بريطانيا تجمد مساعداتها للشرطة السورية الحرة على خلفية اتهامات بدعم الإرهاب

04 ديسمبر 2017
الشرطة تتواجد بالمناطق السورية المحررة (أحمد ديب/ الأناضول)
+ الخط -

أعلنت بريطانيا عن تجميد ملايين الجنيهات من أموال المساعدات الخارجية التي يتم منحها لشركة "آدم سميث" الدولية، والتي تتعاقد معها الحكومة البريطانية لتنفيذ مشاريع في المناطق السورية المحررة. وتأتي هذه الخطوة بعد ادعاءات من شبكة "بي بي سي" أن هذه الأموال تصب في جيوب الجماعات الجهادية في سورية.

وصرحت وزارة الخارجية البريطانية، مساء الأحد، أنها جمدت أموال برنامج "العدالة وأمن المجتمع" المعروف اختصاراً بـ"أجاكس"، والذي يدعم الشرطة السورية الحرة العاملة في المناطق المحررة من سيطرة نظام بشار الأسد. ووجهت "بي بي سي" اتهامات للشرطة الحرة بالتعامل مع الحركات الجهادية في حوادث تشمل حالات فساد وخروقاً لحقوق الإنسان.

وتتلقى الشرطة الحرة الدعم من شركة "آدم سميث" الدولية منذ عام 2014، عن طريق مساعدات تأتي من ست دول مانحة، وهي بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وكندا وألمانيا والدنمارك. ويدعم هذا البرنامج الشرطة المحلية التي تقوم بضبط الأمن المجتمعي، إلا أن "بي بي سي" تتهم الشرطة بتسليم الأموال نقداً إلى حركة نور الدين زنكي.

كما يدعي برنامج "الجهاديون الذين تمولونهم" الذي ستعرضه القناة، مساء اليوم، أن "جبهة فتح الشام"، أو "جبهة النصرة" سابقاً، قامت باختيار ضباط الشرطة العاملين في محطتين للشرطة الحرة في إدلب. كما تزعم أيضاً وجود عناصر شرطة متوفين على قوائم الرواتب التي تدفعها "آدم سميث".

كما تذكر "بي بي سي" أنها حصلت على وثائق من شركة "آدم سميث" تفيد وجود محطة شرطة في محافظة إدلب توظف 57 شرطياً، وعند زيارتها من قبل موظفي الشرطة تبين خلوها من أي عنصر شرطي.

من جهتها نفت "آدم سميث" ادعاءات "بي بي سي" كلياً، حيث قال متحدث باسمها "ندير أموال دافعي الضرائب بكفاءة عالية لمواجهة الإرهاب، وجلب الأمن للمجتمعات السورية وتجنب المخاطر الكبرى التي تنجم عن العمل في منطقة حرب".



وقالت الشركة في بيان أصدرته للرد على اتهامات "بي بي سي" إن استخدام طرق الدفع نقداً يعود لعدم توفر بدائل عملية، بينما قامت الشركة بفصل ضباط الشرطة الذين عينتهم النصرة فور اكتشافهم. كما توقفت الشركة عن دفع الأموال للمراكز التي تتعامل مع حركة الزنكي منذ أغسطس/ آب 2016.

ووصف البيان ادعاءات "بي بي سي" أنها خاطئة أو مضللة كلياً، فالأموال التي تدعي "بي بي سي" وصولها للجهاديين لا تتجاوز الألفي دولار من برنامج تصل قيمته إلى عشرين مليوناً. أما عناصر الشرطة التي تشير إليهم "بي بي سي" فهم ستة من أصل 3400 شرطي يمولهم البرنامج.

وتؤكد "آدم سميث" على نجاعة الطرق التي تستخدمها للتأكد من العناصر الذين تتعامل معهم، إضافة إلى وجهة الأموال المدفوعة، ويضاف إلى ذلك وجود أطراف ثالثة تقوم بعملية التقييم. "تعمل آدم سميث الدولية ... في بيئة تملؤها التحديات الصعبة وتحت رقابة وزارة الخارجية البريطانية وخمس حكومات أخرى"، كما يقول البيان. وطالبت "آدم سميث" بتعديل اسم البرنامج المضلل.

وأكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" توقف تمويل برنامج "أجاكس" الذي يدعم الشرطة السورية الحرة بسبب هذه الاتهامات، إلا أنها جميعاً ترى أن هذا التحقيق يأتي ضمن اتجاه الحكومة البريطانية لتخفيض مساعداتها الخارجية، من خلال خلق انطباع سيئ عنها. كما أنها تصب أيضاً في صالح النظام السوري وآلة البروباغندا الروسية، حيث إن وقف تمويل المؤسسات البديلة للأسد لا يصب إلا في مصلحتهما.

ولا تنفي هذه المصادر خطورة البيئة التي تعمل فيها الشرطة الحرة وممولوها، ولكنها تؤكد على وجود آليات مراقبة شديدة تتبعها "آدم سميث" لضبط تعاملاتها، وخاصة أن الحكومات التي تمول الشرطة الحرة على علم مسبق بالمخاطر التي يواجهها العمل في هذه البيئة. ولكن برنامج "بي بي سي" تعمد تجاهل الأمثلة المضيئة التي قدمتها الشرطة الحرة، حتى الآن، عبر مسيرتها.

وعلق أحد المصادر الخاصة لـ"العربي الجديد" "إن هناك اتجاهاً عاماً لدى الحكومة البريطانية لخفض مساعداتها الخارجية وهو ما دفع إلى تسليط الضوء على هذه النقطة حالياً".
وبحسب المصدر، فإن البرنامج الذي يستهدف الرأي العام البريطاني يهدف إلى تأليب دافعي الضرائب ضد المعونات الخارجية، عوضاً عن التأكيد على دور بريطانيا في مكافحة الإرهاب الناجم عن انعدام الأمن في المناطق السورية الحرة. وبما أنه لا يمكن انتقاد المعونات الإنسانية التي تشمل السلل الغذائية ومساعدة اللاجئين والنازحين، تم تسليط الضوء على هذه النقطة.

وهو ما حذر منه النائب في البرلمان البريطاني، أندرو ميتشل، وهو وزير التنمية الدولية السابق. فهو يرى أن طبيعة عمل الشرطة الحرة ستتطلب منها الاحتكاك بالمنظمات المتطرفة، ولكن هذا يجب ألا يردع بريطانيا. كما حذر ميتشل "بي بي سي" من الركض وراء السبق الصحافي وتجييش المشاهدين ضد المعونات الخارجية، ودعاها أن تأخذ في الحسبان المخاطر والصعوبات التي تواجهها الشرطة الحرة في عملها.

أما أديب الشلاف، مؤسس الشرطة الحرة، والتي هي بغالبها غير مسلحة، وتعمل في محافظات إدلب وحلب ودرعا فقد اتهم "بي بي سي" بالصحافة غير المسؤولة. وقال "الشرطة السورية الحرة تعمل على الأرض رغم كل التحديات، سواء كانت المجموعات المسلحة أو القصف اليومي – في القصف الأخير استهدفوا مركزاً للشرطة الحرة في الأتارب وقتلوا 13 شرطياً بالإضافة إلى المدنيين".

ورغم ذلك تصر "بي بي سي" على امتلاكها وثائق تدعم اتهاماتها وستعرضها، مساء اليوم، في الساعة السابعة والنصف بتوقيت غرينتش في برنامج بانوراما.

المساهمون