انحياز الدولة فاقم انتشار العشوائيات في مصر

14 ديسمبر 2015
انتشار العشوائيات في مصر(كريستين مونيتر/ Getty)
+ الخط -
مشاهد لا يمكن أن يراها الإنسان إلا في مصر، حيث "عشش" منطقة رملة بولاق (تعبير مجازي، أي بيوت صغيرة لا تصلح للعيش) تفصلها بوابة عالية فقط عن أبراج" النايل سيتي" أحد أشهر أبراج الملياردير نجيب ساويرس. بضع دقائق تفصل بين المنطقتين تظهر حجم التفاوت. مناطق سكنية تتمتع بالخدمات والمال والنفوذ، وأخرى لا تعاني إلا من الفقر والعشوائية.

المزيد من الأعباء

يقول استشاري تطوير المناطق العشوائية الدكتور حمدي عرفه لـ "العربي الجديد": "إن ظاهرة مناطق الأثرياء في مقابل مناطق للفقراء قديمة للغاية، إلا أن الأمر تطور بصورة كبيرة منذ عشر سنوات. فبعد أن كانت تلك المناطق متجاورة تفصلها مساحات قليلة، سعى الأثرياء لشراء الأراضي التي تقام عليها تجمعات الفقراء. ويدلل عرفه على المعركة التي شهدتها منطقة "رملة بولاق" التي تقع بالقرب من وسط القاهرة، والتي تلاصق أبراج "النايل سيتي" ومحاولات الدولة ورجل الأعمال إزالتها بالمخالفة للقانون، والصراعات التي حدثت بين السكان وبين الدولة حيث راح ضحيتها العديد من المواطنين.

اقرأ أيضاً:بعد الثورة المصرية: المواطن يعيش بـ2 جنيه والأمن "يتشخلع"

ويشير عرفه إلى أنه بعد الثورة وحالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر، واقتراب الغالبية العظمى من المتظاهرين نحو المناطق الراقية، ذهبت الدولة إلى تأسيس 27 مدينة لصفوة المجتمع والأثرياء على أطراف 26 محافظة في أفضل المناطق. حيث تتمتع هذه المناطق بأفضل الخدمات، ومخططة بطريقة تناسب الأموال التي يدفعها الأثرياء، وهو الأمر الذي كلف العشوائيات المزيد من الأعباء، حيث سحبت وزارة الإسكان من ميزانيتها المخصصة للفقراء لصالح تقديم خدمات افضل لمناطق الصفوة، ناهيك عن انتشار ثقافة "الكمبوند" حيث يمنع تسلل الفقراء إليها.

تقسيم طبقي

يقول مسؤول حملة تطوير العشوائيات شادي ونيس "إن مصر من أكثر دول العالم التي تعاني من التقسيم الطبقي في التخطيط العمراني، وهو الأمر الذي أنشأت من أجله الدولة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التي تعكف على توفير الراحة والأمان للأثرياء". ويؤكد ونيس على أن تلك الممارسات الطبقية من قبل الدولة ورجال الأعمال في مصر لن تؤدي إلا لزيادة الفقر لباقي السكان، ويعلل ذلك بإن الفقراء يعانون من نقص في كافة الخدمات، غياب مياه الشرب، الكهرباء، والصرف الصحي، مشيراً إلى أن غياب الخدمات تسبب في الكثير من الحوادث الإجرامية، كالسرقة، والقتل أو الاعتداء على الأثرياء.
من جهته، يقول الخبير في تنمية العشوائيات وعضو مجلس محلي أحمد الزيني "إن سياسات الحكومة في مصرهي في الأساس سياسات طبقية منحازة لمجموعات بعينها على حساب باقي الشعب المصري، بالإضافة إلى أن سلوكيات النخبة أو ما يطلق عليهم الصفوة مثيرة لمشاعر الفقراء"، ويدلل على ذلك بوقف تنفيذ مرفق"مترو الأنفاق" في منطقة الزمالك، بسبب الاعتراضات والضغوط التي مارسها سكان تلك المنطقة، ونجاحهم في منع تنفيذ القرار، على حساب ملايين المصريين.
ويضيف الزيني" إن تلك الممارسات التي تقوم بها الحكومات من شأنها التأثير على إنتاجية الفرد، وقدرته على الابتكار والإبداع، لأنه يعلم مسبقًا أن الثروة والسلطة ليست له، بالإضافة إلى انتشار الجريمة، والتسرب من التعليم، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الكلي للبلاد، برغم أن مصر تحتاج إلى جهود أبنائها كافة من أجل النهوض اقتصادياً".

اقرأ أيضاً:المصريون يصرخون: أين العدالة الاجتماعية والاقتصادية؟
المساهمون