انطلاق الرحلة الرئاسية اللبنانية اليوم: جسّ النبض سيّداً

23 ابريل 2014
+ الخط -

سيملأ النواب اللبنانيون، ظهر اليوم الأربعاء، مجلسهم وهم ينتظرون تمرير صندوق الاقتراع عليهم، لإيداع أصواتهم وخياراتهم الرئاسية. سقط سيناريو تعطيل الجلسة بفقدان النصاب القانوني (حضور أقل من ثلثي الأعضاء)، بتأكيد كل الكتل مشاركتها في الاستحقاق. إذاً، تنطلق الدورة الانتخابية الأولى، التي لن تحمل معها أي جديد، مع بقاء الاصطفافات السياسية للكتل على حالها. تذهب الأصوات إلى مرشح 14 آذار، سمير جعجع، ومرشح "اللقاء الديموقراطي" (كتلة النائب وليد حنبلاط) هنري حلو، بينما اختارت كتل فريق 8 آذار صيغة الورقة البيضاء، في محاولة لترك أبواب "التوافق" مفتوحة أمام مرشّحَيها الرئيسَين، النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، وعدم وضعهما في موقع تمثيل 8 آذار فقط. تلقائياً، يدعو رئيس المجلس لدورة انتخابية ثانية "يتعطّل النصاب فيها"، بحسب مصادر نيابية، ما يضطر رئيس المجلس إلى رفع الجلسة وتحديد موعد للدورة الانتخابية الثانية.

تتوقع قوى 14 آذار ان ينال مرشحها جعجع 51 صوتاً على الأقل، من 57 نائباً ينضوون تحت جناح هذا الفريق. وبعد إعلان تيار المستقبل (39 نائباً مع احتساب أعضاء تكتل لبنان أولاً) وحزب الكتائب (5 نواب) تبنّي ترشيح جعجع (كتلة القوات اللبنانية مؤلفة من 8 نواب)، قرّر نواب في الشمال اللبناني، فجأة، التراجع عن دعمه العلني، وذلك "تماشياً مع مشاعر أهل طرابلس والشهيد رشيد كرامي (المتّهم جعجع باغتياله عام 1987)". فيتراجع العدّاد النيابي لـ14 آذار، ويضاف إلى ذلك الغياب المحسوم لكل من النائبين سعد الحريري (رئيس تيار المستقبل) وعقاب صقر (عضو كتلة المستقبل) لوجودهما في الخارج.

أما فريق 8 آذار، فيلتزم جميع من فيه بـ"الورقة البيضاء"، أي تكتل التغيير والإصلاح (27 نائباً) وكتلة حزب الله "الوفاء للمقاومة" (13 نائباً) و"أمل"، "كتلة التنمية والتحرير" (13 نائباً) وكتلتا القومي والبعث (أربعة نواب). على ان ينقص عدد هذه الأوراق في ظل إمكانية غياب بعض أعضاء هذه الكتل، تحديداً النائب ميشال عون "الذي لم يحسم مشاركته بعد"، بحسب ما قالت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ"العربي الجديد". لتضع هذه المصادر احتمال غياب البعض "لعدم جدية الجلسة"، الأمر الذي يخفض رقم هذا الفريق إلى 55 صوتاً من 57.

وفي الوسط، يجلس النائب وليد جنبلاط على رأس كتلة "اللقاء الديموقراطي" (11 نائباً) بعدما رشّح النائب هنري حلو (عضو الجبهة) الذي نال أيضاً دعم كل من النائبين نجيب ميقاتي وأحمد كرامي، ليبقى أربعة نواب آخرين مستقلّين لا ينتمون إلى أي طرف، وينتظرون الأجواء السياسية لتحديد مواقفهم.

 

الإشارات السياسية

تتأرجح الأرقام في صفوف الكتل النيابية من دون ان يكون لها أي حسم أو معنى، لتبقى الأمور على حالها: سيدخل النواب ويخرجون من دون انتخاب رئيس، إلى ان يحدّد الرئيس نبيه بري موعداً جديداً للدورة الانتخابية الثانية، المتوقع عقدها مطلع الأسبوع المقبل.

كل الأنظار كانت مصوّبة إلى النائب وليد جنبلاط الذي أخرج نفسه من ورطة "الخيارات" بين مرشحي 8 آذار و14 آذار. فقدّم خياراً آخر يتمثّل بمرشّحه، هنري حلو، في محاولة منه لإفهام طرفي الصراع أنه لن يرضخ للضغوط. وردّ جنبلاط بذلك على من سأله من 8 آذار وعلى من حاول الاستفسار من 14 آذار، عن نوايا دعم جعجع أو عون لرئاسة. لم يقتنع الطرفان بأول جواب شبه علني قدمّه، والقائل بإنّ وصول أيّ من الرجلين يؤسس لحرب أهلية.

جاءت الترجمة الفعلية بدعوة الجميع إلى تقديم التنازلات والاقتناع بضرورة التوصل إلى رئيس وسطي للجمهورية. ولطالما كان كل من في المجلس مقتنعاً بأنّ المفتاح بيد جنبلاط، جاء الأخير ليفتح بجدية بازار الأسماء الوسطية تحضيراً للدورة الانتخابية الثانية.

يقتصر دور الأرقام والأعداد في جلسة اليوم الأربعاء، على توضيح بعض الإشارات. ففي فريق 14 آذار، ينتظر الجميع مدى التزام حزب الكتائب في دعم جعجع، خصوصاً مع تأكيد الكتائبيين على كون الرئيس أمين الجمّيل (رئيس حزب الكتائب) "مرشح دائم وطبيعي لمنصب الرئاسة". قد يلتزم الكتائبيون بما أعلنه المكتب السياسي للحزب من دعم جعجع، "على ان يفتح هذا الدعم الأبواب أمام تأييد جميع الحلفاء للجميّل في الدورة الثانية"، بحسب ما يقول أحد نواب الحزب.

تبقى الإشارة الأهم، المنتظرة من جانب الرئيس نبيه بري. لقد أكد الرجل أمام زواره، "إدراكه التام لاستحالة انتخاب أي رئيس خارج إطار التوافق"، ما فسّره البعض على أنه "إمكانية ان يدفع بري عدداً من نوابه إلى اختيار اسم المرشح الوسطي، هنري حلو، كتعبير عن خيار الوسطية والتوافق"، فتخلط الأوراق من جديد، بانتظار ساعة الحسم التي ستسبقها الكثير من اللقاءات والاتصالات، الداخلية والخارجية.