق بريكست الذي تم التوصل إليه مع الحكومة البريطانية يوفر طريقاً واضحاً. إنه يحمي حقوق المواطنين ويضمن الأمن والاستقرار في الجزيرة الأيرلندية. هاتان النقطتان من أولوياتي أيضاً." وأضافت أنّ المفوضية مستعدة لمنح بريطانيا تمديداً آخر لـ"بريكست" لما بعد نهاية أكتوبر/ تشرين الأول بهدف التوصل إلى حل للمفاوضات المسدودة.
كما رفضت فون دير لاين التعليق على تفضيلها لجونسون أو هنت وقالت "لا أعرف أياً منهما شخصياً". وسيعلن عن رئيس الوزراء البريطاني يوم الثلاثاء المقبل بعد انتهاء فرز أصوات ناخبي حزب "المحافظين".