انطلاق ماراثون تشكيل الحكومة التركية الإثنين

11 يوليو 2015
داود أوغلو يبدأ لقاءاته الإثنين المقبل (حقان جوكتيبي/الأناضول)
+ الخط -

ينطلق ماراثون اللقاءات لتشكيل الحكومة التركية بداية الأسبوع المقبل، مع تكليف الرئيس رجب طيب أردوغان، زعيم حزب "العدالة والتنمية" أحمد داود أوغلو، رسمياً، أول من أمس الخميس، بتشكيل الحكومة.

اقرأ أيضاً: تركيا نحو تشكيل الحكومة: سيناريوهات الائتلاف المقبل 
وبدأت مع يوم الخميس أيضاً، مهلة الـ45 يوماً التي يتيحها الدستور للنائب المكلف بتشكيل الحكومة لعرض حكومته على البرلمان للتصويت على الثقة. وأكّد داود أوغلو أنّ الجولة الأولى من المحادثات مع أحزاب المعارضة تبدأ قبل عيد الفطر، خلال الأسبوع المقبل، قائلاً إنّ "طريقتنا ستكون واضحة وملتزمة بالتقويم الزمني الذي وضعناه لأنفسنا، لن نخفي أي شيء عن الرأي العام، وسنجري لقاءاتنا بشكل شفاف، وسنكون بنّائين، وسنبذل ما بوسعنا لتأليف حكومة شراكة قادرة على العمل بشكل جيد".

ويرتقب أن يلتقي وفد "العدالة والتنمية" بحزب "الشعب الجمهوري" يوم الإثنين المقبل، بينما يلتقي "الحركة القومية" الثلاثاء، و"الشعوب الديمقراطي" يوم الأربعاء.

وعلى الرغم من أن حكومة أقلية هي أمر غير مرحب به، بحسب أردوغان، إلا أنها ليست مستحيلة، في حال تعذّر التفاهم بين "العدالة والتنمية" مع أي من "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، خصوصاً في ظل التغيير الواضح في الموقف الحاد الذي اتخذه "العدالة والتنمية" من حزب "الشعوب الديمقراطي" (ذي الغالبية الكردية) أخيراً، إذ تبقى عملية السلام بين أنقرة وحزب "العمال الكردستاني" هي الأولوية بالنسبة للحزب.

وأشار داود أوغلو قبيل توجهه إلى البوسنة، إلى أن "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" هما الحزبان اللذان ستتركز عليهما مفاوضات تشكيل الحكومة، رغم أن اللقاءات ستشمل "الشعوب الديمقراطي" أيضاً، قائلاً "نحن نقف على مسافة متساوية من كل من الحركة القومية والشعب الجمهوري، وسنلتقي الجميع"، مضيفاً أن "العدالة والتنمية حزب قوي. أجرينا استشاراتنا مع المؤسسات والهيئات والقواعد الحزبية، وكان أن توصلنا لقناعة بإمكانية تشكيل الحكومة الائتلافية مع كل من الشعب الجمهوري والحركة القومية".

في هذه الأثناء، بدا زعيم "الحركة القومية"، دولت بهجلي، أكثر انفتاحاً ومرونة، وذلك رغم الخطوط الحمراء التي كان قد وضعها للمشاركة في الحكومة الائتلافية، إذ أكد أنّ حزبه لن يتردد في فعل ما بوسعه للحفاظ على الاستقرار السياسي في البلاد.

في المقابل، يبدو "العدالة والتنمية" الأكثر هدوءاً وسكينة في مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية، رغم المسؤولية التي تقع على عاتقه في هذا الجانب، لأنه يعمل على أن يكون رابحاً في جميع الحالات. 

ففي حال نجح في فرض شروطه وتمرير الحكومة كما يريد، فإن هذا سيكون نجاحاً آخر له يضاف إلى قائمة النجاحات. وإن لم ينجح، فإن ذلك سيثبت ما تقوم به ماكينة الحزب الإعلامية من أن "حفاظ العدالة والتنمية على الغالبية هو الضامن للاستقرار"، وأن أحزاب المعارضة "قاصرة بأدائها السياسي عن تحمل مسؤولية البلاد"، وبالتالي سيكون التوجه إلى انتخابات إعادة أو انتخابات مبكرة أمراً يصب في مصلحة "العدالة والتنمية"، الذي قد ينجح حينها في استعادة الغالبية البرلمانية التي تتيح له التفرد بتشكيل الحكومة.

ويمثل الاحتمال الأخير ضغطاً كبيراً على مختلف أحزاب المعارضة، الأمر الذي دفعها إلى إبداء مواقف أكثر مرونة والتأكيد على أنّها ستفعل ما بوسعها للحفاظ على الاستقرار وتأليف الحكومة، لكن ذلك أغضب زعيم "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو.

وفي محاولة منه لتخفيف الأثر النفسي لتلك البروباغندا على المفاوضين والأحزاب والناخب التركي، دعا "العدالة والتنمية" إلى عدم ابتزاز أحزاب المعارضة بالتلويح بالذهاب إلى انتخابات مبكرة في حال فشلت جهود إنشاء الحكومة الائتلافية، قائلاً إن "داود أوغلو لن يستطيع فرض شروطه في تشكيل الحكومة فقط لأنه حصل على أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات، إن الحديث بطريقة "فلنشكل الحكومة أو سنذهب لانتخابات مبكرة" هو أمر غير مقبول، لا أحد يستطيع ممارسة السياسة عبر الابتزاز. لكن إذا فعل داود أوغلو ذلك، فسنذهب لانتخابات مبكرة ولن تكون نهاية العالم".

لا تزال خيارات "العدالة والتنمية" في تشكيل الحكومة مفتوحة تماماً، إلا أن الخيار الأقرب حتى الآن هو تشكيل حكومة تحالف كبير مع "الشعب الجمهوري"، خصوصاً في ظل تعنت "الحركة القومية" بخطوطه الحمراء في إيقاف عملية السلام مع "العمال الكردستاني" (رغم ليونة زعيم الحزب الأخيرة).


اقرأ أيضاً تركيا: عملية السلام مفتاح تشكيل الحكومة الجديدة

ورغم الخلافات الكبيرة و"فقدان الثقة" بين قواعد الحزبين، هناك الكثير مما قد يدفعهما للتحالف، إذ إن "الشعب الجمهوري" بحاجة إلى العودة للحكم لتحقيق أي شيء من وعوده وتقوية موقفه أمام الناخب التركي، بينما "العدالة والتنمية" بحاجة إلى التحالف مع حزب لا يشكل أي منافسة له في استمالة الناخب اليميني التركي، خصوصاً أن عمر الحكومات التركية الائتلافية قصير في العموم، ويشير معظم المراقبين إلى أن الانتخابات المقبلة لن تتأخر لما بعد نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

المساهمون