قال محللون مصريون، إن الحكم ببراءة الرئيس المخلوع مبارك ونظامه من تهم الفساد، قد تغلق الباب أمام محاولات استرداد الأموال المهربة للخارج والتي تقدر بمليارات الدولارات، كما أن البراءة قد تزيد من حالة الاحتقان السياسي بالشارع، وهو ما يؤثر سلباً على فرص مصر في تحسين مناخ الاستثمار وجذب استثمارات أجنبية وتنشيط السياحة وزيادة موارد النقد الأجنبي.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، أمس، ببراءة مبارك ووزير البترول في عهده، سامح فهمي، من تهمة إهدار المال العام في صفقة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة وبأقل من السعر العالمي والإضرار العمدي بالمال العام.
كما قضت المحكمة بانقضاء دعوى اتهام مبارك ونجليه بالتربح، والحصول على "رشوة" لمرور المدة القانونية لنظر الدعوى والمحددة بعشر سنوات.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن حكم البراءة يعتبر إغلاقاً لملف استرجاع الاستثمارات المهربة للخارج، وإعادة الأموال المنهوبة، وبذلك سيحق لمن حصلوا على البراءة استعادة أرصدتهم المجمدة بالبنوك الأوروبية.
وأضاف عبد المطلب أنه بصدور الحكم فإن الاقتصاد المصري يخسر نحو 70 مليار دولار (نصف تريليون جنيه مصري) قيمة الأموال المهربة للخارج من قبل رموز نظام مبارك حسب تقديرات مؤسسات دولية، كما أن البراءة، جاءت لتوسع الهوة بين القوى السياسية المتناحرة، وتقضي على الآمال في وجود استقرار سياسي وهو ما يؤثر سلبا على المشهد الاقتصادي.
وحسب الخبير الاقتصادي فإن هذا الحكم سيؤثر أيضا على المؤتمر الاقتصادي المقبل بشرم الشيخ الذي أصبح مهدداً بالكثير من الإخفاقات، مثل تهاوي أسعار النفط الذي سيؤثر على الدول الخليجية (السعودية والإمارات والكويت) حيث ستتراجع قيمة استثماراتها المنتظر ضخها في مصر، بالإضافة لتصريحات وزير إماراتي حول عدم وجود خطة استثمارية واضحة لدى مصر، ثم جاء حكم البراءة ليضيف معوقا جديدا أمام المؤتمر، وقال "لا استثمارات بدون استقرار سياسي حقيقي، ولا استثمارات كبرى في ظل عدم وجود برلمان يراقب الحكومة".
وقال عبد المطلب إن الحيثيات التي قيلت في حكم البراءة تجعل المستثمر غير مطمئن لنظم الاستثمار في البلاد، مشيرا إلى أن نظام التقاضي من أهم الأمور التي يضعها المستثمر في حساباته عند اتخاذ قرار الاستثمار، حيث يريد المستثمر بيئة قضائية تلتزم بالقانون وتنفذ نصوصه، وهذا حدث نقيضه في محاكمة أمس.
وقال خبراء اقتصاد وطاقة، إن حكم براءة مبارك ورموز نظامه سيؤدي إلى زيادة حدة الاضطراب السياسي الذي سينعكس سريعا على الناحية الاقتصادية، ويقلص من فرص جذب استثمارات جديدة خلال مؤتمر شرم الشيخ المزمع عقده منتصف مارس/آذار.
وقال السفير إبراهيم يسري منسق حملة لا لبيع الغاز لإسرائيل إن الحكم يعد رجوعا وانتكاسة لحق الحفاظ على المال العام، وأضاف "لا يوجد قانون في مصر بعد أحكام البراءة الجماعية".
وأضاف أن بيع الغاز لإسرائيل أضاع على الخزانة المصرية مليارات الدولارات وأن مصر فرطت في غازها، وستستورد الغاز من إسرائيل الذي تسرقه من المياه الإقليمية المصرية بأضعاف مضاعفة، ولفت إلى أنه بعد صدور حكم البراءة لم يعد لمصر الحق بالمطالبة بحقوقها المنهوبة.
وقال إبراهيم زهران وكيل وزارة البترول السابق ورئيس حزب التحرير المصري، إن مصر خسرت كثيرا جراء حكم بالبراءة، ولفت زهران، صاحب حكم وقف تصدير الغاز لإسرائيل، إلى أنه كان قد تقدم للمحكمة بأسطوانة تحوي تسجيلا صوتيا لوزير البنية التحتية الإسرائيلي يؤكد فيه أن إسرائيل ربحت 10 مليارات دولار من صفقة تصدير الغاز المصري، أي أن مصر خسرت نفس القيمة، متسائلا: من سيعيد هذه الأموال للمصريين؟، وأضاف أن حسين سالم كان يحصل 3.5 ملايين دولار عمولة تصدير يوميا.