انعكاسات الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

27 فبراير 2018
+ الخط -
بعد تأسيس الدولة الصهيونية في عام 1949، عارضت الولايات المتحدة الأميركية إعلان إسرائيل القدس عاصمتها. كذلك عارضت الولايات المتحدة ضم إسرائيل للقدس بعد حرب 1967، وقد اقترحت حينها أن يكون مستقبل القدس موضوع تسوية تفاوضية. وحافظت الإدارات اللاحقة على نفس السياسة التي مفادها بأن مستقبل القدس لن يكون قراراً أحادي الجانب، حتى لا يضر بمسألة المفاوضات، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وفي عام 1995، أصدر الكونغرس قانون سفارة القدس الذي ينصّ صراحة على رغبة الولايات المتحدة في الاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في موعد أقصاه خمس سنوات. إلا أن الرؤساء الأميركيين كانوا يأجلون تنفيذ وتطبيق هذا القانون كل ستة أشهر، كما يسمح لهم الدستور الأميركي، في انتظار الوقت المناسب لتنفيذ هذا القرار وليس لعدم موافقتهم عليه وخوفهم من تداعيات اتخاذ هذا القرار وتأثيره على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2017، أعلن ترامب أن القدس المحتلة عاصمة إسرائيل وأمر بنقل سفارته إليها، ضارباً بكل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية عرض الحائط والاستقرار في منطقه الشرق الأوسط. وتزامن هذا القرار مع مرور 100 عام على وعد بلفور، الذي أعطى فلسطين هدية للعصابة الصهيونية؛ يعطون ما لا يملكون إلى من لا يستحق، على حساب الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية.


توقيت إعلان هذا القرار يعكس أربعة أمور رئيسية:

الأمر الأول: الأساسي، وهو ضعف وتخلف الأمة العربية والإسلامية وحالة غياب تام للوعي الجمعي للأمة مع إحساس عارم بالهزيمة النفسية والعجز واليأس والتيه.

الأمر الثاني: ضعف الأنظمة العربية بشكل عام، فهي تعاني مشاكل متعددة أهمها: أزمة شرعية ووجود، فمن المعلوم أن الأنظمة العربية جاءت عبر انقلابات عسكرية وأخرى عبر التوريث، فليس هناك نظام عربي جاء عبر انتخابات ديمقراطية حقيقية.

كذلك تعاني أزمة اقتصادية كبيرة، فهناك فشل كبير على المستوى الاقتصادي بسبب الفساد وسوء الإدارة، ما جعلها عبئاً ثقيلاً على الناس، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لاستباحة هذه الأنظمة وابتزازها من قبل إسرائيل والولايات المتحدة التي قامت بالتطبيع والتحالف مع إسرائيل بشكل غير مسبوق.

الأمر الثالث: يعكس توجه الإدارة الأميركية المنحازة كلياً إلى الكيان الصهيوني التي كانت في كل وقت تحاول أن تقدم نفسها على أنها وسيط نزيه لحل النزاع العربي الإسرائيلي إلى أن أسقط ترامب ورقة التوت الأخيرة ليظهر بشكل واضح وجلي وجهها القبيح وتثبت بما لا يدع للشك بأنها وسيط غير نزيه في ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي.

الأمر الرابع: هو طبيعة النظام العالمي من حيث إنه أحادي القطب، ما يجعل الولايات المتحدة تمارس البلطجة على شعوب العالم، تستنفد ثرواتها وتتدخل في شؤونها بدون رادع. وآلية عمل النظام الدولي من حيث احتكار حق الفيتو لصالح 5 دول كبرى دون البقية من دول العالم، حيث يحدد مصير العالم كله خمس دول فقط، وانعكاسات استخدام الفيتو من قبل الولايات المتحدة في الصراع العربي الإسرائيلي ومنع صدور أي قرار دولي يدين إسرائيل.

أهم القرارات والقوانين الدولية التي انتهكتها الإدارة الأميركية باعترافها بأن القدس عاصمة لإسرائيل:

1- قرارات مجلس الأمن: 242 - 253 - 456 - 478 - 672 - 2334.

2- قرارات الجمعية العامة: 181 - 303 - 2253.

مجمل هذه القرارات تشجب وتستنكر وتدعو إسرائيل إلى إلغاء كل أنشطة الاستيطان في المدينة والانسحاب إلى حدود حرب 1967.
3D69939F-DB94-4018-93F8-77A3B0C38752
مصدق شعله

مدون مصري، حاصل علي دبلومة في العلاقات الدولية، ومهتم بالسياسة وعلومها.