ترتبط برامج المنوعات التلفزيونية دائماً بالبحث عن الإثارة، لسببين: الأول جذب انتباه المشاهد، والثاني البحث عن المُعلن. وفي الحالتين المنتج هو الرابح. ولأنّ برامج المنوعات التي يُتفق على تسميتها "توك شو"، لأنها في الأصل برامج خفيفة المحتوى، تُقدم بهدف تسلية الناس، خاصة في سهرات شهر رمضان، يبحث صُناعها عن نجوم خفيفي الظل ومحبوبين ليكونوا طيلة ثلاثين ليلة على تماس مباشر مع الجمهور.
في السنوات الأخيرة، تغيّر شكل هذا النوع من البرامج، فبسبب كثرتها أصبح منتجوها وصُناعها يبحثون عما يلفت الانتباه أكثر، مدركين أنهم يدخلون في منافسة كبيرة مع برامج منافسة موزعة في سماء الفضائيات، والهدف الرئيسي هو الوصول إلى عقل المشاهد لسرقة تركيزه وانتباهه، عبر "دغدغة" حاسة الفضول لديه، وإشعاره بأنه قادر على معرفة الجانب الخفي من حياة النجم الذي يراه.
وتنقسم هذه البرامج التي باتت لصيقة العرض بشهر رمضان إلى جزءين، فالجزء الأول يهدف إلى إضحاك الجمهور على ضيف برامج المقالب، ومحاولة إخافته، عبر إعداد مقلب "خفيف وظريف" بالفنان الضيف الذي غالباً ما يتقاضى مبلغا فلكياً من مستضيفيه، مقابل الاشتراك في المقلب، ويزداد المبلغ بطبيعة الحال كلما زادت أهمية الضيف.
فيما يهدف الجزء الثاني من برامج الـ"توك شو" إلى فضح الفنان و"من ولاه ومن عاداه"، حيث تهدف هذه البرامج إلى استضافة "فناني إثارة الجدل" الذين يلقون بـالتصريحات النارية بحق زملائهم. فيكسب منتج ومقدم البرنامج والقناة المعروضة عليها، مزيداً من مشاهدة الجمهور، وبالتالي مزيداً من الإعلانات.
تتفق هذه البرامج على قيمة عُليا لها، وهي جذب المشاهد بأي طريقة، فالمنافسة بين القنوات الفضائية شديدة جداً، والمشاهد العربي لا يغريه شيء أكثر من إشباع فضوله بمعرفة المخفي عن الشخصيات المشهورة لديه، الأمر الذي توفره الفضائيات العربية بسهولة شديدة، فيقبل عليه المشاهد متحفزاً وراغباً في المزيد.
وتبقى برامج المسابقات التلفزيونية على غرار "اتصل واربح"، ضمن سياق برامج "التوك شو" التلفزيونية المحبوبة من الجمهور الباحث عن أمل الربح الوفير بأقل جهد ممكن، لكنها لم تخضع هذه البرامج بعد لحسابات سرقة عقول الناس، فيما اكتفت بسرقة جيوبهم، حيث يلجأ منتجو هذه البرامج إلى فنانين وإعلاميين مشهورين مقبولين جماهيرياً لتقديم مسابقات هذه البرامج، بحثاً عن الانتشار وزيادة الإعلانات.
في نظرة شاملة هذا العام لما يدور في كوكبة برامج الفضائح التلفزيونية "الرمضانية"، سهل جداً أن ترى الفنان "مضحوكاً عليه" بمقالب كوميدية في عدة برامج، فبعض الفنانين لا يضيرهم إن أحسنت استضافتهم ووضعت في جيبهم مبلغاً من المال، كما يحدث هذا العام في برامج "رامز واكل الجو" و"هبوط اضطراري" و"100 ريختر". لكن المثير هذا العام، هو تنقل بعض الفنانين على ذات البرامج، ليظهر نفس الفنان في برنامج للمقالب في نفس الموسم الرمضاني، ولكن مع قناتين مختلفتين.
ولا جدل إن تفحصنا قليلاً في برامج الحوارات التلفزيونية الرمضانية، لنجد سنوياً أسماء بعينها تتكرر كل رمضان في معظم البرامج، لإطلاق التصريحات. فصار عادياً أن نجد حلمي بكر وشعبان عبدالرحيم وسعد الصغير وسواهم يتكررون كل مساء رمضاني، والهدف إذن.. إضحكاك الناس واستغفالهم، وجلب المعلن، وزيادة أرصدة الفنانين في البنوك.
اقرأ أيضاً: برامج "الرعب": لأننا نحبّ التعذيب... نستمتع ونضحك؟