وافق مجلس النواب المصري، اليوم الاثنين، بصفة نهائية، على ثلاثة مشروعات قوانين متصلة لتنظيم الصحافة والإعلام، معروفة إعلامياً بـ"إعدام الصحافة"، على الرغم من عدم توافر نصاب الثلثين اللازم لتمرير القوانين، كونها من التشريعات المكملة للدستور، وذلك غداة إعادة المداولة (المناقشة) حول عدد محدود من المواد، التي طعن مجلس الدولة (جهة قضائية) بعدم دستوريتها.
ووافق البرلمان، الموالي للرئيس عبد الفتاح السيسي، على اقتراح مقدم من وزير الشؤون النيابية، عمر مروان، على صياغة البند (11) في المادة (6) من قانون الهيئة الوطنية للإعلام، بحيث تنص على "امتلاك الهيئة وحدها دون غيرها الحق في إشارة البث المباشر داخل مصر، والخاصة ببث البطولات الرياضية المقامة على أرضها، ويؤول للهيئة 1.5% من قيمة حقوق البث عند سماحها للآخرين بالقيام ببث البطولات من خلال الاتفاق ما بين الطرفين".
وأضاف مجلس النواب، في تعديلاته على قانون الهيئة الوطنية للصحافة، مادة جديدة لمواد الإصدار تتضمن حكما انتقاليا باستمرار عمل الهيئة الحالية لحين تشكيلها الجديد، واستبدل نص البند (17) بالنص الآتي: "اعتماد قرارات مجالس إدارة المؤسسات الصحافية القومية بمد السن بالنسبة للصحافيين والإداريين والعمال إذا اقتضت حاجة العمل ذلك"، والبند (23) ليصبح "دمج المؤسسات، ودمج وإلغاء الإصدارات الصحافية داخل المؤسسة الواحدة".
وشملت التعديلات استبدال المادة (16) من القانون بالنص الآتي: "يحظر على رئيس وأعضاء الهيئة القيام بأي عمل يتعارض مع استقلال الهيئة، ويحظر عليهم بوجه خاص قبول هدايا أو عطايا، كما يحظر عليهم القيام بأي أعمال استشارية بمقابل أو بغير مقابل"، مع تعديل البند (6) من المادة (25) لينص على "تخصيص 1% من الإيرادات السنوية للمؤسسات الصحافية القومية لدعم المؤسسات التي تقرر الهيئة حاجتها للدعم".
واستحدث البرلمان مادة جديدة بقانون المجلس الأعلى للإعلام، تتضمن حكما انتقاليا باستمرار المجلس بتشكيله الحالي في مباشرة مهامه واختصاصاته، إلى حين صدور قرار بتشكيله الجديد، وإضافة عبارة "في الأحوال التي تتطلب ذلك" إلى المادة المتعلقة بحصول الصحافي أو الإعلامي على التصاريح اللازمة لحضور أحد الاجتماعات العامة، أو إجراء لقاءات مع المواطنين.
كما استبدلت تعديلات النواب كلمة "ستين" بكلمة "ثلاثين" في الخاصة بمهلة التوفيق بين الصحافي المزمع اتخاذ قرار بفصله، وجهة عمله، وحذف عبارة "وإذا ثبتت إدانته تؤول قيمة التبرعات أو الإعانات أو المزايا المادية التي حصل عليها إلى صندوق معاشات النقابة التي يتبعها" في المادة التي تحظر على الصحافي أو الإعلامي قبول مزايا خاصة بسبب عمله.
واستبدل المجلس كذلك نسبة 70% بنسبة 50% في المادة الخاصة بنسبة المحررين المقيدين بنقابة الصحافيين في كل صحيفة، لتنص على أنه "يشترط في كل صحيفة تطلب ممارسة النشاط الصحافي ألا تقل نسبة المحررين بها من المقيدين بنقابة الصحافيين ابتداء عن 70% من طاقة العمل الفعلية".
وألغى البرلمان عبارة "الحبس الاحتياطي" الواردة في المادة (29) من القانون، استجابة لمطلب نقابة الصحافيين، ليصبح نصها مطابقا لنص المادة (71) من الدستور: "لا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد".
