باكستان: أجواء من الترقب بعد عودة رجل دين معارض

23 يونيو 2014
مناصرو القادري أمام مطار إسلام أباد (فاروق نعيم/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تعيش الساحة الباكستانية حالة من الترقب، بعد وصول العالم الصوفي وزعيم حركة "منهاج القرآن"، العلامة طاهر القادري إلى البلاد، ورفضه النزول من الطائرة بعد هبوطها في مطار لاهور الدولي، مطالباً الجيش الباكستاني بتوفير الحماية له، وذلك وسط مظاهرات حاشدة لأنصاره في العاصمة الباكستانية والمدن الأخرى، وإجراءات أمنية غير مسبوقة.

وكان من المفترض أن يصل القادري، إلى مطار إسلام أباد الدولي، صباح اليوم الإثنين، قادماً من العاصمة البريطانية لندن، حيث انتظره المئات من أنصاره خارج المطار بالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، ومحاولة السلطات الأمنية منعهم من الوصول إلى المطار.

لكن لدى وصول الطائرة إلى إسلام أباد، قامت السلطات الباكستانية بتوجيهها إلى مطار لاهور الدولي، نظراً لأن أجهزة الاستخبارات الباكستانية حذرت من مخطط لجماعات مسلحة يهدف إلى تنفيذ هجمات على موكب القادري ورفاقه، وهو في طريقه من إسلام أباد إلى لاهور.

وعند وصول الطائرة إلى مطار لاهور، رفض القادري، ورفاقه الذين يبلغ عددهم المئة شخص، النزول من الطائرة، وطالبوا الجيش الباكستاني بتوفير الحماية اللازمة لهم.

من جانبها، تحاول الحكومة المحلية في إقليم البنجاب، إقناع القادري بالنزول من الطائرة، على أن توفر أجهزة الأمن حماية كاملة له، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل. فطاهر القادري لا يزال على متن الطائرة، ومئات من أنصاره حاصروا المطار، رافعين هتافات وشعارات مناوئة للحكومة المحلية والحكومة المركزية.

كما طلب القادري من أنصاره الخروج إلى الشوارع وتنظيم مسيرات آمنة.

وكانت اشتباكات عنيفة اندلعت بين أنصار القادري ورجال الشرطة، في العاصمة إسلام أباد خلال الليل الفائت، أسفرت عن إصابة نحو مئة شخص معظمهم من عناصر الأمن.

بدورها اتهمت الحكومة الباكستانية، القادري بخلق أزمة جديدة في وجه الحكومة. وأكد وزير الإعلام في الحكومة الفدرالية، برويز رشيد، أن حركة القادري تهدف إلى جر الجيش إلى معترك السياسة.

كما أعلنت السلطات الأمنية حالة التأهب القصوى وإجراءات أمنية غير مسبوقة في العاصمة إسلام أباد ومدينة راولبندي المجاورة لها، ومدينة لاهور، وذلك فضلاً عن تعطيل شبكات الهواتف المحمولة في تلك المدن.

كما قامت السلطات الأمنية بإلقاء القبض على أكثر من 500 من قيادات وأنصار حركة "منهاج القرآن"، لمنع الحركة من تنظيم مظاهرات وإعتصامات. لكن كل تلك الخطوات لم تحل دون وصول أنصار القادري إلى مطار لاهور وقبله إلى مطار إسلام أباد، وتنظيم مظاهرات كبيرة في العديد من المدن.

في هذه الأثناء، دعت الأحزاب السياسية والدينية الباكستانية، الجانبين إلى حل المشكلة، مطالبة الحكومة بعدم استخدام القوة ضد أنصار حركة "منهاج القرآن"، خصوصاً أن أحداث يوم 17 من الشهر الجاري، التي أسفرت عن مقتل 14 من أنصار القادري، قد خلقت أجواء من الاحتقان في باكستان.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الباكستاني افتخار حسين، "إن الحكومة الباكستانية إذا اختارت ممارسة العنف مع المتظاهرين، فإنها ستخلق أزمة أمنية حادة لا تحمد عقباها، وإن الحكومة لا محالة سترضخ إلى مطالب قادري في نهاية المطاف".

فيما وصف زعيم المعارضة في البرلمان الاتحادي خورشيد شاه، تعامل الحكومة مع القادري وأنصاره باللامنطقي، وشدد على أن تحترم الحكومة رأي الشعب عموماً، ورأي أنصار القادري على وجه الخصوص، وأن تتعامل معهم داخل أطر قانونية.

وكان 14 من أنصار حركة "منهاج القرآن"، قد لقوا حتفهم إثر مواجهات مسلحة مع عناصر الشرطة في منطقة مادل تاون، وسط مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب.

وقد بدأت الصدامات بين الطرفين، بعدما حاولت الشرطة إزالة الحواجز من أمام منزل ومكتب القادري، الأمر الذي رفضه مؤيدوه، ونتجت عنه اشتباكات مسلحة بين الطرفين.

وقد أثار مقتل المتظاهرين امتعاض الأحزاب السياسية الباكستانية بتوجهاتها المختلفة، ووجهت انتقادات شديدة إلى الحكومة. كما قامت الحكومة المحلية في إقليم البنجاب بإقالة وزير القانون رانا ثناء الله، وعدد من المسؤولين الأمنيين، وشكلت لجنة قضائية للتحقيق في الموضوع.

وكان القادري، قد نظم اعتصاماً أمام مبنى البرلمان الاتحادي في العاصمة إسلام أباد، في يناير/كانون الثاني 2013، شارك فيه عشرات الآلاف من أنصاره، للمطالبة بإجراء إصلاحات في قانون الانتخابات. وانتهى الاعتصام الذي استمر عدة أيام، إثر محاولات بذلتها بعض الأحزاب السياسية، على رأسها حزب الرابطة الإسلامية جناح قائد أعظم، وتوصلت الحكومة الباكستانية آنذاك إلى اتفاق مع القادري، على إجراء إصلاحات في قانون الانتخابات. لكن تلك الاتفاقية وبنودها باتت مجرد حبر على ورق بعد عودة المعتصمين إلى منازلهم.

دلالات
المساهمون