كشفت مستندات ووثائق حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، عن تعيين مسؤول في البنك الزراعي المصري (بنك حكومي) في منصب مسؤول الأمن في البنك، رغم أنه متورط في منح قروض من دون ضمانات ومن دون بطاقات، واستولى على المال العام وأسهم في الاستيلاء عليه، وتجاوز صلاحيات عمله، مما أضاع وأهدر على البنك الذي يعمل فيه ما يزيد على 50 مليون جنيه (2.8 مليون دولار تقريباً).
ووفقا للمستندات وهي عبارة عن تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، وقرار إحالة هذا المسؤول إلى المحاكمة التأديبية من قبل النيابة الإدارية، وذلك قبل تعيينه مسؤولا للأمن، وأيضا تحقيقات من النيابة العامة، وشكاوى إلى جهات معينة عديدة من بينها النائب العام، بخلاف قرار بتوقيع الجزاء الإداري التأديبي عليه.
وتُظهر المستندات وما جاء في الشكاوى، أنه تم تكليف "معتز محمد عبد النبي محمد"، مدير البنك الزراعي المصري فرع الحوامدية بقطاع الجيزة، في منصب مسؤول الأمن بالبنك الزراعي المصري في قطاع الجيزة، رغم أنه متورط في الاستيلاء على أموال البنك ومنح قروض من دون ضمانات ومن دون بطاقات، وتجاوز صلاحياته مما أضاع على البنك ما يزيد على 50 مليون جنيه.
وتُظهر الأوراق أنه نتيجة شكوى تقدم بها أحد المسؤولين في البنك لمراجعة جميع أعمال المسؤول المشار إليه منذ توليه منصب مدير بنك الحوامدية حتى تاريخ الشكوى، قام قطاع الرقابة والتفتيش في البنك الرئيسي بفحص 20 عميلا فقط كـ"عينة"، ورغم ذلك قامت لجنة الفحص بإعداد مذكرة للعرض على رئيس البنك في 4 يناير/كانون الثاني 2015 انتهت فيها إلى إدانة المذكور بعد فحص عدد 20 عميلا المختارين كعينة فقط.
وثبت أنه نتج عنها أضرار مالية قدرها مليون و489 ألفا و800 جنيه، وكان ملخص المخالفات صرف قروض بحيازات وهمية "مضروبة" ومن دون ضمانات ومن دون ملفات وعدم استعلام عن العملاء، وتم إحالة المذكور إلى النيابة الإدارية بموجب المذكرة رقم 3314 لسنة 2015 وذلك بتاريخ 14 مايو/أيار 2015.
ثم قامت النيابة الإدارية بعمل تحقيق مع المذكور في القضية التي حملت الرقم 272 لسنة 2017 انتهت فيها إلى إدانته بعد فحص 31 عميلا فقط نتج عنها أضرار مالية قدرها مليونان و281 ألفا وذلك في 16 إبريل/ نيسان 2018.
وبتاريخ 9 يونيو/ حزيران 2018 أحالت النيابة الإدارية المذكور إلى المحاكمة التأديبية في الدعوى (738 لسنة 2018 فرع أول)، وبعدها تم تحرير 77 قضية مستقلة أخرى ضد المسؤول ذاته بالاستيلاء على أموال عملاء البنك بعد ثبوت الاستيلاء عليها بالطرق نفسها غير القانونية.
ولم تقف مخالفات المذكور عند هذا الحد، بل قام بالذهاب إلى ماكينات التصوير وجمع نسخ من بطاقات الرقم القومي للحصول على "المال الحرام" لعدد جاوز 200 عميل، وحصل على ملايين الجنيهات مقابل ذلك، وقد علم بعض عملاء البنك وعددهم 11 عميلا مصادفة بذلك، وبأنهم مطالبون بسداد أموال بمبالغ كبيرة جدا لم يستلموها، فما كان منهم إلا أن توجهوا للنيابة العامة بشكوى ضد المذكور وتحولت القضية رقم 854 لسنة 2016 إداري الحوامدية.
وبتاريخ 1 فبراير/شباط 2017 خاطب النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، البنك المركزي بطلب اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ضد المذكور إعمالا لقانون البنك المركزي، وتشكلت لجنة من البنك المركزي بشأن شكوى الـ 11 عميلا، وأودعت اللجنة تقريرها بنيابة جنوب الجيزة الكلية (نيابة مركز البدرشين) بالكتاب رقم 1250 في 5 إبريل/ نيسان 2018 والموجّه لوكيل النائب العام المستشار محمد عز الدين.
وانتهت لإدانة المذكور بأضرار أصابت البنك وقدرها مليون و329 ألفا تمثلت في قروض وهمية حررها باسم العملاء مقدمي الشكاوي، من دون علمهم، وعدم تمكين البنك من إرجاع هذا المبلغ للاستيلاء على حقوق وأمواله البنك.
الغريب وفقا للأوراق والشكاوى والمحاضر والبلاغات، أنه رغم كل ما سبق وتوقيع جزاءات تأديبية ضد المسؤول، وتولي النيابة العامة التحقيقات في أمور أخرى، أن يتم ترقية المسؤول إلى منصب مسؤول أمني.
ويأتي ذلك رغم أنه في الحالات المماثلة والتي يكون هناك متهم بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام فإنه يتم إيقافه عن العمل، خاصة عندما تأتي تحقيقات الشؤون القانونية لتدينه وتحقيقات النيابة لتؤكدها، إلا أنه في هذه الحالة فإنه تم ترقية المسؤول ومنحه منصبا "أمنيا" بدلا من إيقافه عن العمل.
كما قام رئيس قطاع الجيزة الحالي عصام الشريف بتسليم المذكور مفتاح غرفة ملفات العاملين بالقطاع، إذ قام بيع المذكرات والمخالفات الخاصة بالعاملين بقيمة 20 ألف جنيه للراغبين لإنهائها.
(الدولار=17.8 جنيها مصريا)