لم يكن بائع الخضار محمد عاشور أمام فسحة من الخيارات للتصرف في الخضروات المختلفة المكدسة لديه، إلا أن يبيعها بأقل الأسعار، أو تتعرض للتلف، وعلى كلا الجهتين سيكون أمام خسارة واضحة.
وشهدت أسواق قطاع غزة حالة تذبذب في أسعار الخضروات بشكل ملحوظ ومالت نحو الانخفاض الكبير، نتيجة الظروف الاقتصادية وتأخر صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية والتي صرفت بنسبة 50% فقط بعد شهر من استحقاقها، مما عرّض كثيرين من بائعي الخضروات، والمزارعين أيضاً إلى خسائر كبيرة.
وأوضح عاشور لـ"العربي الجديد" أنّ انخفاض أسعار الخضروات ووجود كميات كبيرة منها أدى إلى تراجع طلب المواطنين عليها، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، لافتاً إلى أنّ كثيرا من الكميات لديه تعرضت للتلف والفساد.
وتراجعت القدرة الشرائية لدى المواطنين في قطاع غزة بشكل كبير وملموس، ما أثر على الحركة التجارية بشكل عام في أسواق غزة، حتى في المنتجات الأساسية كالخضار والفواكه التي تأثرت أسعارها بتراجع القدرة الشرائية.
ووصلت أسعار بعض الخضار إلى شيكل الواحد (الدولار = 3.45 شيكل) وبعضها إلى أقل من ذلك، حيث بيع البعض منها الكيلوين بشيكل واحد، الأمر الذي كبّد المزارعين والباعة خسائر فادحة، عدا عن وفرة الكميات التي تتعرض للتلف السريع بسبب ارتفاع درجات الحرارة وبقائها لديهم لأيام.
وتعرّض أكثر من 25 ألف مزارع في قطاع غزة للخسارة المباشرة بسبب أزمة جائحة كورونا وما تبعها من حالة طوارئ أدت إلى إغلاق المعابر الحدودية بشكل شبه كامل، وإغلاق الأسواق المركزية في المدينة، وتعطل المدارس والجامعات والمطاعم أيضاً.
وقال الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، لـ"العربي الجديد"، إنّ أرقام الخسائر كبيرة وصعبة في القطاع الزراعي. وما يزيد الأمر سوءاً أنّ الأزمة ما زالت مستمرة ويصعب حصر خسائرها حتى اللحظة.
وأوضح أنّ أسباب عدّة ساهمت في تذبذب أسعار الخضار، أبرزها الحصار المتواصل منذ 14 عاماً، ما أدى إلى منع التصدير، وتأخر صرف الرواتب وحالة الطوارئ التي مرّت بها البلاد بسبب جائحة كورونا، حيث تأثرت مواسم الخضروات بسبب إغلاق المطاعم وصالات الأفراح وكافيتريات ومقاصف المدارس والجامعات.
ونبّه الناطق باسم وزارة الزراعة، إلى أنّ ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تسارع إنتاج الخضار بشكل كبير، مما يزيد من وفرة أنواع مختلفة في الأسواق وتعرّضها لحالة من التذبذب في الأسعار تسبب خسارة كبيرة للمزارعين والتجار.
وفاقت خسائر القطاع الزراعي، منذ حلول أزمة جائحة كورونا، أكثر من مليون دولار في مدة قصيرة، فيما يخشى أن تزيد الأزمة من حجم هذه الخسائر حال استمرارها.
ويعمل في القطاع الزراعي في قطاع غزة أكثر من 35 ألف مزارع وعامل، وتمثل الزراعة إحدى ركائز الأمن الغذائي في القطاع.
وأشار البسيوني، إلى أنّ وزارة الزراعة حضت المؤسسات الدولية والمحلية الداعمة بالتوجه لدعم القطاع الزراعي، لا سيما في ظل انخفاض أسعار المنتجات مقابل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مما يعرض المزارعين لخسائر أكثر بكثير.
وبين أنّ حالة الحظر الصحي والطوارئ المفروضة في غالبية دول العالم أدت إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، لافتاً إلى أنّ الأزمة ما زالت تراوح مكانها رغم تراجع إجراءات حالة الطوارئ بغزة من دون بقية دول العالم في ظل عدم وجود حالات كورونا مؤكدة داخل القطاع.
ويعاني المزارعون في غزة من صعوبة التسويق للخارج بسبب الحصار من جهة وحالة الطوارئ من جهة أخرى، مما يخلق حالة من تضخم الإنتاج.
وتسعى الجهات الحكومية في غزة إلى ربط القطاعين الزراعي والصناعي لتوريد الفائض من المنتجات إلى المصانع وتحويلها إلى مواد مصنعة، كالصلصة والتمور والمخللات وغيرها، لخلق حالة من التوازن.