انقسام المعارضة السورية يهدد تقدّمها في حلب

05 يوليو 2015
أحياء حلب الغربية باتت في مرمى المعارضة (الأناضول)
+ الخط -

أطلقت قوات المعارضة السورية في مدينة حلب عمليتها العسكرية، والتي كانت تحضّر لها منذ شهرين، وترمي إلى السيطرة على المناطق الخاضعة للنظام السوري وسط وغرب مدينة حلب. وتمكّنت قوات المعارضة بعد يومين من بدء هجومها غير المسبوق على خطوط الاشتباك غرب حلب من كسر خط الدفاع الاستراتيجي لقوات النظام في المنطقة، ذلك بعد سيطرتها على ثكنة البحوث العلمية التابعة لوزارة الدفاع السورية في مدخل حلب الغربي، لتصبح أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها النظام في مرمى قوات المعارضة لأول مرة.

وأعلنت غرفة عمليات "فتح حلب"، المكوّنة من أكبر فصائل المعارضة السورية في مدينة حلب، عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، عن سيطرتها على ثكنة البحوث العلمية الواقعة شرق حي الراشدين الشمالي. وبث المكتب الإعلامي في حركة نور الدين زنكي، أحد أكبر فصائل المعارضة المنضوية في غرفة "فتح حلب"، تسجيلاً مصوراً يظهر المئات من عناصر الحركة وهم يتجولون في مباني البحوث العلمية، والتي حاولت قوات المعارضة اقتحامها طوال السنوات الثلاث الماضية قبل أن تنجح في السيطرة عليها أخيراً يوم الجمعة الماضية.

أهمية البحوث العلمية التي سقطت بيد قوات المعارضة، لا تقتصر على كونها مجموعة من المباني والصالات التي تحوي أهم خطوط إنتاج الصواريخ في الجيش السوري، بل تمتدّ إلى كونها أحد أهم ركائز خط الدفاع الصلب الممتد من فرع الاستخبارات الجوية شمال غرب مدينة حلب وصولاً إلى كتيبة الدفاع الجوي غرب حي الزهراء ومن ثم ثكنة البحوث العلمية وصولاً إلى أكاديمية الأسد للعلوم العسكرية وسكن الضباط القريب منها ومن ثم أبنية "الروس" في حي الحمدانية، وأخيراً مدرسة المدفعية ومدرسة التسليح التابعتين للجيش السوري في حي الراموسة عند مدخل حلب الجنوبي الغربي. وشكّلت هذه الثكنات العسكرية مجتمعةً طوال السنوات الثلاث الماضية خطاً دفاعياً قوياً لقوات النظام، منع المعارضة من التقدّم نحو مناطق سيطرة النظام في أحياء حلب الغربية.

الأهمية العالية لثكنة البحوث العلمية التي سيطرت عليها قوات حركة نور الدين زنكي ولواء درع الجبل ولواء الحرية المنضوية في غرفة "فتح حلب"، دفعت قوات النظام السوري إلى استهداف الثكنة بأربع وخمسين ضربة جوية وصاروخية بعد سيطرة قوات المعارضة عليها بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، والذي أشار إلى أن النظام دفع بقوات تابعة لـ"حزب الله" اللبناني لاستعادة الثكنة الاستراتيجية، من دون أن تنجح في ذلك بسبب مقاومة قوات المعارضة العنيفة.

وأوضح مصدر من حركة نور الدين زنكي لـ"العربي الجديد" أن قوات المعارضة تحاول تكريس سيطرتها بشكل تام على ثكنة البحوث العلمية، قبل أن تطلق المرحلة الثانية من هجومها الرامي لإنهاء وجود قوات النظام في حلب، موضحاً أن حي حلب الجديدة أصبح للمرة الأولى، في مرمى نيران المعارضة، والتي تمكنت بحسب المصدر من تدمير دبابة عند المدخل الغربي للحي ومدرعة ناقلة للجنود قرب دوار السلام على الطريق الذي يصل شارع مستشفى الشهباء بطريق المنصورة في حلب الجديدة، وذلك بصواريخ موجّهة مضادة للدروع من نوع "تاو" أميركية الصنع.