واشتملت التعديلات إضافة فقرة جديدة للمادة (63) من القانون، وتنص على أنه "لا يجوز تأجير مساحات البث داخل الوسائل الإعلامية المرخص بها إلى الغير، إلا بتصريح يصدر من المجلس الأعلى، وبعد موافقة الجهات المعنية المختصة، وإضافة فقرة بالمادة (70) تنص على "التزام الهيئة العامة للاستثمار قبل قيد الشركات ذات رأس المال المصري أو الأجنبي بالحصول على موافقة الجهات الأمنية والمختصة".
واستبدل المجلس المادة (94) بالنص الآتي: "يضع المجلس الأعلى للإعلام لائحة بالجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحافية، والمؤسسات الصحافية القومية، والمؤسسات الإعلامية، والمؤسسات الإعلامية العامة، حال مخالفة أحكام القانون، وإجراءات التظلم منها، على أن تعتبر هذه اللوائح جزءاً لا يتجزأ من التراخيص أو الموافقات الصادرة أو غيرها من التصرفات والإجراءات والأعمال بين المجلس وتلك الجهات".
كان نصف أعضاء مجلس نقابة الصحافيين قد أعلنوا، مساء أمس، رفضهم للتعديلات التي أقرها مجلس النواب على مشروعات قوانين تنظيم الصحافة والإعلام، واصفين إياها بـ"التعديلات التحايلية"، داعين الجمعية العمومية للنقابة إلى سرعة الانعقاد لمناقشة تطورات هجمة السلطة الحاكمة على حرية الصحافة والإعلام.
وقال أعضاء مجلس النقابة، في بيان مشترك: "فيما يعد استمراراً لمحاولات تقييد استقلال الصحافة والإعلام، وحصار حرية الرأي والتعبير، تجاهل البرلمان معظم ملاحظات نقابة الصحافيين على تشريعات تنظيم الصحافة والإعلام، وملاحظات مجلس الدولة، التي أشارت إلى وجود عوار دستوري بعدد من المواد، ووافق على تعديلات (صورية) أبقت على جوهر المواد المقيدة لحرية الصحافة، والمخالفة لنصوص الدستور، والمهددة لاستقلال وبقاء المؤسسات الصحافية القومية".
وأوضح الأعضاء أن لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أبقت على صياغة البند (23) من المادة (5) من قانون الهيئة الوطنية للصحافة، والذي أعطاها الحق في "إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية"، وهو ما يفتح الباب أمام خصخصة المؤسسات القومية، وتشريد المئات من العاملين فيها.
كذلك تجاهلت التعديلات مقترحات النقابة الخاصة بتشكيل الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحافية القومية، فأبقت على وضع رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رئيساً للجمعيات العمومية لكل المؤسسات القومية، كما استمرت حالة التجاهل لتمثيل الصحافيين والعاملين بالمؤسسات داخل الجمعيات، بالتوسع في تعيين أعضاء هذه الجمعيات من خارج تلك المؤسسات.
وأبقى البرلمان على نص البند (17) من المادة (5) من القانون ذاته للهيئة الحق في مد السن للصحافيين بقرار منها، وهو ما يفتح الباب للمحاباة، ويُهدر كفاءات حقيقية بهذه المؤسسات، علاوة على الصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتتيح له منع تداول وسحب تراخيص وحجب مواقع عامة وشخصية، وهو ما ينسف جوهر المهنة، واستقلالها.
وتابع أعضاء مجلس النقابة: "ألزم القانون الصحافي بالحصول على التصاريح اللازمة قبل حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات، واللقاءات في الأماكن غير المحظور تصويرها، ثم أضيف لها تفادياً لملاحظات مجلس الدولة نص (في الأحوال التي تتطلب ذلك)، وهو ما يعني أنه ترك تحديد الأماكن لجهة مجهولة، وهو ما يقيد مهمة الصحافي، بما يستحيل معه ممارسة المهنة عملياً".
وزاد البيان: "وفي ما يخص المادة (29) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الخاصة بتقنين الحبس الاحتياطي للصحافيين، أقر البرلمان نصاً تحايلياً، بحذف كلمة "الاحتياطي"، وترك نص المادة بشكل مطاط، ويحتمل التأويل من جهات التحقيق، وهو ما يعد ردة عما جاء في القانون 96 لسنة 1996، الذي حظر الحبس الاحتياطي في قضايا النشر بشكل نهائي".