وعلم "العربي الجديد" من مصادر مطلعة فضلت عدم كشف هويتها، أن خمسة أطراف على الأقل تلقت دعوة للمشاركة في الملتقى المرتقب عقده في 14 – 16 إبريل/ نيسان المقبل، فيما أكدت البعثة في أكثر من توضيح سابق أن عدد المدعوين المستهدفين بالمشاركة يصل إلى 150 مشاركا يمثلون 23 فئة من فئات الشعب، مع التأكيد على عدم إقصاء أحد وضرورة تمثيل كل الأطياف السياسية والاجتماعية في البلاد.
وتسبق أيام عقد الملتقى ظروف حساسة مرتبطة بالموقف العربي إذ حمل سلامة ملف الملتقى إلى القادة العرب لمناقشته في القمة العربية المنعقدة حاليا بتونس، وفي آخر تصريحاته قال إن "القمة أقرت مبادرتين"، مفصحا عنهما بالقول إنهما "اجتماع مغلق للتباحث حول الملف الليبي، وانعقاد اللجنة الرباعية المكونة من منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي".
ويأتي الدعم العربي بعد أيام من دعم معلن من قبل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي لعقد الملتقى الوطني الجامع لليبيين، ما دفع بكثير من المراقبين إلى التأكيد على وجود رغبة دولية لحل الأزمة في ليبيا بشكل سريع.
لكن أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية، خليفة الحداد، يرى أن الخطورة تكمن في التوفيق بين المسار الوطني والدولي، وقال في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "الرأي الدولي لحل الأزمة عبر تفاهمات لم يعلن عنها بين الفاعلين في الملف الليبي يبدو أنها انتهت فيما تذهب تلك الجهود إلى قادة المسار الوطني للسير في ركاب التفاهمات الدولية ما يعرض نتائج الملتقى لذات العراقيل التي لاقاها اتفاق الصخيرات سابقا"، مطالبا بضرورة التوفيق بين المسارين الدولي والوطني.
وحذر الحداد من تحرك عواصم مثل أبوظبي والرياض بشكل كثيف في الأيام الأخيرة التي تسبق عقد الملتقى ما يؤشر إلى عدم قدرة الملتقى على تحقيق توازن بين الأطراف المحلية. وتساءل: "الرياض أرادت أن تعطي وزنا رسميا للواء المتقاعد خليفة حفتر عندما دعته لزيارتها واستقبله العاهل السعودي، الملك سلمان، بشكل رسمي لكن بكل تأكيد هناك أهداف أخرى دفعت السعودية لدعوته"، متابعا "بغض النظر عما يشاع عن صراع إماراتي سعودي حول ليبيا إلا أن كلتيهما تقفان إلى جانب حفتر في وقت غيبت فيه أطراف أخرى تقف ضد مشروعه العسكري وهو مؤشر لا ينبئ بخير".
وأشار الحداد إلى أن المجتمع الدولي كان يدفع باتجاه تطبيق اتفاق الصخيرات خلال السنوات الماضية، لكن دون فهم للمشاكل الداخلية التي انبنت حول الاختلاف حول الإعلان الدستوري، موضحا أن "الاتفاق شرعن مجلسي الدولة والنواب من جديد وخلق حكومة جديدة لكنه لم ينظر للأساس القانوني الدستوري الذي لا يزال قائما وقتها وهو الإعلان الدستوري الذي تمسكت به أطراف لا تريد الوفاق فاستطاعت القضاء على الاتفاق السياسي".
ويبدو رأي المحلل السياسي الليبي، عقيل الأطرش، مقاربا لرأي الحداد إذ يعتقد أن عقد الملتقى داخل ليبيا على خلاف المسار السابق في الصخيرات لن يعطي شرعية كبيرة لمخرجاته، وطالب بأن يعمل الملتقى على تحديد مدد زمنية تخص الدستور باعتباره البديل عن الإعلان الدستوري والانتخابات. وقال الأطرش "ستواجه مخرجات الملتقى الفشل الذريع إذا أجريت الانتخابات وفق قوانين موقتة وتم تأجيل الاستفتاء على الدستور لأن تلك القوانين سوف تستمد من الإعلان الدستوري". واعتبر الأطرش في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "اتجاه المسار الجديد الذي تدفع إليه الأمم المتحدة تؤثر فيه أطراف داعمة لحفتر تريد اللعب من جديد لتثبيت وضعه من خلال تمديد المرحلة الانتقالية وتأجيل الاستفتاء على الدستور الذي لا يرضاه حفتر"، معتبرا أن بقاء مساحة حرية لحفتر يعني تهديدا لأي وفاق وإمكانية تحركه لاستكمال مشروعه العسكري.
في المقابل، يؤكد دبلوماسي مقرب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أن عواصم الثقل الدولية الفاعلة في الملف الليبي اتفقت على إنهاء الأزمة و"تعطيل نفوذ المتنفذين في المشهد الداخلي وتقليل فرص تشغيبهم"، وقال متحدثا لـ"العربي الجديد" إن "سلامة بدا أكثر قوة في الآونة الأخيرة فقد هدد بنقل ملف 10 دول قال إنها تتدخل في ليبيا إلى مجلس الأمن وأكد أن فرص المعرقلين باتت قليلة".
بل أكد المصدر أن البعثة "تعقد الأزمة وارتهان الأطراف المحلية للخارج حول البعثة من بعثة للدعم في ليبيا بحسب قرارها إنشائها إلى جهة تملك لوحدها الحل وبإمكانها فرضه وأصبحت تمسك زمام الأمور". وتساءل "ماذا تعني تصريحات سلامة بأنه الوحيد الذي يملك لائحة الملتقى وهو من يحدد المشاركين بل وبكل صراحة قال لأبرز طرفين وهما مجلسا الدولة والنواب لن تحضرا وعليكما الاستماع لليبيين"، مضيفا "ويتهمهم بالفساد والتربح من مناصبهم علنا ويهدد بإمكانية مقاضاتهم".
وكشف المصدر النقاب عن "انتهاء البعثة من وضع وثيقة مخرجات الملتقى وأن هامش مشاركة الليبيين سيكون في تحديد مصير الدستور والانتخابات دون الحديث عن الفترة الانتقالية المقبلة" مؤكدا أن شكل الفترة الانتقالية المقبلة التي سيحتاجها الوقت للتجهيز للانتخابات ستكون "فايز السراج (رئيس حكومة الوفاق) على رأس السلطة المدنية وحفتر على رأس المؤسسة العسكرية وسيرفضها فاعلون دوليون". وأكد أن "فرص حفتر ستكون صعبة جدا إذا فكر في المضي في مشروعه العسكري".