وجاء هذا التقدّم الكبير لقوات المعارضة المنضوية في غرفة عمليات "فتح حلب"، بعد يوم واحد فقط من خوض قوات المعارضة الإسلامية المنضوية في غرفة عمليات "أنصار الشريعة" بقيادة "جبهة النصرة"، معارك عنيفة مع قوات النظام على جبهة حي الزهراء شمال غرب حلب، من دون أن تنجح القوات الإسلامية بتحقيق تقدّم يُذكر في المنطقة، ذلك بسبب تحضير قوات النظام خطوط دفاع متعددة في المنطقة اعتمد فيها على تفخيخ المباني قبل الانسحاب منها من ثم تفجيرها عند دخول المعارضة إليها، قبل شن هجوم معاكس على قوات المعارضة.

كبّدت هذه الاستراتيجية لقوات النظام على جبهات القتال في حي الزهراء، قوات المعارضة أكثر من مائة وأربعين قتيلاً، بحسب مصادر المعارضة، كانت نسبة كبيرة منهم من فصائل غرفة عمليات "أنصار الشريعة".

اقرأ أيضاً: قوات المعارضة تهاجم النظام في حلب وتستبق في الزبداني

وجاء ذلك ليزيد من التساؤلات حول سبب انشقاق فصائل المعارضة الإسلامية في حلب عن غرفة عمليات "فتح حلب" وتشكيلها يوم الخميس الماضي غرفة عمليات "أنصار الشريعة"، إذ أعلنت فصائل إسلامية عدة أبرزها "جبهة النصرة" و"جبهة أنصار الدين" وحركة "مجاهدي الإسلام" و"أنصار الخلافة" و"فجر الخلافة"، وحركة "أحرار الشام"، عن تشكيل غرفة "أنصار الشريعة" بعد أن كان معظمها، باستثناء "النصرة"، منضوياً في غرفة "فتح حلب".

وأشار مصدر في قيادة غرفة عمليات "فتح حلب" لـ"العربي الجديد"، إلى أن سبب تشكيل "النصرة" والفصائل الإسلامية غرفة عمليات "أنصار الشريعة" يعود إلى خلافها مع فصائل "فتح حلب" حول مصير مؤسسات الدولة والأملاك العامة في حلب، بعد سيطرة قوات المعارضة على المدينة، إذ اتفقت فصائل "فتح حلب" على أن هذه الأملاك والأموال العامة ومؤسسات الدولة هي ملك للشعب ويجب الحفاظ عليها وحمايتها وضمان استمرار عملها، إلا أن ذلك لم يعجب "النصرة" والفصائل المقربة منها، والتي آثرت أن تشكّل غرفة عمليات مستقلة وخاصة بها لكي لا تلتزم بالوثائق التي اتفقت عليها فصائل "فتح حلب"، والتي تتضمن كيفية إدارة مدينة حلب بعد بسط قوات المعارضة السيطرة عليها.

وإذا كان ذلك ينذر بصدام قد يندلع مستقبلاً بين فصائل "فتح حلب" وفصائل "أنصار الشريعة"، فإنه قد يزيد من احتمال فشل المعارضة في تحقيق النجاح في عمليتها العسكرية الرامية للسيطرة على حلب بالكامل.

ولا ينفي ذلك وجود تنسيق بين الغرفتين خلال العمليات العسكرية التي تخوضها المعارضة ضد قوات النظام غرب حلب، إذ تمكّنت قوات "فتح حلب" من السيطرة على منطقة بيوت مهنا قرب كتيبة الزهراء غرب حلب في الوقت نفسه الذي كانت فيه فصائل "أنصار الشريعة" تحاول اقتحام حي الزهراء من محور مدرسة الطبري وجامع الرسول الأعظم، قبل أن يقع العشرات من قوات كتائب "ثوار الشام" تحت حصار النظام لتقوم قوات لواء الأنصار وحركة نور الدين زنكي التابعة لـ"فتح حلب" بالتدخّل لفك الحصار عنها.

اقرأ أيضاً: المعارضة تتقدم في حلب وعشرات القتلى من "جبهة النصرة"

المساهمون